العراق وأفغانستان.. هل تتمكن الفصائل من صد “تكرار السيناريو”؟

مع عودة حركة طالبان الى السلطة في أفغانستان، شهدت الأجواء الرسمية والشعبية في العراق تفاعلا…

مع عودة حركة طالبان الى السلطة في أفغانستان، شهدت الأجواء الرسمية والشعبية في العراق تفاعلا مع الحدث الكبير، فيما رافقه حديث مكثف عن أهمية وجود الفصائل المسلحة كحاجز صد للجماعات “الارهابية” في حال تكرار سيناريو الانسحاب الامريكي، وهو ما قلل من شأنه محللون سياسيون، أكدوا أيضا صعوبة الاكتفاء بتلك الفصائل لحماية البلد في ظل مخاوف من تكرار سيناريو احتلال داعش لأراض شاسعة غربي البلاد في 2014 من دون دعم طيران التحالف الدولي.

ويقول المحلل السياسي شاهو القره داغي في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك ازدواجية في تعامل الفصائل مع ما يحصل في أفغانستان، فمن جهة يعتبرون ما جرى انتصارا لطالبان ويستحق الاحتفال لكونها طردت القوات الامريكية، ومن جهة أخرى يخاطبون العراقيين بأنه لولانا لتكرر السيناريو الأفغاني بالعراق”.

ويضيف القره داغي، أن “التصريحات التي تؤكد قدرة الحشد والفصائل على السيطرة عسكريا وأمنيا في حال الانسحاب الأمريكي، فهي لم تنطلق من أساس علمي وموضوعي وحقيقي، بل جاءت من رغبة إيرانية بضرورة الانسحاب الأمريكي، دون أن تعرف أنها لا تستطيع قيادة الدولة”.

ويتابع أن “الفصائل لا تستطيع المحافظة الآن على أبراج الكهرباء التي يتم قصفها يوميا، كما أنها لا تستطيع التخلص من العمليات اليومية لخلايا داعش في كركوك والموصل وبغداد، فكيف تستطيع السيطرة على البلاد في حال خروج القوات الامريكية”.

وحول مستقبل القوات الأمريكية، وما إذا ستنسحب من العراق وسوريا بعد أفغانستان، يوضح القره داغي، أن “من الصعب التوقع بما سيحصل مستقبلا، حيث توجد الان داخل دوائر صنع القرار الايراني فكرتان، احداهما تقول ان طالبان اليوم مختلفة عن طالبان قبل 20 عاما، ومن الممكن التعامل معها، فيما تقول الفكرة الأخرى ان الانسحاب الأمريكي مشكوك ومريب، ويبدو ان هناك اتفاقا بين امريكا وطالبان وترتيبات قد تضر الجانب الايراني”.

وفي 15 آب اغسطس الحالي، سيطرت حركة طالبان على العاصمة الافغانية كابل، بعد ان هيمنت عشرات المدن الرئيسة في البلد.

وقد دخل عناصر الحركة العاصمة، دون قتال، فيما سلمت القوات الامنية الافغانية سلاحها وأعلن الرئيس الافغاني أشرف غني، استقالته وغادر العاصمة قبل وصول عناصر الحركة الى القصر الرئاسي الذين دخلوه لاحقا واعلنوا من خلاله سيطرتهم على الحكم، وذلك في وقت حاول آلاف المواطنين الافغان الفرار من البلد، عبر اقتحامهم مطار كابول الذي يضم القوات الامريكية والدولية الاخرى، وحاول التشبث بالطائرات الامريكية لاخراجهم من البلد.

وفي ظل هذه التطورات السريعة التي يشهدها البلد المجاور لكل من الصين وايران، وانشغال العالم بمجريات الاحداث، وترقب ما سيحدث في افغانستان، خاصة وان له تجربة مريرة سابقة تحت ظل حكم طالبان، انشغل الرأي العام العراقي، بمناقشة احتمال تكرار ذات السيناريو بعد الانسحاب الامريكي، حيث وصفت الفصائل المسلحة بأنها “السد المنيع” امام اي موجة ارهابية جديدة تطال العراق، اضافة الى انها هي من صدت تنظيم داعش في عمليات التحرير، ومنعت تحول العراق الى افغانستان ثانية.

وبجانب هذا الخطاب، هنأت قوى إسلامية كردية كالجماعة الاسلامية الكردستانية في العراق، حركت طالبان، بـ”انتصارها وتحريرها لأفغانستان”، فيما قالت جماعة العدل الكردستانية “عاجلا او آجلا ستخرج القوات الامريكية من اقليم كردستان ومن العراق كما فعلت في افغانستان، أوضاعنا واوضاعهم قريبة من بعضها، ولمنع وقوع الانهيار علينا ان لا نعتمد على الأجانب، بل على الله وعلى ضمان الوحدة والتوافق والوئام الداخلي التي هي نتاج للعدالة”.

