ناشطون إيزيديون: القرار الأممي بمعاقبة مرتكبي “الإبادة” ضمان لعدم إفلاتهم من المحاكم المحلية

أثار قرار التحقيق بالمجازر التي ارتكبها تنظيم “داعش” بحق الإيزيديين في اب اغسطس 2014، ارتياحا…

أثار قرار التحقيق بالمجازر التي ارتكبها تنظيم “داعش” بحق  الإيزيديين في اب اغسطس 2014، ارتياحا وسط الشارع الايزيدي، ولدى المدافعين عن حقوق الانسان، حيث شدد البعض على معاقبة مرتكبي الجرائم في محاكم دولية، مطالبين بالتحرك الجاد والفوري لتقديم المجرمين الى محاكم دولية، وليست محلية، حيث اعتبروا معاقبة مرتكبي الجرائم محليا ضياعاً لحقوق الضحايا.

ويقول النائب التنفيذي لمنظمة يزدا العالمية أحمد خديده، ان “هذا القرار هو أهم قرار صدر لجهة دولية عليا منذ حدوث الإبادة الإيزيدية، لأن عمل هذا الفريق تكمن في جمع وتحليل الأدلة بصورة قانونية وحفظها، وكذلك استخدامها في المحاكم الدولية والمحلية، وبالتالي فان هناك إمكانية كبيرة جداً للاعتراف بالابادة الايزيدية بصورة قانونية في المستقبل القريب أو بعد إتمام الفريق عمله في العراق”.

وأعلنت بعثة الامم المتحدة “يونامي”، في 7 اب اغسطس الماضي، ان مستشارها الخاص ورئيس فريق التحقيق للمساءلة عن جرائم تنظيم داعش الارهابي كريم أسعد أحمد خان باشر مهامّه في العراق، وذلك بموجب قرار مجلس الأمن رقم/ 2379 / عام 2017.

وكان مجلس الأمن الدولي قرر بالإجماع في 21 أيلول سبتمبر الماضي تشكيل فريق تحقيق لجمع الأدلة المرتبطة بمجازر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، بحق الأقلية الايزيدية وغيرها من الفضائع التي ارتكبها التنظيم في العراق. وصاغت بريطانيا مسودة القرار الذي يدعو الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى تشكيل فريق تحقيق برئاسة مستشار خاص لدعم الجهود الرامية إلى محاسبة تنظيم “داعش”.

ويضيف خديده أن “الفريق يقوم الان بجمع الادلة عن حصول جرائم حرب أو انتهاك لحقوق الانسان، أو لحصول الابادة الجماعية التي قام بها ارهابيو داعش”، مشيرا لاى أن “الامر سيعتمد على تعاون الناجين والناجيات والضحايا والجهات الايزيدية مع الفريق”.

يبين أن “هذا الفريق سيعمل بتمويل واشراف مجلس الامن الدولي وهي اعلى واقوة جهة دولية في العالم، وسيمتلك حرية التنقل في جميع مناطق العراق، ومن ضمنها مناطق الايزيديين بدون أية إعاقة، وسيكون لديه الحق في الالتقاء بأي شخص أو جهة بدون منع من أية جهة سياسية أو حكومية، كما أن الفريق سيكون مستقلا بصورة كاملة، وتحت إشراف مجلس الأمن والأمم المتحدة، حسبما ذكر في بنود عمل الفريق”.

ويردف أن “عملية تشكيل فريق دولي كان صعبا للغاية في البداية، وأن أول مقترح لتشكيل هذا الفريق، قدم لمجلس الامن من قبل المحامية الدولية أمل كلوني، نيابة عن يزدا ونادية مراد، وعن طريق الحكومة البريطانية في صيف ٢٠١٦، وكان المقترح مكونا من ١٦ صفحة، وبعدها التقت منظمة يزدا بجميع أعضاء مجلس الأمن، وتدخلت الحكومة العراقية في الموضوع بعد أن أصبح الموضوع جدياً، وحدثت تغييرات كثيرة للمقترح حتى تم التصويت عليه بمجلس الامن في ايلول سبتمر ٢٠١٧.

ويشير نائب المدير التنفيذي للمنظمة “في هذه المرحلة الاهم هو جمع وحفظ وتحليل الادلة المتبقية من جرائم داعش في المقابر الجماعية، وفي ارشيف الجهات المحلية والدولية، وفي ذاكرة الناجيات والناجين والمتهمين والمنتمين لداعش في السجون العراقية، وبعد جميع كل هذه الادلة وبصورة قانونية سيكون هناك خزين كامل للمعلومات عن جرائم داعش ضد الأيزيديين والمكونات العراقية الاخرى، كل من على حدة، ثم ستستخدم هذه الادلة ضد المنتمين لداعش في السجون العراقية في المحاكم العراقية، ولكن سيحق لدول العالم الاخرى المطالبة بنسخ من هذه الادلة لاستخدامها في محاكمة مواطنيها المنتمين لداعش خارج العراق”.

وينوه الى أن “هذا الفريق سيقوم بتدريب قضاة عراقيين، وتأهيل محاكم عراقية للقيام بهذا العمل، وضمن السياقات الدولية، وتحت اشرافه”، لافتا الى أن “عملية جمع الادلة وعمل هذا الفريق سيتم بالتعاون واشراف الامم المتحدة ومجلس الامن وبمباركة الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا والصين ودول اوروبية ومن قارات مختلفة”.

