انتخابات الرئاسة الايرانية.. كيف سيتأثر العراق؟

تلقى الانتخابات الرئاسية الايرانية المقبلة، اهتماما بين المراقبين في العراق والمنطقة، في ظل اختلاف وجهات…

تلقى الانتخابات الرئاسية الايرانية المقبلة، اهتماما بين المراقبين في العراق والمنطقة، في ظل اختلاف وجهات النظر حيال “تأثر” بلاد النهرين بوصول رئيس ايراني متشدد الى سدة الحكم، ففيما يتوقع بعض المحللين، زيادة نفوذ طهران، بسبب العلاقة مع “تشكيلات مسلحة” عراقية، ولـ”تراخي” الحكومتين العراقية والامريكية، في حين يقلل آخرون من تأثير ذلك على واقع النفوذ الايراني، لأنه عائد للمرشد الأعلى وليس للرئيس.

ويقول المحلل السياسي المقيم في واشنطن رمضان البدران، في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الانتخابات الايرانية قد تكون مفصلية ومهمة في تحديد مسارات عديدة سواء في داخل ايران او المنطقة او في طريقة تعاطي طهران مع العالم“.

ويوضح البدران أن “المرشح الاقوى في هذه المرحلة هو ابراهيم رئيسي (رئيس السلطة القضائية في ايران) وهو شخصية متشددة وضعيفة القراءة للخارج، وتنظر بتعال وغرور لما حولها، لذا فقد نشهد حكومة ايرانية اكثر تشددا، وقد تؤدي الى ادخال ايران والمنطقة في أزمات، والأكثر إثارة أن رئيسي مرشح لخلافة المرشد الاعلى الحالي علي خامنئي“. 

ويرتبط رئيسي بعلاقات متينة مع الحرس الثوري، وسبق له ان زار العراق في شباط فبراير الماضي، وقد استقبل بحفاوة كبيرة من قبل الجهات السياسية والفصائل المرتبطة بايران.

ويشير الى أن “هذه كلها مؤشرات على ان ايران مقبلة على سياسة أكثر تشددا، سواء في ملفها النووي او بشأن حضورها الاقليمي، لكنها في المرحلة الراهنة، تحاول امتصاص ردود الأفعال الخارجية والداخلية ضدها، مضيفا أن “العراق، وفي هذه المرحلة، فان التيارات المتشددة في ايران أسست فيه حواضن وتشكيلات بشكل مكثف، وهذه التشكيلات بدأت تحاول ان تفرض حضوها في الساحة السياسية والاعلامية والامنية والاقتصادية، لذلك سيكون العراق من اكثر البلدان تأثرا بوصول تيار متشدد للحكم في ايران“.

ويتابع البدران بشأن وضع العراق وتأثره قائلا “قيام العراق باخذ دور الوساطة بين ايران والخليج، هو في الحقيقية اختيار غير موفق، لان العراق في هذه الطريقة يجلس على حقل الغام، وهناك مواضيع غامضة بشأن الواقع العراقي، وكان على العراق ان يطرحها بصوت عال أسوة بدول الخليج، لان هناك كثيرة من المستقبل بسبب وجود هذه التشكيلات والنشاطات في الداخل العراقي، التي هي متأثرة بالتيار المتشدد الايراني“.

ويلفت الى ان “العراق سيكون سيتأثر كثيرا اذا جاء تيار متشدد، لانه لم يدخل في مكاشفة مع ايران، وهذا سيؤثر ايضا على الانتخابات العراقية، لان التيار المتشدد يريد يسجل حضوره في الساحة السياسية العراقية، بالتالي سنشهد تصدعا في الداخل العراقي، بين المتشددين والمعتدلين والمدنيين“.

ويوم أمس الثلاثاء، فتحت ايران رسميا أبواب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية ولمدة 5 ايام، استعدادا للانتخابات التي من المتفرض ان تجرى في 18 حزيران يونيو المقبل، وبحسب الدستور الايراني، فان لكل شخص الحق في الترشح، ما دفع الآلاف الى تقديم أوراقهم كترشيحات أولية.

وفي الغالب تنحصر المنافسة بين شخصيات التيارين “الاصلاحي” و”المحافظ” في ايران، وهما من يتناوبان على رئاسة الجمهورية وتشكيل الحكومة، لكن وبحسب مصادر اعلامية ايرانية، فانه ولاول مرة، يزج الحرس الثوري الايراني بمرشحين عنه بعد أن أعلن عجز الطرفين في حل أزمات البلاد الاقتصادية.

ويعد النفوذ الايراني، هو الاقوى في العراق في ظل الصراع الدولي الدائر في البلد، وباتت “أذرعها” في العراق تشكل تهديدا لدول الخليج، التي هي على صراع مع ايران ايضا، ومؤخرا قاد العراق وساطة بين ايران والسعودية، وأنطلقت اولى جولات التفاوض في بغداد يوم 9 نيسأن ابريل الماضي

الى ذلك، يقول الباحث المختص بالشؤون الايرانية مشتاق الحلو في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الانتخابات الايرانية لن تؤثر على العراق، فسياسية ايران طيلة الـ18 عاما الماضية لم تتغير ولم تشهد أي انعطافات تجاه العراق، رغم مجيء أكثر من رئيس جمهورية ومن تيارات مختلفة“.

