“حكومة التصريف” تطوق الموانئ العراقية بسكة حديد إيرانية

منحت حكومة تصريف الأعمال، الضوء الأخضر لإيران بإنشاء الربط السككي مع محافظة البصرة، في خطوة…

منحت حكومة تصريف الأعمال، الضوء الأخضر لإيران بإنشاء الربط السككي مع محافظة البصرة، في خطوة ستؤدي بحسب مختصين، الى شل موانئ البلاد وتعطيل حلم العراقيين بتحول بلادهم الى نقطة عبور رئيسية لربط التجارة الدولية بين الشرق والغرب. 

ويقول الناطق باسم نقابة البحريين العراقيين علي العقابي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قبول العراق بالربط السككي مع إيران يعني منحها نصف وارداته المتوقعة، لأن الأمر سيجعل من العراق محطة عابرة، وليس رئيسية لنقل البضائع”.

ويضيف العقابي، أن “العراق بهذا الاتفاق أصبح طريق مرور فقط لا غير، ولا يمكن أن يحقق الفائدة المرجوة، فعلى سبيل المثال وبدل من أن يربح العراق عن كل نقلة بضائع نحو 1000 دولار، سوف يتقاضى النصف فقط أو حتى أقل من ذلك”، مبينا أن “الربط السككي مع إيران سوف ينعش الموانئ الإيرانية على حساب نظيراتها العراقية وخاصة ميناء الفاو، وذلك بسبب الافتقار الى الخبرة أو القصد، لأن الصين تطلب أن يكون العراق هو نقطة الربط والتواصل بين آسيا وأوروبا، فلماذا يتم الربط بأماكن أخرى مثل إيران”.

ويلفت إلى أن “تأثير الربط السككي والبري على الموانئ العراقية، سيكون عبر قلة عدد البواخر التي ترسو في الموانئ، فبدلا من أن تتواجد 10 بواخر ستكون هناك 4 أو 5 فقط، وهذه خاصة بتجارة وأعمال البلد، أما بشأن تحول البلد الى معبر رئيسي للتجارة الدولية فلا يمكن تحقيقه في ظل وجود هذا النوع من الربط السككي، إذ ستقل عملية دخول البواخر، ما يؤدي إلى تقليل الفائدة، ما سينعكس سلبا على ميناء أم قصر حتى”.  

وكان وزير النقل الإيراني رستم قاسمي، أعلن أمس الأول الأحد، توقيع مذكرة تفاهم مع وزير النقل العراقي للشروع في إنشاء سكة الحديد بين مدينتي الشلامجة في إيران ومحافظة البصرة، وأكد أن أهمية هذا الاتفاق تكمن في أننا كنا قد أجرينا سلسلة من المباحثات مع الجانب العراقي على مدى 20 عاما لتنفيذ هذا المشروع، واتفاقنا اليوم يحمل جدولا زمنيا محددا وواضحا ويلزم الجانبين الإيراني والعراقي ببدء تنفيذ هذا الخط خلال 30 يوما كحد أقصى.

يشار الى أن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، أعلن في آيار مايو الماضي، وخلال تهنئته بمناسبة عيد الفطر، عن وصول المفاوضات مع إيران لبناء خط سكة حديد بين البصرة والشلامجة لمراحلها النهائية.

يذكر أن كلا من إيران والكويت، تحاولان ربط خطوط سكك حديد مع محافظة البصرة للاستفادة من موقع العراق المهم على مستوى التجارة الدولية، ولتكون بديلا عن ميناء الفاو من خلال استقبال البواخر والسفن التجارية في موانئ الدولتين، فيما يتحول العراق الى مستقبل للبضائع وممر بري لها فقط، في وقت سيتيح ميناء الفاو الفرصة للعراق أن يكون المستقبل للسفن والبضائع مباشرة، ويتحول الى قوة اقتصادية كبرى في المنطقة.

وبحسب تقرير مفصل نشرته “العالم الجديد” في 25 تموز يوليو 2020، فإن ميناء الفاو سيكون نقطة الربط بين شرق اسيا وبين اوروبا، وسيحول العراق الى ممر للبضائع، تبدأ من ميناء الفاو وتمر بريا عبر خطوط حديثة الى تركيا ومنها الى اوروبا، ما يختصر الفترة الزمنية لنقل البضائع الى ساعات، بدلا من 20 يوما تقريبا عبر قناة السويس، وهي الممر الحالي الرابط بين شرق اسيا وأوروبا.

