بيان الكاظمي والحشد.. تعميق لـ”الخلاف” أم عزل للفصائل المسلحة؟ 

في الذكرى السابعة لفتوى الجهاد الكفائي التي أطلقتها المرجع الأعلى في النجف علي السيستاني، لمواجهة…

في الذكرى السابعة لفتوى الجهاد الكفائي التي أطلقتها المرجع الأعلى في النجف علي السيستاني، لمواجهة تنظيم داعش، أثار رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، لغطا كبيرا في صفوف أنصار الحشد الشعبي بسبب عدم تطرقه له، خلال استذكاره الفتوى واشارته الى القوات الامنية فقط، وهو ما اعتبره خبير استراتيجي خطوة للفصل بين “الجماعات المسلحة” وبين الحشد الذي يعد جزءا من المنظومة الامنية وليس بحاجة الى ذكره بشكل خاص، لكن آخرين فسروه بأنه تأكيد لـ”الخلاف العميق” بين الحشد والكاظمي.

ويقول المحلل السياسي أياد العنبر في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الكاظمي سواء أعلن أم لم يعلن اسم الحشد الشعبي في بيانه، فان هناك مشكلة مع فصائل مسلحة تنتمي للحشد الشعبي“.

ويضيف العنبر، أن “قضية الاعلان لم تعد مهمة في هذا التوقيت، ولكن المهم بالموضوع قد تكون هناك رسالة يحاول أن يبعث بها، وهي أن الفتوى تختلف عن عمل الفصائل، أو قد تكون محاولة للاحتفال بالمناسبة دون الإشارة إلى موضوع معين“.

ويبين أنه “قد يكون تعميم رسالة على اعتبار أن الحشد ينتمي للقوات المسلحة ويريد أن يؤكد أن الحشد هو ضمن المؤسسة الأمنية وليس خارجها، والنصر هو منجز لها بصورة عامة والفتوى ساهمت بهذا الموضوع“.

واحتفل يوم أمس، بمرور سبعة أعوام على إطلاق المرجعية الدينية في النجف، لفتوى الجهاد الكفائي، لمواجهة تنظيم داعش الذي سيطر على 3 محافظات في حزيران يونيو 2014، ما دفع الآلاف الى التطوع في صفوف القوات الامنية، فضلا عن مشاركة الفصائل المسلحة آنذاك في القتال وفتحت ابواب التطوع في صفوفها، قبل أن يقر قانون هيئة الحشد الشعبي عام 2016، وترتبط كمؤسسة رسمية بالقائد العام للقوات المسلحة.

وفي هذه الذكرى، أصدر رئيس الحكومة القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، بيانا استذكر فيه الفتوى، دون أن يشير الى قوات الحشد الشعبي، مكتفيا بالاشارة الى المتطوعين الذين لبوا نداء المرجعية، فيما ذكر بكلام المرجعية الذي اشارت فيه الى عدم استغلال الفتوى لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية

وعلى الرغم من ضم هيئة الحشد الشعبي لأغلب الفصائل، إلا أن جزءا منها لا يزال يعلن أنها “فصائل مقاومة” تمارس نشاطا مستقلا عن الحكومة، فيما قامت القوات الأمنية الحكومية منذ تولي مصطفى الكاظمي رئاسة مجلس الوزراء، بالقاء القبض أعضاء وقياديين في فصائل مسلحة وفقا لمذكرات قضائية بتهمة الارهاب، إلا ان معظمها انتهى باطلاق سراح المعتقلين نتيجة تهديدات بالسلاح.

وحول هذا الأمر، يبين المحلل السياسي المقرب من الحشد الشعبي هاشم الكندي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ما يصدر من الكاظمي يخضع لتاثيرات وضغوطات الطبقة المحيطة به من المستشارين“.

ويضيف الكندي، أنه “ليس مستغربا أن يصدر بيان بمناسبة ذكرى فتوى الجهاد من قبل الكاظمي، ولا يذكر فيه الحشد الشعبي، ولعله لا يملك الشجاعة الكافية ليذكر أصحاب الجهد الأكبر، وهذا ليس بالأمر الجديد، حيث أن الحشد اتهم بالقتل والتسقيط”، منوها الى أن “آخر الاخبار تقول بان الرئيس الامريكي جو بايدن يريد اخذ موافقات لضرب الحشد، دون وجود موقف من الكاظمي“.

