صراع إقليمي يضع السليمانية على فوهة مدفع

في محافظة السليمانية التي تشهد حراكا احتجاجيا واضطرابات أمنية، يبرز صراع إقليمي مخابراتي خفي طرفاه…

في محافظة السليمانية التي تشهد حراكا احتجاجيا واضطرابات أمنية، يبرز صراع إقليمي مخابراتي خفي طرفاه كل من إيران وتركيا، بسبب تحركات للمخابرات التركية داخل المدينة بهدف جمع المعلومات عن مواقع حزب العمال الكردستاني (PKK)، الأمر الذي أثار حفيظة إيران التي تعتبر السليمانية دائرة نفوذ بسبب حدودها المشتركة، محذرة الاتحاد الوطني الذي يشهد انقساما على مستوى قياداته، من السماح بتغلغل المخابرات التركية، في ظل تأهب (PKK) للرد على أي هجمات داخل المدينة.

وتقول المصادر في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “صراعا كبيرا يدور في السليمانية، أطرافه تركيا وإيران، فكل واحدة من هاتين الدولتين تحاول أن تفرض سيطرتها بالكامل على المدينة من الناحية المخابراتية”.

وتضيف أن “هذا الصراع ظهر مؤخرا من خلال سلسلة اجتماعات عقدتها المخابرات التركية (الميت) في أحد فنادق السليمانية، مع جهاز المخابرات التابع للاتحاد الوطني الكردستاني (زانياري)، في ظل سيطرة الأخير على المحافظة”.

وتوضح أن “الاجتماعات كانت بهدف تحديد مواقع عناصر وقادة حزب العمال الكردستاني PKK، إذ استحصلت المخابرات التركية على كافة المواقع والإحداثيات، وخاصة في مناطق جمجمال وكركوك وشارزور وبينجوين وقرداغ، لقصفها بالطائرات المسيرة”.

وتأتي هذه التحركات في ظل اضطرابات أمنية، بعد أسابيع على إقالة مسؤول مؤسسة (زانياري) المرتبطة بالاتحاد الوطني الكردستاني محمد طالباني، وهو (ابن أخت لاهور شيخ جنكي وشقيق آلا طالباني، رئيسة كتلة الاتحاد الوطني في البرلمان السابق)، ويعد من أذرع شيخ جنكي الأمنية في السليمانية، خاصة وأن هذه المؤسسة تعد من أبرز الجهات الأمنية في المدينة، وذلك وسط معلومات نشرتها “العالم الجديد”، بضغوط تركية حظيت بدعم الحزب الديمقراطي الكردستاني لإنهاء دور شيخ جنكي بسبب دعمه لحزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة.

واعتبر شيخ جنكي القرار الذي تم إصداره في 8 تموز يوليو الماضي، استهدافا مباشرا له، خاصة وأن هناك محاولات جرت لتنفيذه بالقوة العسكرية، وفي تلك الليلة اقترب الخلاف من الانقلاب، لكنه انتهى مؤقتا بهدوء حذر، نتيجة تدخل العديد من الاطراف، وأبرزها رئيس الجمهورية برهم صالح، الذي توجه الى السليمانية في تلك الساعات.

وتلفت المصادر في حديثها لـ”العالم الجديد”، الى أن “إيران من جانبها، وبعد تحركات المخابرات التركية، أوصلت رسالة الى قادة الاتحاد الوطني بأنها لن تسمح بخضوع السليمانية لسيطرة تركية، أو تتحول الى منطقة نفوذ لها، على غرار أربيل ودهوك”، متهمة ضمنيا تهاون أو تعاون الحزب الديمقراطي الكردستاني مع المخابرات التركية.

وبحسب المصادر، فإن “حزب العمال الكردستاني، دخل حالة تأهب قصوى، ووضع عناصره في جهوزية تامة لإعلان حالة الصفر بأية لحظة، لشن هجوم كاسح على السليمانية، في حال تعرضت مقاره الى القصف أو تم اغتيال قادته”.

ويأتي ذلك، في ظل اضطرابات أمنية تشهدها السليمانية بدأت بالتظاهرات الطلابية التي جوبهت بقمع من قبل القوات الأمنية، لتتحول الى تظاهرات عامة شاركت فيها الكثير من شرائح المجتمع، وسط أزمة سياسية معقدة بين الرئيس المعزول للاتحاد الوطني الكردستاني لاهور شيخ جنكي ورئيس الاتحاد الفعلي بافل طالباني.

وكانت القوات التركية، قد قصفت قرى منطقة برادوست شمال أربيل، بالمدفعية أولا، ومن ثم تدخلت الطائرات وقصفت القرى، ما أثار الهلع لدى السكان.

ومنذ مطلع العالم الحالي، صعدت تركيا من عملياتها في العراق بشكل كبير، ونفذت العديد من عمليات الإنزال الجوي، فضلا عن إنشاء نقاط أمنية بعد دخول قواتها البرية لمناطق مختلفة من دهوك ونينوى، إضافة الى الإعلان عن إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في الأراضي العراقية، وذلك بهدف ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، وخاصة في قضاء سنجار بنينوى.

وكان قضاء سنجار هو الهدف التركي المعلن، حيث يعتبر معقلا لعناصر حزب العمال الكردستاني، وهو ما دفع بالفصائل المسلحة لإرسال ألوية عسكرية الى القضاء، وتمركزت فيه لصد أية عملية تركية محتملة داخل القضاء الذي يقع جنوب غربي نينوى، ويعد موطنا لتواجد أبناء المكون الإيزيدي في العراق.

يذكر أن الأشهر الماضية، شهدت احتدام الاشتباكات بين القوات التركية والعمال الكردستاني داخل الأراضي العراقية، ما أدى الى نشوب خلاف بين الأحزاب الكردية حول طبيعة التعامل مع العمال الكردستاني، وحول “شرعية” وجوده أيضا، بعد تأثر القرى والتوغل التركي في العمق العراقي، حيث بلغ 40 كليومترا لأول مرة.

إقرأ أيضا