من جانبه، تحدث خيري علي مدير العلاقات العامة لمنظمة التوثيق الايزيدية لمراسلنا بالقول، إن “القرار يمثل الخطوة الأولى التي يمكن البناء عليها من أجل البحث في خيارات أخرى أفضل لاستكمال عمليات التحقيق وجمع الأدلة، ويمكننا الاستفادة من هذا القرار من عدة جوانب، أبرزها جمع الأدلة وحفظها لدى فريق تحقيق دولي، والتقصي عن الحقائق وكشفها بلغة والية عمل دولية، والتمهيد للضغط لاحقا، علما أن الفريق هو للتحقيق في الادعاءات فقط”.

ويضيف خيري، أن “منظمتنا تتابع باهتمام بالغ الإجراءات القانونية، والعمل الذي سيتبعه فريق التحقيق الدولي في جرائم داعش بالعراق (ضمن القرار ٢٣٧٩)، إذ أن المرحلة المقبلة لزيارة الفريق الأممي ستكون جمع الأدلة، لكن ينتابنا قلق جراء ما قد يحدث مستقبلاً في مقاضاة عناصر داعش الإرهابي، ونحن مع أن يقوم الفريق بالتحقيق وجمع الأدلة فقط، والفصل فيها عبر محكمة جنائية دولية، وهذا لم يتحقق بالقرار، لأن الفقرات 2 و5 منه تمنع أن يتم الفصل بهذه المعلومات عبر محكمة دولية، وبالتالي فان الفصل بها سيتم عبر محكمة محلية”، لافتا الى أن “النظر بهذه الجرائم لن يكون ضمن قانون العقوبات العراقي، بل لضمان شفافية اكبر للضحايا وحقوقهم”.

أما المحقق والباحث في الابادة الايزيدية ناصر كريت، فيقول إن “القرار جاء بمثابة حل مثالي للأزمة أو الفراغ القانوني الموجود في العراق بالنسبة لجرائم الإبادة الجماعية أو التطهير العرقي، حيث لا يوجد في قانون الجرائم العراقي مادة قانونية تنص على جرائم الإبادة هذا اولا وثانيا ان العراق ليس عضوا في اتفاقية نظام روما الأساسي التي تنص على أن جريمة الإبادة الجماعية هي جريمة دولية ومسؤولية دولية بغض النظر عن الركن المكاني للجريمة”.

ويتابع “عليه كان لابد من إحدى الطرق الثلاث لبدء التحقيق من قبل محكمة الجنايات الدولية وهي: أولا إلقاء القبض على مجرمين مشاركين في جرائم الإبادة، ويحملون جنسيات دول وقعت على معاهدة نظام روما وقد تم إلقاء القبض على الكثير من هذه الحالات، وتم تجاهلها، وثانيا أن يقوم المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية بطلب فتح التحقيق، وهذا لم يحدث مع الاسف، وثالثا أن يقوم مجلس الأمن بإصدار قرار لفتح التحقيق وهذا هو الذي حدث”.

ويلفت الى أن “القرار يخدم القضية الايزيدية إلى حد كبير، ويجب على الايزيديين ان لا يدخروا جهدا في سبيل دعم التحقيق بشهادات (خاصة العينية) والأدلة الجنائية وأسماء المجرمين وأماكن إقامتهم وأي شيء آخر يخدم التحقيق”، منوها الى أن “ذكر الايزيديين لعدة مرات في جلسات وقرارات مجلس الأمن الدولي، يعتبر إنجازا تاريخيا، وستكون له تبعات مستقبلية غاية في الأهمية”.

ويشير إلى أنه “ليست كل جرائم داعش هي جرائم إبادة جماعية، فقتل طلاب قاعدة سبايكر تعتبر جريمة قتل أسرى الحرب وهي جريمة حرب لا إبادة جماعية، رغم أن جرائم الحرب هي ايضا من ضمن اختصاصات محكمة الجنايات الدولية الاربعة، وأما تهجير المسيحيين من أراضيهم وبيوتهم فتعتبر جرائم ضد الإنسانية، وليست إبادة جماعية، رغم كون جرائم ضد الإنسانية من اختصاصات محكمة الجنايات، وبخصوص اجتياح الحدود العراقية، فانها جريمة عدوان وليست إبادة جماعية، رغم كونها من ضمن اختصاصات المحكمة الدولية ايضا”.

ودعت سفيرة النوايا الحسنة، الناشطة الايزيدية نادية مراد، عبر صفحتها الشخصية في برنامج التواصل الاجتماعي فيسبوك، الحكومتين الاتحادية واقليم كردستان الى “توفير الامن وجميع الإجراءات للفرق واللجان الدولية في اثناء زياراتهم الى مسرح الجرائم في شنكال (سنجار) من اجل توثيقها، وكذلك البحث عن الأدلة الجنائية بخصوص هذه الجرائم، بدلا من ترويج الشائعات بوجود مخاوف من زيارة المدينة، سيما ان الكثير من الجهات اصبحت تروج وتمنع اللجان الدولية من زيارة المنطقة بحجة تدهور الوضع الامني لمجرد ان عمل هذه اللجان والفرق لا تتناسب مع اجندات عملهم”.

وكانت المحامية اللبنانية البريطانية أمل كلوني قد أعلنت أنها ستمثل النساء الأيزيديات اللواتي وقعن مسبقاً على وثيقة بموافقتهن للدفاع عنهن في المحاكم الدولية.

يذكر أن تلك النسوة تم خطفهن كسبايا، وتعرضن لأقسى انواع العبودية والتعذيب النفسي والجسدي من قبل عناصر التنظيم الارهابي بعد ان  سيطروا على قضاء سنجار (شنگال) غربي محافطة نينوى شمالي العراق في آب أغسطس 2014.

ينشر بالتزامن مع ايزيدي 24

إقرأ أيضا