ويلفت إلى أن “الكاظمي فشل بشكل كامل، حيث انه قبل أيام مرت الذكرى السنوية لمجزرة سبايكر، ولكن الكاظمي لم يذكرها ولم يذهب إلى موقع الجريمة، بل ذهب إلى محافظة ذي قار”، مبينا ان “الكاظمي يعمل بالتخادم السياسي مع اطراف سياسية ربما تحدد له موقفه من الأحداث الجارية، ولهذا نجده يمتنع عن شكر الحشد الشعبي الذي قدم منجزا للانسانية جميعا“. 

ويوضح أن “مسألة الخلاف بين الكاظمي والحشد موجودة، والامر لا ينكر، كما ان الكاظمي وصل إلى الحكم من خلال سرقة التظاهرات واتفاق بعض الاحزاب لجعله واجهة لتنفيذ مصالحها”، متابعا “عندما نبحث عن موقف مسؤول من القائد العام للقوات المسلحة تجاه قوة أمنية قانونية صاحبة منجز كبير في حماية العراق، فاننا لا نجد أي موقف“. 

وفي ايار مايو 2020، زار الكاظمي مقر هيئة الحشد الشعبي والتقى رئيسها فالح الفياض، وهناك ارتدى الزي الخاص بالحشد، وقدم “شكره” لما بذله الحشد خلال عمليات التحرير، وذلك عقب يوم واحد من تصريحات لممثل المرجعية عبد المهدي الكربلائي التي دعا خلالها إلى “تطبيق قانون هيئة الحشد الشعبي وتفعيل هيكلية الحشد بحذافيرها“.  

وشهد منتصف العام الماضي، خلافا كبيرا بين حشد العتبات (المرتبط بالمرجعية الدينية في النجف)، وهيئة الحشد الشعبي، لأسباب سياسية وإيديولوجية، أدى الى عقد حشد العتبات مؤتمرا لم تدع فيه الفصائل الاخرى المنضوية تحتى مسمى الحشد الشعبي، ما دفع الطرفين الى تبادل الاتهامات بينهما.

ويعتبر حشد العتبات، وهي فصائل مرتبطة بالعتبات المقدسة، وعددها أربعة، الممثل “الشرعي” لفتوى المرجعية بالجهاد الكفائي، فيما ترى الفصائل الأخرى المنضوية تحت هيئة الحشد الشعبي، أنها ممثلة أيضا للفتوى وقدمت تضحيات في عمليات التحرير.

من جانبه، يؤكد النائب عن ائتلاف النصر، حسن البهادلي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ما يخص العلاقة بين حكومة الكاظمي والحشد الشعبي هي غير جيدة للأسف الشديد، حيث يجب أن نفرق ما بين الحشد الشعبي كمؤسسة عسكرية قائمة بقانون تأخذ حقوقها وأموالها من موازنة الدولة العراقية، وما بين السلاح المنفلت أو خارج إطار الدولة أو بعض العناصر الخارجة عن القانون، والتي تدعي بأنها من الحشد الشعبي“.  

ويوضح أن “هناك توترا في العلاقة، فالكاظمي عندما يمر بموضوع الحشد الشعبي لا يذكر له أي أثر، نتيجة لتوتر العلاقة بشكل واضح”، مضيفا أن “الاجراءات الاخيرة فيما يخص اعتقال قيادات بالحشد بطريقة غير قانونية، أدت لخلاف عميق، وتسببت بسوء العلاقة بين الطرفين“.

وتواصلت “العالم الجديد” مع ابرز قادة تحالف الفتح ورؤساء كتله النيابية، لكن اغلبهم امتنعوا عن التصريح حول بيان الكاظمي، وذلك في ظل انتشار بيان باسم رئيس التحالف هادي العامري، ردا على بيان الكاظمي الذي لم يذكر فيه الحشد الشعبي، لكن لم يتم التأكد من صحة البيان وبقي محل شك.

إقرأ أيضا