على خلفية احداث فرنسا وبلجيكا يقضة امنية في اوروبا تسفر عن جملة من القوانين والاجراءات الاحترازية

    واقعيا فان معظم البلدان الغربية اصبحت ملاذا للعديد من الجاليات الاسلامية بطيفها العام…

 

 

واقعيا فان معظم البلدان الغربية اصبحت ملاذا للعديد من الجاليات الاسلامية بطيفها العام بما في ذلك الشريحة المتطرفة التي تكفر الجميع وتنفرد هي بنهج الحق والحقيقة، السقف المرتفع من الحريات هناك استثمر بشكل سلبي من قبل بعض الوافدين، كانت بالنسبة لهم فرصة مناسبة لنشر الكراهية والبغضاء بين بني البشر، كثير من المراكز الاسلامية تحولت الى منطلق لأثارة النعرات الطائفية والسياسية، وبعضهم انطلق من هناك ليؤسس احزابا مهمتها فقط اقامة الشريعة الاسلامية في المجتمعات الاوربية الضالة من وجهة نظره.

تنامي ظاهرة الاسلام المتطرف الحاضنة الطبيعية للعديد من الجماعات الارهابية، ليس جديدا ان الخلايا الارهابية النائمة في اوروبا التي تتبع الحركات الاسلامية المتطرفة تنتشر في معظم بلدان القارة، هذا ما يعترف به الاوربيون انفسهم لكن المجتمعات الاوروبية قد تبدو قلقة اكثر من السابق من تنامي تلك الظاهرة واتساع رقعتها وربما خروجها عن سيطرة الاجهزة الامنية التي عادة ما تؤكد انها تمسك بزمام المبادرة.

ضغوط الاعلام والحركات المناهضة للتطرف دفعت الاجهزة الامنية في اوروبا الى اجراء سلسلة من الاجراءات الامنية وعمليات استباقية القت القبض من خلالها على خلايا ارهابية في بلدان، كما دفعت السلطات هناك الى التفكير جديا بتشريع قوانين خاصة بالمراكز الاسلامية في اوروبا تتناسب وتحديات الارهاب. بل اكثر من ذلك فان بلدانا اوروبية عديدة اتخذت خطوات اصلاحية في السجون بالنسبة للمعتقلين بتهم الارهاب واستعانت برجال دين مسلمين. اما في النمسا فقد اقر قبل مدة البرلمان النمساوي تعديلا جديدا لـ”قانون الاسلام” الصادر في عام 1912، منع بموجبه المؤسسات الاسلامية من الحصول على دعم خارجي.

ان القلق من تنامي الارهاب في اوروبا دفع الاوروبيين الى تشريع قوانين اكثر صرامة من السابق ولا تنسجم مع سقف الحريات الكبيرة التي توفرها روح القوانين السائدة في اوروبا، لكن القلق من الارهاب يدفع بقوة باتجاه ذلك. فتزايد الفكر الجهادي في اوروبا مدعاة لمراجعة الثغرات القانونية التي ينفّذ من خلالها المتطرفون اجنداتهم في الغرب.

على الجاليات العربية والاسلامية ان لا تتضجر من صرامة الاجراءات بل عليها ان تقف الى جنب السلطات الرسمية بقوة، فالارهاب وضعها في موضع لا تحسد عليه، شئنا ام ابينا اصبحت تلك الجاليات بيئة حاضنة لتفقيس الارهابيين او على الاقل هكذا ينظر لها المحيط الذي تعيش فيه. بل ربما يتعرض المسلم لمواقف اكثر صعوبة، نظرات الجميع من حوله كافية لأفهامه تلك الرسائل الجارحة. لا احد ينكر هذه النظرة فالتوجس من المسلمين بشكل عام اصبح ظاهرة، كانت الصورة سيئة بفعل الممارسات السلبية وتركيز وسائل الاعلام على السلبي في المسلمين. الموجات الاخيرة من العنف زادت الطين بلة. من الخطأ ان يتم تحميلنا جميعا مساوئ الاخرين. ولكن من جهة اخرى لا يمكن ان تجبر الناس ان تدقق وتتابع تاريخ كل شخص. المزاج الشعبي يكون بهذا الشكل وهو قاس احيانا.

الاخر الغربي من جهته يتحمل المسؤولية كما نحن، ان كان المواطن الاعتيادي لا يملك معرفة كافية عن جذور الارهاب في التيارات الاسلامية تمكنه من تشخيص الواقع فهل الجهات الرسمية غافلة فعلا عن خارطة الارهاب وجذوره في الجماعات الاسلامية؟! هل حقا انها لا تعرف ان الوهابية والسلفية الجهادية التي تمتلك عشرات المساجد والمراكز الاسلامية في اوروبا تحمل فكرا دمويا صانع للإرهاب العابر للحدود؟! بين الحين والاخر تسمح السلطات في اوروبا ببناء مساجد يتم تمويلها وادارتها من قبل بلدان خليجية ولا يوجد عاقل في هذا الكون لا يعرف النتائج السلبية التي تتمخض عن تلك المراكز الدينية المنتجة للتطرف!

وحتى تكون الامور واضحة للجميع، فان تفشي الفكر الوهابي في اوروبا وسيطرته على معظم المراكز الاسلامية هناك هو نتاج مجموعة من الاسباب من اهمها: ان القرار في اوروبا يخضع بالدرجة الاولى لسياقات الضغوط الاقتصادية والاعلامية، والوهابية استطاعت النفوذ لهذين المجالين اكثر من الاخرين، وليس ثمة ازعاج للوبي اليهودي في ذلك طالما لا يتم المساس بالمصالح اليهودية في العالم.

السبب الاخر هو التمويل المباشر والسخي جدا لمشاريع من هذا القبيل خصوصا مع غياب المنافس المعتدل الذي بإمكانه تحمل اعباء مالية كبيرة تتطلبها المساجد والمراكز الدينية.

من هنا فليس من المتوقع بسهولة ان تتم محاصرة الفكر المتطرف في اوروبا، وان اكثر الاجراءات ستطال عامة الناس من المسلمين المعتدلين، هؤلاء سيدفعون الثمن، ثمن الكراهية لهم، دفعهم لمزيد من الانعزال بسبب الخوف من الصورة النمطية التي ترسخت عنهم.

 

إقرأ أيضا