هل يتسلح الكاظمي بـ”الدهاء السياسي” للاستفادة من صراع أنقرة وباريس؟

أثارت خطوات رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي تجاه اوروبا الكثير من الاسئلة، في ظل توتر العلاقة…

أثارت خطوات رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي تجاه اوروبا الكثير من الاسئلة، في ظل توتر العلاقة بين الجارة تركيا ودول القارة العجوز، التي اقتربت من ان تكون محورا جديدا له دور في الساحة السياسية العراقية.

التوتر بين تركيا وأوروبا، انعكس اليوم سلبا على علاقة بغداد وأنقرة بعد تقرب الكاظمي من عواصم اوروبية، وهنا يرى احد المحللين أنه يجب عدم فقدان حلقة الوصل مع تركيا نظرا لوجود الكثير من المشتركات، فيما يرى محلل اخر ان الانفتاح على اوروبا كان يجب ان تنفذه الحكومات السابقة منذ وقت طويل.

إذ يقول المحلل السياسي، رائد المالكي، في حديث لـ”العالم الجديد” إن “العراق بات يبعث رسائل خاطئة للجارة الشمالية تركيا، فتحالف العراق مع مصر والاردن وزيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى العراق، في ذروة تبادله للشتائم مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، ومن ثم زيارة وزير الخارجية اليوناني الى العراق وتوقيعه مذكرات تفاهم مشتركة، رغم أن أثينا تمثل سلاح أوروبا لمواجهة تركيا، كلها باتت دلائل واشارات على ان العراق يسير في موجة المحاور المناهضة لتركيا”.

ويوضح ان “خطوات الكاظمي هذه تجعلنا امام خصمين قويين هما تركيا وايران، ولهما نفوذ قوي لا يستهان به وبيننا تاريخ لمئات السنين، فاذا لم تكن هذه الامور محسوبة فاننا سنكون في دوامة مستقبلية خطيرة تضع العراق على المحك”.

ويلفت الى ان “الدعوة التركية التي وجهت للكاظمي لزيارتها، هدفها استفهام أنقرة من الكاظمي عن خطوات العراق المستقبلية، لان الخطوات الحالية تشير الى ان العراق يتجه نحو القطار الامريكي الذي يتعارض مع الأجندة التركية في المنطقة”.

وتأتي دعوة أنقرة الرسمية للكاظمي، بعد ايام من توقيع اتفاق سنجار بين حكومتي بغداد واربيل، القاضي بإبعاد الفصائل الموالية للحرس الثوري عن القضاء، وتسليمه أمنيا وإداريا الى بغداد وأربيل فقط، مع إبعاد عناصر حزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا عنه، خاصة وأن عناصر الحزب قد تمكنوا من بسط سطوتهم عليه.

وفور توقيع الاتفاق، شهد الموقف التركي تغيرا كبيرا، إذ كشفت مصادر في وقت سابق لـ”العالم الجديد” عن أن أنقرة كانت ترفض استقبال الكاظمي، وانه حاول مرارا ترتيب زيارة رسمية لانقرة، لكن الرفض كان سيد الموقف.

ويردف أن أنقرة كانت تعتبر الكاظمي بعيدا عن سياستها، بل اعتبرته معاديا لمحورها، وقريبا من محاور أخرى في المنطقة، وهذا ما أدى الى رفضها لزياته في تلك الفترة.

إلى ذلك، يرى المحلل السياسي المقيم في فرنسا رياض الجبوري، في حديث لـ”العالم الجديد” أنه “كان يجب على الحكومات العراقية السابقة الانفتاح على أوروبا، منذ وقت بعيد وقبل حكومة الكاظمي، لطمأنة المستثمرين الاوروبيين وتهيئة البيئة المناسبة للشركات الكبرى”.

ويضيف الجبوري أن “الزيارة المرتقبة للكاظمي لاوروبا، وفي مقدمتها فرنسا التي تعتبر القائد السياسي لاوروبا، تعتبر خطوة جيدة ومباركة، خاصة وأن فرنسا ليس لها أي تاريخ ملوث بالحروب الامريكية في العراق، واعتقد ان الشعب العراقي يقدر ذلك لفرنسا”.

ولا يرى أن “لزيارة الكاظمي دخلا بالخلافات التي تحدث بين فرنسا واليونان من جهة، وتركيا من جهة اخرى، ويفترض بالكاظمي ان يلعب لعبة سياسية والاستفادة من الطرفين الفرنسي واليوناني والطرف التركي”، لافتا الى أنه “يجب ان يلعب نفس لعبة اردوغان بعلاقته مع امريكا وروسيا، وعملية الضغط والشد وتهديد كل طرف بالاخر، لاجل الاستفادة ونجح بذلك، وهذه فرصة للكاظمي ان يثبت دهائه السياسي اذا كان يتمتع ولو بجزء بسيط منه”.

وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قد وصل بغداد في 2 أيلول سبتمبر الماضي، وأجرى لقاءات مع الرئاسات الثلاث، وقد حضر المسؤولين في كردستان الى بغداد لاجراء مباحثات مع ماكرون، الذي لم يغادر العاصمة واستغرقت زيارته ساعات فقط.

وعدت الزيارة، التي جاءت عقب زيارة وزير الجيوش الفرنسية الى بغداد، بانها انفتاح جديد لفرنسا نحو العراق، خاصة في المجالات العسكرية، بعد ان كان عملها ينحصر نوعا ما بالجانب الاجتماعي والاقليات.

وكان لفرنسا الدور الابرز، والمتعارض مع رؤية الولايات المتحدة بغلق سفارتها في بغداد، إذ كشف مصدر في وقت سابق لـ”العالم الجديد” بان “بعض دول الاتحاد الاوروبي وأبرزها فرنسا، ترى أن إغلاق واشنطن لسفارتها في العاصمة بغداد، وسحب كافة قواتها، سيرسل رسالة خاطئة مفادها الاستسلام للجهات المعادية من المتطرفين أو بمثابة تقديم هدية لها، إضافة الى أن هذا القرار يتناقض مع الخطاب الامريكي الذي يؤكد أن واشنطن تسعى لاستقرار العراق وتقويته ودعم حكومته، خاصة وأنه يمثل نقطة هامة في الصراع الجاري بالمنطقة”، منبها الى أن “الدول ذكرت واشنطن بانسحابها العسكري سابقا، والذي أدى الى ظهور تنظيم داعش في 2014 وألقى بعواقبه على العالم أجمع”.

إقرأ أيضا