كيف اغتصب ناشط مدني عراقي ثلاث فرنسيات في اربيل

تواجه جمعية ( EliseCareأليز-كار) غير الحكومية الفرنسية المعروفة بالتزامها حيال النساء الأيزيديات في العراق، تهماً…

تواجه جمعية ( EliseCareأليز-كار) غير الحكومية الفرنسية المعروفة بالتزامها حيال النساء الأيزيديات في العراق، تهماً بالاغتصاب، بسبب تسترها على عمليات اغتصاب واعتداءات جنسية يتهم رئيس بعثتها في العراق بارتكابها.

فيما فندت رئيسة المنظمة أليز- بوغوصيان؛ ما جاء في تحقيق مفصل نشرته صحيفة ليبراسيون الفرنسية والذي ارتكزت فيه على شهادات المدعين والمتهمين في هذه القضية.

والتقت ليبراسيون آكلير (اسم مُستعار) البالغة من العمر 24 عامًا في أحد المقاهي الباريسية، التي أكدت أنها توجهت إلى العراق في أيلول عام 2016، بعد أن التقت رئيسة ومؤسسة أليز-كار السيدة أليز بوغوصيان في مقر الجمعية بباريس حيث عرفتها على دارا (اسم مستعار) رئيس بعثة الجمعية في العراق، وهو كردي عراقي يتقن الفرنسية وشرحا لها كل ماهو متعلق بالعمل.

وتوجهت الشابة بعد دارا إلى إربيل ثم إلى دهوك بالقرب من الحدود السورية، وتقول هذه الأخيرة أن “رئيسها في العمل بدأ في الأيام الأولى يستغل كل فرصة ليقوم بحركات غير لائقة، من قبيل لمسها لي بعض المناطق الحساسة”.

وتضيف “بعد أسبوع من قدومي مَرضْت، وعندما جاء دارا لتفقد أحوالي، ثم بدأ بتدليك بطني ثم وضع رأسه على ركبتي، وتظاهرت بأن لدي ما أقوم به في غرفتي حتى أتمكن من النهوض، منذ ذلك الحين اتبعت استراتيجيات للتجنب، وبينما كنت أرافقه في إحدى المرات تحرشَ بي لأول مرة حيث حاول تقبيلي بالقوة، وانتهى به المطاف باغتصابي في عدة مناسبات، رغم محاولات المقاومة اللفظية والبدنية، كان يتحول إلى وحش لا يمكن السيطرة عليه ويتلفظ بعبارات وكلمات مبتذلة باللغة الفرنسية”.

وفي تشرين الثاني من نفس العام 2016، وظفت منظمة أليز-كار جولي ( اسم مستعار) وهي شابة في العشرينات من عمرها، لتلتحق ببعثتها في أربيل.

وتروي كلير ليبراسيون، أنها سرعان ما لاحظت معاناة زميلتها الجديدة التي تتعرض كل يوم للوم العنيف من قبل رئيس البعثة دارا، لتتم إعادة جولي بعد ذلك بنحو أربعة أشهر إلى فرنسا. حيث لَم توقع الجمعية غير الحكومية معها أي عقد.

وسرعان ما تم توظيف آناييس ( اسم مستعار) لتحل محل جولي في أربيل، تقول كلير إن “الوافدة الجديدة تعرضت هي الأخرى لنفس النمط من الضغط النفسي والعزلة الذي تعرضت له جولي”.

وفي شباط 2017، عادت كلير إلى فرنسا لثلاثة أسابيع، وتوضح الأخيرة “خلال وجودي في فرنسا وضعت أعراض ما عانيته في العراق ( القلق- الإرهاق- الكوابيس الليلية) على تداعيات الإجهاد”.

وتابعت “تم الاعتراف أخيراً بعملي بترقيتي من قبل رئيسة الجمعية أليز بوغوصيان، حيث أصبحت مكلفة بالنساء الإيزيديات الناجيات من تنظيم داعش”.

وتقول كلير إن “دارا توقف عن التحرش بها منذ وصول آناييس”، مؤكدة أن “هذه الأخيرة اتصلت بها ذات يوم من شهر نيسان 2017، بينما كانت تعمل في عيادة داركار؛ وبدأت تحدثها بخجل عن سلوك دارا غير الصحي تجاهها، قبل أن تنهار وينتهي بها المطاف وتخبرها بكل ما تعرضت له على يد هذا الأخير من ضغط وتحرش واغتصاب”.

بالعودة إلى دهوك أخبرت كلير الزوجين باتريك ورمين، وهما طبيبان سويسريان كانا وقتها في مهمة لجمعية أليز-كار، ونصحاها بالمغادرة مع آناييس.

وهنا، قررت الشابتان إذن الرحيل، لكنهما انتظرتا مجيء رئيسة الجمعية أليز بوغوصيان إلى دهوك الذي كان مقرراً إلى بعد أسبوع، ووصلتا العمل بشكل طبيعي حتى لا تثيرا شكوكاً لدى دارا.

وعندما وصلت الرئيسة أخبرتها الشابتان بما حصل مع دارا، لكن الأخيرة لم تتفهم سبب عدم إدانة رئيس بعثتها في العراق منذ البداية، ونصحت الشابتين بعدم التحدث مع عائلاتهن أو أصدقائهن بخصوص هذا الأمر، مكتفية بالتعهد لهن باتخاذ الإجراءات اللازمة.

واستفسرت ليبراسيون وواجهت أليز بوغوصيان رئيسة ومؤسسة الجمعية بالأدلة التي تفيد بأن كلير وآناييس عادتا إلى فرنسا دون مساعدتها، لكن الأخيرة فندت ذلك، قائلة إنها أعادت العاملتين على الفور إلى فرنسا وأخطرت كذلك السفارة والقنصلية وعرضت عليهما مقابلة السلطات القنصلية، وهو ما نفته كلير جملة وتفصيلاً”.