ويضيف الحلو، أن “ايران إذا استطاعت أن تنفذ بشكل أكبر في العراق، فهذا يعود الى الوضع الدولي والحكومة الامريكية والوضع الداخلي العراقي، وبمرور الوقت أصبح وجودها اقوى”، مبينا ان “اساس السلطة في ايران بيد القائد (المرشد الاعلى)، لكن الادارة (الحكومة) تذهب مرة للمحافظين ومرة للإصلاحيين، وذلك فقط لكي يتحملوا المسؤولية امام الشعب، فكلا التيارين ليس لهما تأثير حتى في الداخل الايراني“.

ويشير الى ان “النفوذ الايراني في العراق سيكون اقوى في ظل تراخي ادارة الرئيس الامريكي جو بايدن، لكن الاهم هو تراخي الحكومة العراقية ايضا“.

ويؤكد “في إيران لن يجري أي صدام حقيقي بين التيارين حول أي ملف وخاصة العراق، فرسم السياسيات العامة لايران بيد القائد وفقا للدستور، ورأيه ينهي أي جدل، وهذا ما قاله وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في التسجيل الصوتي المسرب له، إذ قال كل شيء بيد قائد الميدان (ويقصد قائد فيلق القدس قاسم سليماني)، وهذه هي ارادة النظام“.

وفي العراق، بلغ عدد الفصائل المسلحة حسب اخر احصائية 68 فصيلا، تنقسم مرجعياتها الى أقسام عدة، منها تتبع الولي الفقيه أو ما يصطلح عليها بالولائية، وأخرى تتبع المخابرات الايرانية، وأخرى ترتبط بالمرجع الديني الاعلى في النجف علي السيستاني، وبعض هذه الفصائل شكلت احزابا وشاركت في العملية السياسية وبات لها تمثيل نيابي، فضلا عن حصول بعضها على وزارات في الحكومات العراقية، طيلة السبع سنوات الماضية، حيث برزت عام 2014 عند اجتياح تنظيم داعش للاراضي العراقية

وشكلت هذه الفصائل المرتبطة بايران، تهديدا لدول الخليج وامريكا، وخاصة بعد اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس في 3 كانون الثاني يناير 2020 قرب مطار بغداد الدولي، حيث ارتفعت منذ ذلك التاريخ وتيرة الهجمات ضد المصالح الاجنبية والامريكية تحديدا في العراق، حتى بلغت مرحلة تهديد واشنطن بغلق سفارتها في بغداد والتعامل “بشكل مباشر” مع هذه الفصائل.

ومنذ اغتيال سليماني، تصرح ايران علنا بضرورة توجه العراق لاخراج القوات الامريكية من اراضيه، وهو الامر الذي تمسكت به هذه الفصائل ودخلت بصراع مع واشنطن، التي ردت اكثر من مرة بقصف مقار للفصائل ومخازن اسلحة لهم داخل العراق وفي الحدود، كرد فعل على استهداف مصالحها بصواريخ الكاتيوشا.

من جانبه، يرى المحلل السياسي اياد العنبر في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “نتائج الانتخابات الايرانية لن تغير شيئا من الواقع العراقي، لانه في زمن جميع الرؤساء لم نشهد أي تغيير حقيقي“.

ويبين العنبر، أن “من يدير النظام هو مكتب المرشد والفريق المقرب من هذا المكتب، وعلى هذا الأساس لا يوجد تغيير للسياسة الخارجية”، منوها الى انه “لم يحدث اي تغيير طوال السنوات الماضية، رغم تغير العديد من الرؤساء في ايران“.

ويلفت الى ان “القضية ليست بزيادة النفوذ الايراني، سواء كان الرئيس الأمريكي بايدن او غيره، بل انها مرتبطة بموضوع التفاوض او التقليل من القضايا التي تتعلق ببعض الملفات، حيث ان الإيرانيين يعتقدون ان هذه تتعلق برؤيتهم لملف الامن القومي ومن ضمنها تواجدهم او نفوذهم بالمنطقة، والديمقراطيون الامريكيون يريدون حصر مفاوضاتهم بالملف النووي عبر وساطة أوروبية، وهي لا تهتم بالنفوذ الايراني“.

ويوضح أن “مشكلة الصراع الإيراني الداخلي ستبرز بعد اعلان نتائج الانتخابات العراقية المقبلة من حيث النفوذ لكل منهما، وسيتم معرفة من هي المؤسسة صاحبة القوة التي تمتلك الرأي النافذ في إدارة الملفات المتعلقة بالعراق“.   

يشار الى أنه من المفترض إجراء الانتخابات النيابية المبكرة في العراق، بتاريخ 10 تشرين الاول اكتوبر المقبل، وتمثل هذه الانتخابات نقطة تحول مفصلية في العراق، لكونها جاءت بناء على تظاهرات تشرين الاول اكتوبر 2019، التي أدت الى اقالة حكومة عادل عبد المهدي.

ومنذ ايام، أعلنت الكثير من الحركات السياسية المنبثقة من تظاهرات تشرين الاول 2019 عن انسحابها من الترشح للانتخابات ومقاطعة النظام السياسي، عقب اغتيال رئيس الحراك المدني في كربلاء ايهاب الوزني، حيث جرى اتهام الجهات المرتبطة بايران بتنفيذ العملية، حسب تصريحات ناشطين.

إقرأ أيضا