ماكرون قريبا في بغداد.. فماذا تريد فرنسا من العراق؟

في قراءة سريعة للموقف الفرنسي من العراق وإقليم كردستان، عقب زيارة رئيس الاقليم نجيرفان البارزاني…

في قراءة سريعة للموقف الفرنسي من العراق وإقليم كردستان، عقب زيارة رئيس الاقليم نجيرفان البارزاني الى باريس، أمس الخميس، حاورت “العالم الجديد” الباحث والأكاديمي العراقي المقيم في باريس الدكتور هشام داود، متحدثا حول الثوابت والمعطيات في سياسة الإليزيه تجاه بغداد.

إذ يقول داود في حديث لـ”العالم الجديد” أمس الخميس، إن “المعطيات الاستراتيجية بالنسبة لباريس حول الشأن العراقي، باتت واضحة، وهي أن لا مساس بوحدة العراق، مع حماية الأساسي من المكتسبات التي حققها الكرد على مدى العقود الثلاثة الماضية، ولكن ضمن إطار الجمهورية العراقية، بمعنى أن وصول عادل عبد المهدي الى رئاسة الحكومة العراقية، وانسحاب مسعود البارزاني من رئاسة اقليم كردستان، وتحقيق حالة التجايل النسبي في الاقليم داخل بيت البارزاني والطالباني، رغم الصراع الداخلي، كل ذلك أوحى لباريس بأن العملية باتت أكثر سلاسة ووضوحا عند التعاطي مع الملف العراقي”.

ويوضح أن “هذه التغييرات التي أصابت القيادة السياسية في بغداد وأربيل، سهلت على باريس التمسك بما تصفه بـ”بثوابتها” دون حرج كبير، إلا إذا تعرضت المنطقة والعراق بشكل خاص الى تغييرات وهزات كبيرة، عندها يعاد النظر بتلك الثوابت”.

ويضيف الباحث بالانثروبولوجيا الاجتماعية في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، أن “الاولوية الأخرى لباريس هي مواجهة الخطر الذي يشكله داعش، والحركات الجهادية، وتزايد نشاطه في مناطق الصراع الكردي العربي، خاصة جنوب كركوك، وخطوط تماس أخرى ومناطق نائية من شمال غرب العراق”، لافتا الى أنه “على الرغم من التقارب بين الدولتين المركزيتين، ونسج باريس تحالفا ستراتيجيا مع بغداد، إلا أنها تظل حريصة على بقاء صورتها كجهة متفهمة وصديقة للكرد”.

ويتابع أن “فرنسا لازالت تحتفظ بنحو 1200 عسكري لمساعدة الجيش العراقي في مجال التدريب والتنسيق العسكري والأمني للتصدي الى تلك الحركات الارهابية”، مشيرا الى أن “باريس تطمح بتطوير علاقاتها الاقتصادية مع العراق، لتكون بمستوى تنسيقها السياسي والعسكري المتطور، خاصة في مجال الطاقة، المواصلات، الزراعة والطرق والجسور، وغيرها”.

Image

ويعرّج الدكتور هشام داود خلال حديثه الى “نقطة أخرى لا تقل أهمية، وهي أن الرئيس الفرنسي أحدث سلسلة تغييرات في طاقم مستشاريه، فالفريق الرئاسي الجديد ربما هو الأقرب الآن الى التوازن السياسي والاستراتيجي بين الدول منه الى التسرع في اتخاذ المواقف الايديولوجية مع هذا الطرف أو ذاك، ومن هذه الشخصيات المؤثرة حول الرئيس ماكرون، هو مستشاره السياسي الخاص (ايمانوئيل بون) المعروف بتفهمه للواقع العربي المركب وايضا للتعقيدات العراقية”، مبينا أن “بون الذي يجيد العربية، كأستاذ سابق في المعهد الفرنسي للغات والحضارات الشرقية، كان مستشارا للرئيس السابق فرانسوا هولند لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا قبل ان يصبح سفيرا لبلاده في لبنان ثم مدير مكتب وزير الخارجية الحالي، وأخيرا أقرب مستشاري الرئيس ماكرون للشؤون السياسية والدبلوماسية، إذ كانت آخر مهامه السرية في طهران أثناء الأزمة الأخيرة لإقناع القيادة الايرانية بعدم الوقوع في فخ الاستفزاز والبقاء على إطار الاتفاق النووي”.

ويخلص داود بالقول “وعليه لا تغيير متوقع في الاستراتيجية الفرنسية بشأن العراق وإقليم كردستان، بل الاستمرار في عملية التقرب أكثر من بغداد مع الحفاظ على الصداقة مع أربيل، وتشجيعها للتفاهم أكثر فأكثر مع بغداد، وعدم تعقيد المشهد على رئيس الوزراء عادل عبد المهدي”.

يذكر أن قصر الإليزيه أصدر أمس الخميس، في ختام محادثات أجراها الرئيس إيمانويل ماكرون، في باريس، مع رئيس إقليم كردستان العراق، نيجرفان البارزاني، بيانا أشار فيه الى أن ماكرون قد يزور العراق خلال الأشهر القريبة المقبلة.

وذكر البيان، أن رئيس الجمهورية هنأ البارزاني بانتخابه رئيسا للإقليم وتشكيل حكومة الإقليم الجديدة، مؤكدا تمسك باريس بوحدة العراق وسيادته، مع احترام جميع مكوناته.

وإذ رحب ماكرون بحسب البيان، بالتقدم الذي تم تحقيقه في الحوار بين بغداد وأربيل، أشار إلى أن فرنسا “ستواصل دعمها للإقليم، شأنه شأن العراق بأسره في مكافحة الإرهاب”.

إقرأ أيضا