وفي أيار 2017، تم تكليف محامٍ في باريس للذهاب إلى العراق لمحاولة توضيح ملابسات الاتهامات بالاغتصاب الموجهة من الشابتين ضد رئيس بعثة أليز-كار في العراق.

وتقول ليبراسيون أن “المحامي أعد فعلاً تقريراً أولياً لم يستبعد فيه أن تكون الشابة كلير صادقة في أقوالها، ومع ذلك تبدو أليز بوغوصيان مقتنعة بأن التحقيق لا يصب في مصلحة الشابتين، وكتبت إلى كلير قائلةً “إنك تعرفين معنى كلمة اغتصاب، فأنت لست في وضع فتاة ايزيدية لا تعرف كلمة ممارسة الجنس”.

وفي 20 من تموز من نفس السنة، أخذ المتهم دارا المبادرة وتقدم بشكوى ضد كلير في فرنسا بتهمة ‘الافتراء عليه، في وقت لم يتم فيه تقديم أي شكوى ضده بشأن الاغتصاب.

في خضم ذلك، انضمت عاملة جديدة إلى أليز-كار في العراق تدعى أودري بادي لتحل محل كلير في دهوك في نهاية تموز.

و تقول هذه الأخيرة، وهي الشاهدة الوحيدة التي سمحت لـليبراسيون بالكشف عن اسمها الحقيقي “ذات يوم بينما كنت مع دارا في السيارة أسمعني أغنية فرنسية لا أعرفها لكن كلماتها تتحدث عن الجنس، وفي البداية ظننت أنه لا يفهم معنى الكلمات، لكنني اكتشفت لاحقاً أنه كان رئيس قسم اللغة الفرنسية في جامعة الموصل، ثم بعد ذلك بدأت سماع شائعات عن حالات اغتصاب مزعومة داخل الجمعية غير الحكومية”.

عقب ذلك ببضعة أيام، علمت أودري بادي من متطوعة أخرى في أليز-كار أن هناك تحقيقاً داخلياً جارياً بخصوص عمليات اغتصاب في الجمعية، وهو ما دفع أودري إلى الاتصال بالمتطوعة السابقة كلير التي روت عليها قصتها بالكامل.

وتقول أودري إنها حاولت في الأيام التالية إعداد ملف يثبت أن أليز-كار توظف العراقيين دون عقود عملK وهو ما أنكرته رئيسة ومؤسسة الجمعية أليز بوغوصيان، لتعود أودري قبل الأوان إلى باريس بعد أن نبهت القنصل الفرنسي.

وعند عودتها تشكلت حولها هي وكلير مجموعة من الموظفين السابقين في هذه الجمعية غير الحكومية الفرنسية، بهدف تنبيه الوافدين الجدد إلى المنظمة غير الحكومية.

وفي 15 تشرين الثاني 2017، تم استدعاء كلير إلى مركز الشرطة في مدينتها في إطار الشكوى بالافتراء التي رفعها دارا ضدها، لترد الأخيرة بعد ذلك بأسبوعين، برفع شكوى تتهم فيها رئيسها السابق في العمل في العراق بالاعتداء الجنسي والاغتصاب”.

وتقول الشابة إنها “اندهشت من رفض الشرطي ضمّ عشرات الصفحات من الشهادات إلى ملفها، بما في ذلك شهادات لعمال سابقين تدعم شكواها ورسائل البريد الإلكتروني والشهادة الطبية التي كتبها الطبيبان السويسريان”.

والغريب في الأمر- تقول ليبراسيون- أن شكاوى كلير ودارا تم ضمّها إلى بعض، قبل أن تحفظ القضية دون أي متابعة، وأكدت الصحيفة أن النيابة العامة بباريس رفضت توضيح سبب عدم استماعها إلى أقوال دارا، عكس كلير.

وردا على سؤال لـ ليبراسيون، نفى دارا ممارسة الجنس مع كلير وآناييس، لكن عندما واجهته الصحيفة برسائله إلى الشابتين، بدأ رئيس بعثة أليز-كار يغير في السياق، حيث أكد أن آناييس اتهمته بالاغتصاب للانتقام بعد أن منعها من إقامة علاقة مع موظف عراقي آخر.

وبالنسبة لكلير، اعتبر دارا أن الاغتصاب يكون مرة واحدة وليس مرات عديدة، وتساءل إذا كانت محقة فلماذا لم تتكلم من قبل؟

وبسبب التحذير الذي تلقته من مجموعة من الموظفين السابقين في أليز-كار، حذفت مؤسسة رجا دانيال ماركوفيتشي اسم إليز بوغوصيان من قائمة المرشحات لجائزة Women’s Awards 2018 والتي تكرم الجمعيات والمنظمات العاملة في مجال حقوق المرأة.

وفي العام نفسه، طلبت وزارة الخارجية إجراء تدقيق مالي وتنظيمي لجمعية أليز-كار”.

رغم ذلك -تشير ليبراسيون- لا تزال الشخصية الإعلامية لرئيسة ومؤسسة الجمعية أليز بوغوصيان مؤثرة، حيث يفضل جميع الموظفين السابقين المتجمعين حول كلير وأودري بادي عدم الكشف عن هويتهم، بسبب الخوف.

وقد تلقت أليز بوغوصيان هذا العام، تحية من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على ‘نضالها من أجل النساء الايزيديات، بينما غادرت كلير العمل في المجال الإنساني، ولا يزال دارا في منصبه بالعراق كرئيس لبعثة جمعية أليز-كار غير الحكومية.

إقرأ أيضا