استيراد البضائع الايرانية والتركية يتنامى.. هل ينتظر العراق “كارثة” اقتصادية؟

خلال يوم واحد فقط، أعلنت كل من تركيا وايران ارتفاع صادراتها من مختلف السلع الى…

خلال يوم واحد فقط، أعلنت كل من تركيا وايران ارتفاع صادراتها من مختلف السلع الى العراق، إضافة الى تصدره المراتب الأولى بقوائم المستوردين، وهو الأمر الذي عزاه مختصون ومسؤولون، الى عدم وجود خطط حكومية للنهوض بالمنتوج المحلي، فضلا عن غياب الضرائب عن البضاعة المستوردة، وسط الكشف عن نحو مليون و500 الف شركة وتاجر مسجلين رسميا في العراق.

ويقول نائب رئيس غرفة تجارة بغداد حسن الشيخ في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “سبب ارتفاع حجم الصادرات الإيرانية والتركية الى العراق، يعود لارتفاع أسعار الشحن الجوي والبحري القادم من الصين والدول البعيدة، ما دفع التجار الى الاعتماد على الدول القريبة التي تصل بضائعها برا، على عكس بضائع الدول البعيدة التي تكون تكاليف نقلها مرتفعة، وخاصة بعد رفع أسعار الدولار”.

ويضيف الشيخ، أن “حماية المنتج المحلي تتأرجح بين الحين والآخر، خصوصا في المواسم الزراعية على سبيل المثال، حيث يذهب التجار إلى دول الجوار للاستيراد، ما يؤدي الى ضرب المنتج المحلي، وبالتالي لن تكون هناك إرادة لدى اصحاب المنتج المحلي في الاستمرار بالعطاء”، مبينا أن “فتح الحدود بسبب الضغوط السياسية هو ما دمر المنتج المحلي، وحتى عندما تغلق المنافذ الجنوبية، تفتح الشمالية، لا سيما وان كردستان فيه 30 منفذا غير رسميا”.

ويلفت الى ان “التجار يعلمون بفساد المنافذ الحدودية، بالتالي يتجهون للاستيراد بدلا من إنشاء المصانع وتشغيل عاملين داخل البلد، وهو ما تسبب بحدوث بطالة كبيرة على حساب المستورد”، مضيفا “هناك توقعات بمرور العراق بكارثة اقتصادية في عام 2024 اذا استمرت الامور على ما هي عليه الآن”.

وحول اعداد الشركات والتجار المسجلين، ونسبة الفاعلين منهم، يوضح الشيخ أن “الشركات والتجار المسجلين لدينا، ليس اغلبهم فاعلين، فعدد الفاعلين هو 33 – 40 ألف ما بين شركة وتاجر، لكن مجموع المسجلين هو بين مليون – مليون ونصف، وهذه بعضها مسجل بهدف الحصول على هوية الغرفة فقط”، متابعا “بقدر هذه الاعداد المسلجة لدينا، هناك شركات وتجار يعملون دون تسجيل، هربا من الضرائب”.       

وكان الأمين العام للغرفة التجارية الإيرانية العراقية المشتركة جهانبخش سنجابي شيرازي، قال في 2 تشرين الاول اكتوبر الحالي، ان صادرات إيران من السلع غير النفطية إلى العراق في النصف الاول من العام الحالي، سجلت نموا بنسبة 28 بالمائة، فيما سجلت نموا بنسبة 50 بالمائة، من حيث القيمة و الوزن على التوالي مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، فيما أشار الى ان الصين وتركيا منافسان لإيران في السوق العراقي، لكن هناك دول اخرى مثل المملكة العربية السعودية والاردن تخطط لزيادة حصتها من تصدير المنتجات إلى العراق، ما يوجب علينا اتخاذ خطوات فعالة للحصول على نصيب الأسد من تصدير المنتجات إلى السوق العراقية.

ويأتي هذا التصريح، في اليوم ذاته الذي اعلنت فيه هيئة الاحصاء التركية، عن حلول العراق بالمرتبة الرابعة في الصادرات التركية لدول العالم في شهر اب الماضي بقيمة 939 مليون دولار، كما ان العراق حل خامسا في صادرات تركيا في الفترة من كانون الثاني ولغاية شهر اب 2021، بقيمة مالية بلغت ستة مليارات و599 مليون دولار.

وفي 11 آب أغسطس الماضي، اعلن اتحاد مصدري منطقة البحر المتوسط في تركيا، ان العراق جاء ثانيا كأكبر مستورد لليمون من تركيا، خلال الفترة بين كانون الثاني يناير – تموز يوليو 2021، حيث كانت روسيا كانت اكثر البلدان استيراداً لليمون التركي، وحل العراق في المركز الثاني، تلاه رومانيا، وأوكرانيا وصربيا.

الى ذلك، تبين الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق لا توجد فيه سياسة تشجع على المنتج المحلي، ومن أكثر الأخطاء شيوعا، انه لا يوجد من يفرض ضرائب على المنتجات الاجنبية المستوردة حتى تكون اسعارها عالية لتتمكن  المنتجات المحلية من اثبات نفسها في السوق المحلية”.

وتلفت الى ان “المنتجات الاجنبية المستوردة غالبا ما تكون أرخص من الَمنتجات الوطنية، وبالنتيجة تستطيع ان تسيطر على السوق والمستهلك يعتمد عليها بالكامل”، مضيفة ان “هناك إجراءات اقتصادية مغلوطة داخل العراق، وهي التي أدت إلى تراجع الصناعة والزراعة، بالاضافة الى عدم قدرة المنتوج العراقي على منافسة المنتوج الاجنبي، مما أدى الى فتح الأبواب على مصراعيها لكل الاستيرادات مع غياب الرقابة النوعية، وعدم فرض الضرائب والرسوم اللازمة ما سبب بانخفاض اسعار هذه السلع”.

وتنوه الى ان  “هناك ظرف اقتصادي مرت به كل من تركيا وايران، وهي انخفاض عملة الدولتين امام الدولار، وهذا الانخفاض يجعل صادرات هذه الدول تكون رخيصة، بالتالي فأن العراق اتجه لاستيراد البضائع من هذه الدول، لكون مجاور لها، بذلك جرت السيطرة على السوق العراقية من هذه الدول”، متابعة “لا يوجد تخطيط من الحكومة فيما يخص الاقتصاد العراقي، وانما الوضع  متروك للتجار والمستوردين، ولا احد يهتم بالواقع الاقتصادي العراقي”. 

كما يواجه قطاع الصناعة في العراق بشكل عام، تدهورا كبيرا منذ العام 2003 ولغاية الآن، في ظل توقف أغلب المعامل والتوجه للاستيراد، وقد قدر اتحاد الصناعات العراقية قبل سنوات، نسبة المشاريع المتوقفة بـ40 ألف مشروع، ودائما ما تتضمن البرامج الحكومية المتعاقبة موضوعة تنشيط الاقتصاد والصناعة المحلية، لكن دون تحقيق أي وعد، بل تستمر عجلة التبادل التجاري مع دول المنطقة مع إهمال الصناعة المحلية.

وفضلا عن القطاع الحكومي، فان مشاريع القطاع الخاص، شهدت توقفا بل وإنهيارا كبيرا نتيجة لعدم توفر البنى التحتية للانتاج، من استمرار التيار الكهربائي او الحماية اللازمة، خاصة في ظل الاحداث الامنية التي يعيشها البلد بصورة مستمرة، ما انعكس سلبا على الشارع العراقي الذي تحول الى مستهلك للبضائع المستوردة.

إقرأ أيضا