يشار الى ان المرجع الديني الأعلى في النجف علي السيستاني، وعقب انفجار كبير وقع قرب مدرسة في العاصمة كابل وأوقع 58 قتيلا و150 جريحا، في ايار مايو الماضي، قد دعا الدول الإسلامية والمجتمع الدولي إلى القيام بمسؤوليتها ولاتترك الشعب الافغاني الأعزل وحيدا في هذه الظروف الصعبة ولا تسمح بتنفيذ الخطة الشريرة التي رسمها مضمرو الشر لمستقبل هذا البلد، إذ لو قدر لها أن تنفذ، فإنها ستؤدي إلى حصد أرواح المزيد من الأبرياء من خلال الهجمات الإجرامية التي تشنها الجماعات المتطرفة.

تحريك الإرهاب في العراق

وبشأن إمكانية دعم حركة طالبان الى الارهابيين في العراق، بعد تسلمها الحكم في افغانستان، يقول الخبير الأمني فاضل أبو رغيف في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “ما يحدث في افغانستان لا يحاكي الوضع العراقي، حيث أن العراق يختلف من ناحية بيئته عن أفغانستان التي تملك قوتين شبه متكافئتين، وهما قوة طالبان المنحدرة من رحم الدولة الافغانية وقوة القاعدة المسماة بالتوحيد والجهاد، وهي قادمة من خارج الحدود”.

ويبين أن “هناك جملة اعتبارات في هذا الأمر، من بينها هناك سلسلة لقاءات جرت قبل حوالي عام عقدها الجانب الأمريكي مع طالبان برعاية قطرية، وثانيا هناك توجه لدحر أو تضييق الخناق على القاعدة، لأنها أكثر شراسة وتؤمن بأنها تقاتل خارج الحدود الأفغانية على عكس طالبان التي لا تؤمن بذلك”.

ويردف أن “هناك شبه اتفاق حدث بين الإدارة الأمريكية السابقة وبين طالبان على تسلم البلاد دون المساس باي مصالح غربية او امريكية، وهذا ما شاهدناه، ومن جهة أخرى في العراق هناك جملة كتل وقوميات، وهذا يمنع انتشار الفوضى كما حدث في افغانستان”.

ويوم 25 تموز يوليو الماضي، وصل رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي الى العاصمة الامريكية واشنطن، والتقى في اليوم التالي الرئيس الامريكي جو بايدن، وذلك بالتزامن مع مفاوضات الجولة الرابعة والاخيرة من الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، التي كان ملف انسحاب القوات الامريكية القتالية من العراق في مقدمتها، وبحسب البيان الختامي، فانه لن يكون هناك أي وجود لقوات قتالية أمريكية في العراق بحلول 31 كانون الأول ديسمبر 2021. 

وفي الوقت الذي تضغط فيه الفصائل المسلحة في العراق، باتجاه سحب واشنطن لكافة قواتها من البلد، فان تنظيم داعش يشن بشكل مستمر هجمات عديدة تستهدف القوات الامنية والمدنيين، وخاصة في كركوك التي باتت تشهد هجمات شبه يومية، يذهب ضحيتها عشرات المنتسبين الأمنيين، فضلا عن صلاح الدين وديالى وأطراف العاصمة بغداد.

وبحسب لجنة الامن والدفاع النيابية، فقدت أكدت سابقا لـ”العالم الجديد”، أن هناك ضعفا في الاجهزة الأمنية، وعدم أخذ القادة بالأمور التي تؤشرها اللجنة، حول الثغرات وغيرها، ما يؤدي الى ارتفاع وتيرة الهجمات الارهابية.

من جانب آخر، فان الفصائل المسلحة مستمرة بعمليات استهداف ارتال الدعم اللوجستي التابعة للتحالف الدولي، رغم الاعلان عن قرار واشنطن بسحب قواتها القتالية.

الى ذلك، يبين الخبير الأمني حسين الكناني في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “طالبان ليست بصدد دعم الارهابيين خارج افغانستان في هذه المرحلة، وانما هم بصدد تشكيل حكومة لهم ضمن شروط وضوابط متفق عليها”.

ويؤكد الكناني، أن “تجربة داعش والقاعدة في العراق تم تجاوزها بفضل التضحيات الكبيرة، كما أن بعض الخلايا النائمة والقيادات الداعشية التي ما تزال تحصل على الدعم الخارجي، فهذه مسيطر عليها، وبالتالي لا تأثير مباشر من طالبان على العراق”.

ويلفت الى أن “سيطرة طالبان على أفغانستان سيدخلها بمشاكل كثيرة، ولاحظنا من اليوم الكثير من المهاجرين والنازحين والهروب الجماعي، وستكون هناك ازمة داخلية كبيرة، وبالتالي فهم ليسوا بصدد تصدير الارهابيين الى خارج البلاد”.

يشار الى أن النائب عن تحالف الفتح مختار الموسوي، أعلن يوم أمس الأول، موضوع افغانستان وسقوط كابول بيد حركة طالبان يدل على فشل الادارة الاميركية الحالية والسابقة، وان الوضع في العراق لا يختلف كثيرا عما حدث بافغانستان، لكن الحشد الشعبي على استعداد تام لمواجهة اي سيناريو من هذا القبيل، وان هيئة الحشد لديها دراسات خاصة بشأن اي انسحاب اميركي من العراق وهي على أهبة الاستعداد بكل فصائلها واتخذت اجراءات خاصة في هذا المجال.

إقرأ أيضا