وبدأ مشروع الربط السككي بين البصرة وإيران، يأخذ صداه في العام 2014، خلال تولي حيدر العبادي رئاسة الحكومة العراقية، حيث طرحت طهران مشروع ربط سككي بين البصرة وميناء الأمام الخميني جنوبي إيران على الخليج العربي، وصولا الى ميناء اللاذقية في سوريا، بطول 32.5 كليومترا، لنقل المسافرين والبضائع.

التفاف قانوني

وحول مدى صلاحية حكومة تصريف الأعمال الحالية، لتوقيع مثل هذه المذكرة، يوضح الخبير القانوني جميل الضامن خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “حكومة تصريف الأعمال من غير الممكن أن توقع اتفاقيات استراتيجية، والربط السككي وضمن المفهوم الاقتصادي يعتبر اتفاقية استراتيجية، لذلك اتجهت الحكومة الى توقيع مذكرة تفاهم، للتقليل من وقعها القانوني”.

ويوضح الضامن، أن “حكومة تصريف الأعمال من حقها أن توقع مذكرات تفاهم، فهذه المذكرات على نوعين، الأولى لتسهيل تنفيذ اتفاقية مبرمة، والثانية تمهيد لإبرام اتفاقية”، موضحا أن “مذكرة التفاهم لا تتطلب إجراءات كبيرة أو عرضها على البرلمان، على عكس الاتفاقيات التي يجب أن تعرض على البرلمان ليصادق عليها، فمذكرة التفاهم تحال مباشرة للسلطة التنفيذية”.

وحول إعلان الجانب الإيراني عن قرب بدء العمل بمشروع الربط السككي بناء على مذكرة التفاهم، يوضح الضامن، أن “صلاحية تنفيذ المشروع، هي حسب ما نصت عليه المذكرة، ونحن لا نعلم مضمونها، هل أعطت صلاحية بدء العمل أم لا”.

وبشأن مدى إلزامية مذكرة التفاهم للحكومة الجديدة، يشير الضامن، إلى أن “المذكرة تكون ملزمة من ناحية الالتزامات المتبادلة، على أن لا تقع ضمن الإطار الاستراتيجي العام، أي بمعنى يجب أن لا تكون المذكرة ملزمة لجميع أجهزة الدولة مثل وزارات التجارة والنقل والكهرباء والنفط والتخطيط وغيرها، فهي يجب أن تختص بوزارة واحدة وتحدد التزامات متبادلة وهذه تكون ملزمة بحسب طبيعة البنود”.

وحاولت “العالم الجديد” الحصول على نسخة من مذكرة التفاهم، لكنها لم تستطع ذلك، وتبين أن أيا من الخبراء الاقتصاديين والقانونيين والإعلاميين، لا يملكون أي نسخة منها، وبالإضافة الى هذا فإن الجهات الرسمية العراقية لم تأت على ذكر توقيع المذكرة مع الجانب الإيراني.

وفي مطلع تشرين الأول أكتوبر الماضي، تحولت الحكومة الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي الى حكومة تصريف أعمال، وذلك في ذات اليوم الذي حل مجلس النواب نفسه فيه، تمهيدا لإجراء الانتخابات، التي جرت في في 10 تشرين الاول اكتوبر الماضي.

يذكر أن ميناء الأمام الخميني يقع في مدينة خوزستان ويحتوي على 7 محطات بمجموع 40 رصيفا ويبلغ مجموع الواجهة البحرية للأرصفة حوالي 6,500 متر، وعرف الميناء قبل الثورة الإسلامية عام 1979 بميناء شاهبور.

يشار إلى أن وزير النقل العراقي الأسبق، عامر عبدالجبار، كان من أوائل الشخصيات التي رفضت مشروع ربط العراق بإيران عبر خط سكك حديد، وكشف في العام 2018، أن الربط السككي مع الكويت وإيران سيلحق الضرر بالموانئ العراقية من خلال حرمانها من أجور وعوائد السفن والوكالات والخدمات البحرية، لكنه رآها ورقة رابحة بيد المفاوض العراقي إذا أحسن استخدامها، وذلك عبر التفاوض مع إيران على منحها الربط السككي على أن تعيد منطقة شط العرب للعراق كما كان الحال قبل اتفاقية 1975، وفتح منافذ المياه التي أغلقتها، وكذلك مع الكويت لإعادة النظر في قضايا ترسيم الحدود.

إقرأ أيضا