المستقلون.. دور برلماني حاسم أم القبول بالـ5 ملايين دولار؟

رغم ظهور انتماء البعض لأحزاب تقليدية، إلا أن القوى السياسية أجمعت على تشكيل المستقلين الفائزين…

رغم ظهور انتماء البعض لأحزاب تقليدية، إلا أن القوى السياسية أجمعت على تشكيل المستقلين الفائزين بالانتخابات، قوة لا يستهان بها، مرجحين أن يكون لهم تأثير كبير في تمرير الحكومة المقبلة، شريطة عدم تشتتهم بين القوائم، وسط مغريات مالية بضمهم وصلت الى 5 ملايين دولار للمقعد النيابي الواحد.

ويقول رئيس الحزب الاسلامي في سامراء عبد القهار السامرائي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “عدد مقاعد المستقلين مهم جدا، وليس بالسهل تجاهله، ولكن أهميته تكمن في تحالفهم وليس في انفرادهم، حيث أن فوزهم منع إعادة تدوير الوجوه السابقة وعزز أمل المجتمع بهم ودفع العملية السياسية نحو الأمام قليلا”.

ويضيف السامرائي، أن “المستقلين لديهم مجال واسع للحركة ويؤثرون بشكل ايجابي لو اتحدوا مع بعضهم وشكلوا كتلة سياسية مستقلة عن النهج السياسي القديم، وانطلقوا نحو الجمهور، ولكن في حال اندثارهم من خلال اندماجهم مع الكتل السياسية وتفرقتهم فهذا سيؤدي الى تشتت جهودهم وضياع الجهد الوطني”.

وينوه الى أن “الوضع العام يشهد عدم انسجام بين الكتل، والكل ينظر الى المستقلين وعدد مقاعدهم، خاصة ممن لم يحسبوا على جهة معينة، وبالتالي سيكون لهم دور كبير في تشكيل الحكومة المقبلة، وصوتهم سيكون واضحا”.

وأفرزت نتائج الانتخابات التي جرت مؤخرا، فوز نحو 40 مرشحا مستقلا بمقاعد نيابية، منهم من يمثلون الحركات السياسية المنبثقة من تظاهرات تشرين الأول أكتوبر 2019، وأبرزها حركة امتداد حيث حصلت على 9 مقاعد نيابية، بالاضافة الى مستقلين آخرين ينتمون لقوى تشرين، فيما ضم الجزء الآخر شخصيات شاركت بصفة “مستقل”، لكنها ترتبط بالأحزاب السياسية التقليدية، وسرعان ما انكشف ذلك من خلال إعلانها الانضمام لتلك الأحزاب.  

ومن أبرز القوى السياسية التي ضمت مستقلين لها، هو تحالف الفتح الذي انضم اليه 7 فائزين مستقلين تبين انضمام 3 منهم الى كتلة بدر بزعامة هادي العامري، و4 الى عصائب أهل الحق التي يتزعمها قيس الخزعلي، فيما أعلن ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، عن انضمام 6 فائزين مستقلين له، فيما انضم 6 مستقلين الى تحالف تقدم بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي.

وقد نصت المادة 45 من قانون الانتخابات، على التالي: لا يحق لأي نائب أو حزب أو كتلة مسجلة ضمن قائمة مفتوحة فائزة بالانتخابات الانتقال الى ائتلاف أو حزب أو كتلة أو قائمة أخرى إلا بعد تشكيل الحكومة بعد الانتخابات مباشرة، دون أن يخل ذلك بحق القوائم المفتوحة أو المنفردة المسجلة قبل إجراء الانتخابات من الائتلاف مع قوائم أخرى بعد إجراء الانتخابات.

وأعلن أمس الأربعاء، عن تشكيل “الكتلة الشعبية المستقلة” التي تضم عددا من الفائزين المستقلين بالانتخابات، أبرزهم محمد عنوز وسجاد سالم، وبحسب بيان التأسيس، فانها كتلة منفتحة على المرشحين الفائزين جماعات وأفراد بغض النظر عن الانتماء القومي والديني والمذهبي، كما أنها ستتبنى بناء دولة المواطنة وتنبذ نهج المحاصصة وتقوم بمهام الرقابة الفعالة والتشريع الرصين وتكافح الفساد المالي والإداري وتدافع عن حقوق المواطنين في الثروة الوطنية وتحافظ على القرار الوطني المستقل.

الى ذلك، يبين القيادي في ائتلاف دولة القانون كاطع الركابي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المستقلين قسمان سنة وشيعة، ومن غير الممكن أن يتحدوا، فيمكن أن يذهب القسم السني باتجاه معين والشيعي كذلك”.

ويوضح الركابي، أن “هناك سباقا من أكثر الأطراف، حيث وصل سعر المقعد الواحد الى أكثر من 5 ملايين دولار، وذلك في سبيل أن ينظموا الى بعض الجهات، إلا أن قسما منهم ما يزال صامدا، كونهم قدموا لتمثيل جمهورهم بشكل حقيقي”.

ويتابع “لغاية الآن لم يحسم المستقلون أمرهم، فمنهم من لديه رأي واضح خاصة التشرينيون، وهؤلاء يستحيل أن يلتقوا مع بعض الأطراف السياسية الأخرى، والقسم الآخر لديه توجه حكومي ورؤية مختلفة عن قوى تشرين، لكن الأمور ستتضح عند إعلان النتائج النهائية للانتخابات”.    

يشار الى أن مصدرا سياسيا كشف في 19 تشرين الأول أكتوير الماضي، أن حركات امتداد والجيل الجديد وإشراقة كانون بالاضافة الى عدد من المستقلين الفائزين بمقعد نيابي في البرلمان الجديد، عقدت اجتماعات تشاورية تنسيقية في النجف، بهدف إعلان تحالف برلماني معارض كبير يدعى تحالف تشرين للاصلاح والتغيير، مكون من نحو 35 نائبا، في سابقة قد تكون الأولى بتأريخ مجلس النواب العراقي بعد 2003.   

من جانبه، يبين القيادي في التيار الصدري عصام حسين خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مشروع المستقلين بني ضد المحاصصة، وترشيحهم جاء لهذا السبب، ولغاية الآن هم متجهون نحو المعارضة، ولكن لاحظنا خطابا من بعضهم بأنهم يمكن أن يصوتوا للحكومة إذا لم تكن توافقية”.

ويردف أن “مقاعد المستقلين الكبيرة يمكن أن تغير المعادلة في البرلمان، ولكنهم يتجهون لرفض التوافق، فالعديد منهم لم ينظم الى كتل سياسية”.

وتعد الانتخابات المبكرة، التي أجريت في العاشر من تشرين الأول أكتوبر الماضي، إحدى مطالب تظاهرات تشرين التي أجبرت رئيس الحكومة عادل عبد المهدي على تقديم استقالته، ومن ثم المجيء بحكومة مصطفى الكاظمي التي كان هدفها الأول هو الإعداد لانتخابات مبكرة، وتكون “حرة ونزيهة”.

وجاءت نتائج هذه الانتخابات التي حملت مفاجآت عديدة على مستوى القوى السياسية أو الشخصيات البارزة التي منيت بالخسارة، بعد سلسلة أحداث كبيرة شهدها الشارع العراقي طيلة العامين الماضيين، منذ لحظة انطلاق تظاهرات تشرين وما رافقها من قمع وعمليات اغتيال وتعذيب للناشطين، بمقابل عمليات حرق وهدم لمقار الأحزاب الشيعية في محافظات الوسط والجنوب.

إقرأ أيضا