ناشط بيئي: الحكومة تجهل إدارة أزمة المياه وتكتفي بقطع الكهرباء عن محطات الفلاحين دون خطط زراعية

في الوقت الذي يجري فيه العراق مفاوضات مع تركيا المصرة على خفض مناسيب المياه لأنهار…

في الوقت الذي يجري فيه العراق مفاوضات مع تركيا المصرة على خفض مناسيب المياه لأنهار العراق التي تعاني من انخفاض كبير، حذر ناشط في مجال البيئة من تداعيات التغيير الديموغرافي الذي سيصاحب الضرر الكبير بالمحافظات الوسطى والجنوبية جراء أزمة المياه “الأقوى” في العراق منذ 30 عاما.

وفيما انتقد إدارة أزمة المياه في العراق، باعتبارها تقتصر على قطع التيار الكهربائي عن محطات ضخ المياه للفلاحين الذين يستخدمون كميات كبيرة من المياه دون خطة زراعية، أشار الى أن سلة العراق الأكبر من حيث المياه هي الموصل وبابل وواسط (بشكل تدريجي)، لافتا الى أن ذلك سيكون على حساب محافظات ميسان والبصرة والمثنى بشكل أكبر.

وتعد الأنهار في العراق المصدر الرئيسي للمياه، وتليها بدرجة أقل مياه الأمطار والمياه الجوفية، وتقدر كمية مياه الأنهار في العراق بنحو 77 مليار متر مكعب سنويا، في المواسم الجيدة، ونحو 44 مليار متر مكعب سنويا في مواسم الجفاف، في حين يقدر إجمالي معدل الاستهلاك لكافة الاحتياجات في العراق بنحو 53 مليار متر مكعب سنويا، مما يعني حدوث عجز في السنين الجافة التي تشهد تناقص مياه الأنهار.

ويقول الناشط البيئي أحمد صالح نعمة في حديث لـ”لعالم الجديد” إن “تركيا لم تسيطر على منابع المياه الداخلة للعراق، لكن مشروع سد (اليسو) الذي يشبه مشروع (الكاب الكبير) بمنطقة حسلكي التركية، سيتم ملؤه على مدار سنتين بمقدار ١١ مليار متر مكعب من المياه المخصصة لنهر دجلة أي بنسبة ٤٩ بالمئة وبالتالي فان نهر دجلة سينتهي تدريجيا”.

ويحمل نعمة “الجهات المعنية بإدارة ملف المياه المسؤولية، لعدم قيامها بوضع استراتيجية علاجية قبل الوصول الى هذه الحال”، لافتا الى أن “التعويل على تركيا غير صحيح، فالأخيرة تطلب تزويدها بالنفط بسعر مخفض مقابل إطلاق كميات أكبر من المياه باتجاه العراق”.

ويوضح أن “لنهر دجلة ثلاثة مغذيات، (الايراني والتركي والعراقي)، الا أن ايران قطعت نهر الكارون عن البصرة والكرخة عن ميسان والزاب عن ديالى”، منوها الى أن “ميسان تعاني من قلة المياه القادمة من محافظة واسط، ولم تأخذ نسبتها المائية المقررة من قبل وزارة الموارد المائية بالرغم من أن الادارة المحلية للمحافظة طالبت زميلتها إدارة واسط باطلاق كميات أكبر من المياه، إلا أن الأخيرة تبرر ذلك من خلال تحمل مناطق جنوب بغداد بالسيطرة على مناسيب المياه عبر تجاوزات الفلاحين وأصحاب أحواض الأسماك، خصوصا أن واسط تأخذ نسبة مياه كبيرة لأنها السلة العراقية الأكبر بعد الموصل والحلة وهذا يكون على حساب ميسان والبصرة”.

وأظهر وزير الموارد المائية حسن الجنابي في وقت سابق، قلقه من حدوث جفاف في الموسم الصيفي القادم، داعيا المحافظات للالتزام بالحصص المائية المقررة.

ويتطرق الناشط البيئي الى “مناطق أطراف ميسان التي تعرضت للجفاف، هي (العدل) و(المجر الكبير) و(الجمشة) و(الكسارة) و(العزير) و(الهدام) و(المشرح) و(الكوميت) و(علي الغربي) و(علي الشرجي)”، منبها الى أن “الحلول التي قامت بها دائرة الموارد المائية بالمحافظة لمعالجة الأزمة هي قطع الكهرباء عن محطة ضخ المياه للفلاحين في شمال المحافظة الذين يستخدمون كميات كبيرة من المياه لمدة خمسة أيام لحين ارتفاع منسوب المياه في وسط وجنوب المحافظة بدون خطة زراعية”، مشيرا الى أن “محافظة المثنى تعتبر المتضرر الاكبر من أزمة المياه القادمة من نهر الفرات، وهذا ما أدى الى هلاك اقتصادها المبني على الزراعة”.

ويختتم نعمة كلامه بالقول إن “أزمة شح المياه أثرت على مربي الجاموس الذين بدأوا يهاجرون إلى مناطق تتمتع بنسبة مياه كبيرة وبالذات في المناطق المتاخمة للأهوار، وخاصة بعد جفاف نهر العز في ناحية الخير ما أثر على الثروة الحيوانية في محافظة ميسان”.

واتفق العراق وتركيا في مارس/آذار 2017 على تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بينهما في 2014، والتي تضمنت 12 فقرة، أبرزها التعاون في مجال إدارة الموارد المائية لنهري دجلة والفرات، وتحديد الحصة المائية لكل دولة في مياه النهرين، بالإضافة إلى أهمية تقييم الموارد المائية وزيادة استخدام المياه في المجالات الزراعية والصناعية وما يتعلق بمياه الشرب.

وفاقم أزمة شح مياه نهري دجلة والفرات مشكلة التلوث بأغلب المحافظات الجنوبية، حيث تصل ذروتها في محافظة البصرة ومناطق الأهوار الجنوبية، التي أصبحت مقرا للملوثات الصناعية، وذلك نتيجة رداءة المياه التي تصل بعد أن تمر بعدد كبير من المناطق، فضلا عن قلة الإطلاقات المائية التي تصل إلى الأهوار.

إقرأ أيضا