أزمة البصرة تثقب قارب الحكومة.. والصدر والعامري يقلبان الطاولة على العبادي

انقلبت الطاولة على رئيس الوزراء حيدر العبادي مع مطالبة القائمتين الرئيسيتين اللتين فازتا في الانتخابات…

انقلبت الطاولة على رئيس الوزراء حيدر العبادي مع مطالبة القائمتين الرئيسيتين اللتين فازتا في الانتخابات التشريعية التي جرت في أيار مايو الماضي، باستقالة حكومته، في أعقاب جلسة استثنائية عقدها البرلمان لمناقشة الأزمة القائمة في البصرة الجنوبية.

العبادي، الذي كان يعول على تحالفه السياسي مع ائتلاف “سائرون” الذي يتزعمه مقتدى الصدر لتشكيل الكتلة الأكبر، وبالتالي تسميته لولاية ثانية، يجد نفسه في موقف صعب.

وقال المتحدث باسم تحالف “سائرون” النائب حسن العاقولي في مجلس النواب “نطالب رئيس الوزراء والكابينة الوزارية بتقديم استقالتهم والاعتذار للشعب العراقي”.

ولم يقتصر الأمر على الصدر فقط، بل خسر العبادي أيضا ثاني أكبر الفائزين في الانتخابات، تحالف “الفتح” الذي يتزعمه هادي العامري المقرب من إيران.

وأعلن المتحدث باسم “الفتح” النائب أحمد الأسدي أن “التقصير والفشل الواضح في أزمة البصرة كان بإجماع النواب ونطالب باستقالة رئيس الوزراء والوزراء فورا”.

وأضاف الأسدي “سنعمل سريعا خلال الساعات المقبلة لتشكيل الحكومة. نحن وسائرون على خط واحد لتشكيل الحكومة الجديدة ولبناء العراق، وواهم من يعتقد أننا مفترقون”.

جاء هذان الإعلانان بعيد جلسة برلمانية استثنائية بحضور وزراء من الحكومة ورئيسها لبحث الوضع القائم في محافظة البصرة، بعد أسبوع احتجاجات دموية أسفرت عن مقتل 12 متظاهرا، وإحراق القنصلية الإيرانية ومبان حكومية عدة.

ومنذ بداية تموز (يوليو) الماضي، خرج الآلاف في البصرة بداية، ثم في كامل الجنوب العراقي، في تظاهرات ضد الفساد وانعدام الخدمات العامة والبطالة التي زاد من سوئها العام الحالي الجفاف الذي قلص الإنتاج الزراعي بشكل كبير.

لكن الأمور اتخذت منحى تصعيديا اعتبارا من الثلاثاء على خلفية أزمة صحية غير مسبوقة في البصرة، حيث نقل 30 ألف شخص إلى المستشفى تسمموا بالمياه الملوثة، كما قتل 12 متظاهرا على الأقل، بحسب ما أفاد مسؤولون.

وأمام نحو 172 نائبا حاضرا من أصل 329، قال رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي إن “البصرة عامرة وتبقى عامرة بأهلها والخراب فيها هو خراب سياسي”، مضيفا أن “مطالب أهل البصرة هي توفير الخدمات، يجب أن نعزل الجانب السياسي عن الجانب الخدمي، هناك تظاهرات هم أنفسهم أدانوا أعمال التخريب والحرق”.

الجلسة البرلمانية لم تكن على مستوى طموحات المتظاهرين، الذين كانوا يتوقعون حلولا آنية، بل على العكس، كانت نقاشا عقيما بين الحاضرين، تبادل فيها العبادي ومحافظ البصرة أسعد العيداني الاتهامات بالمسؤولية.

وقال منسق تجمع شباب البصرة منتظر الكركوشي الذي يشارك في التظاهرات منذ انطلاقها قبل شهرين، إن “مثل هذه البيانات والجلسات لا يمكن أن تهدئ الشارع البصري”.

ويضيف هذا الناشط لـ”أ ف ب”، أن “الشارع البصري ينتظر إجراءات فعلية على أرض الواقع. مخرجات جلسة مجلس الوزراء مضحكة ومكررة. البصرة لم تستلم الأموال ولم تنفذ فيها مشاريع وما يزال الماء مالحا، وما تزال من دون خدمات. هي تنزف”.

وهذه المرة، ومع انحسار الحركة الاحتجاجية في محافظة البصرة وحدها، وصل الغضب الاجتماعي إلى ذروة العنف، إذ أقدم متظاهرون على إحراق كل ما يعتبرونه رمزا للسلطة، التي يرونها فاسدة وفوق القانون.

بدأ هؤلاء بإحراق مبنى المحافظة في وسط المدينة، قبل أن ينتقل الغضب إلى الأحزاب السياسية والجماعات المسلحة المسيطرة في هذا المعقل الشيعي الحدودي مع إيران.

ومساء الجمعة، اقتحم مئات المتظاهرين مبنى القنصلية الإيرانية المحصنة في المدينة، وأضرموا النار فيها.

قال أحد المتظاهرين الملثمين قرب القنصلية المشتعلة “لم يعد هناك قنصلية إيرانية، لم نعد نريدها”.

بعيد ذلك، استنكر العراق العمل، ونددت إيران بما اعتبرته “اعتداء وحشيا” يهدف إلى “تدمير علاقات الصداقة” بين البلدين.

وفي هذا الصدد، أصدر رئيس الوزراء حيدر العبادي أوامر بـ”تخويل القوات الأمنية بالتعامل بحزم مع أعمال الشغب التي رافقت التظاهرات”، بعدما حملت طهران الحكومة العراقية “مسؤولية حماية الأماكن الدبلوماسية”.

في المقابل، أمر العبادي “بإحالة الوحدات الأمنية المسؤولة عن حماية المؤسسات العراقية والقنصلية الإيرانية في البصرة إلى التحقيق لعدم قيامهم بواجباتهم في توفير الحماية اللازمة”.

وقبيل الجلسة، سقطت أربع قذائف السبت في باحة مطار البصرة الدولي شمال المدينة، بحسب ما قالت مصادر أمنية ، فيما أكد موظفون أن حركة الطيران في المطار لم تتأثر.

ويسعى بعض النواب إلى طرح الحلول الأكثر جذرية، إذ قالت النائب انتصار حسن من تحالف الفتح في البصرة إنه “في حال بقيت الأوضاع على ما هي عليه، فان الأمور تتجه إلى حكومة طوارئ”. وتمنح حالة الطوارئ دستوريا، صلاحيات كاملة لرئيس الوزراء.

وفي الإجمال، قُتل 27 شخصا منذ مطلع تموز(يوليو) في جميع أنحاء البلاد.

ويتهم المدافعون عن حقوق الإنسان الشرطة بإطلاق النار على المتظاهرين، في حين تشير السلطات إلى “مخربين” تسلّلوا بين المحتجين مؤكدة أنها أمرت الجنود بعدم إطلاق النار.

وفي هذا الصدد، أكد وزير الدفاع عرفان الحيالي في الجلسة البرلمانية أمس أن “القوات المسلحة غير مخوله بإطلاق النار على أي مواطن كون الجيش ابن الشعب ويدافع عنه”.

من جهته لفت وزير الداخلية قاسم الأعرجي في الجلسة نفسها إلى أنه سيتم “إصدار العقوبات لكل من اعتدى على المتظاهرين”.

إقرأ أيضا