بعد قصف المطار.. هل يصل زعماء “البيت الشيعي” لمرحلة كسر العظام؟

مع تنامي الانسداد السياسي المطبق على العملية السياسية في البلاد، يأتي الهجوم الصاروخي على مدرج…

مع تنامي الانسداد السياسي المطبق على العملية السياسية في البلاد، يأتي الهجوم الصاروخي على مدرج مطار بغداد ليعمق الأزمة بين الفريقين الشيعيين المختلفين، ففيما تواجه قوى مرتبطة بـ”الإطار التنسيقي” اتهامات بارتكاب الفعل، يدين الإطار الحادث بشدة، في ظل خلافات متجذرة بين الأطراف قد تصل الى مرحلة كسر العظم.

ويقول عضو المكتب السياسي لحركة عصائب أهل الحق سعد السعدي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “استهداف مطار بغداد، والاتهامات التي وجهت لفصائل المقاومة، فإنه سبق وأكدنا أن استخدام صواريخ الكاتيوشا ليس من أساليب الفصائل، وأن هناك جهات مغرضة تحاول خلط الأوراق واستغلال الأزمة السياسية”.

ولا يألو السعدي جهدا في اتهام “دول خارجية بارتكاب الفعل من قبيل أمريكا والإمارات والسعودية وتركيا لإيجاد شرخ بين القوى الشيعية السياسية، بهدف هذه الجهات إشعال فتنة”.

وكان مطار بغداد تعرض صباح أمس الجمعة، الى استهداف بستة صواريخ، تسببت بتضرر أحد المدارج وطائرتين مدنيتين، وهو أول استهداف يطال الجزء المدني من المطار ويتسبب بأضرار، بعد أن كانت الاستهدافات الأخرى تطال موقع قاعدة التحالف الدولي فقط.

وقوبل الاستهداف بإدانة دولية وإقليمية، لكن الأبرز كان حديث رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، الذي دعا القوى والأحزاب والتيارات السياسية إلى رفضها وإدانتها الصريحة للهجوم، ودعم قواتنا الأمنية في عملياتها ضد مطلقي الصواريخ، مؤكدا أن “الصمت على هذا النوع من الاستهدافات بات المجرمون يعدّونه غطاءً سياسياً لهم”. 

وجاء حديث الكاظمي في ظل صمت أغلب الجهات السياسية وعدم إدانتها لاستهداف المطار، إلا أنه بعد بيان الكاظمي، توالت بيانات الإدانة من مختلف الجهات السياسية، واعتبر الاستهداف محاولة لخلط الأوراق.

ويأتي الحادث بعد سلسلة من الاستهدافات طالت مكاتب وشخصيات سياسية متحالفة مع الكتلة الصدرية، وهي الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف تقدم وعزم (السيادة).

يذكر أن ثلاثة صواريخ كاتيوشا سقطت على منزل رئيس البرلمان محمد الحلبوسي في الكرمة بمحافظة الأنبار، وذلك فور إعلان المحكمة الاتحادية الرد على الطعن بشرعية انتخابه، بحسب بيان خلية الإعلام الأمني.

من جانبه، ألمح زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الى الجهات المنفذة للاستهداف بقوله “لا تستهدفوا مصالح الشعب، فالشعب والوطن خط أحمر”، دون أن يسمي الجهة التي وجه لها خطابه، لكن حسابا مقربا من الصدر، أشار بوضوح الى وقوف قوى الإطار التنسيقي وراء الحادث.

وحول هذا الأمر، يبين المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “استهداف مطار بغداد يقودنا إلى خيارين، إما أن يرضخ جزء من المنظومة السياسية لرغبات الجهات المسلحة التي تمتلك تمثيلا سياسيا، وبالتالي يمكن أن تخفف من وطأة العنف، أو أن توجه الدولة مؤسساتها الأمنية لفرض هيمنتها على المشهد الأمني في البلاد، وبخلاف ذلك سيستمر العنف”.

وبخصوص إمكانية المواجهة المسلحة، يشير البيدر، الى أن “القوات الأمنية تحارب تنظيم داعش وهو أكثر شراسة من كل الجماعات المسلحة وأكثر عنفا ودموية، لكنها تغض الطرف عن مواجهة تلك الجماعات التي أصبحت بديلا عن الدولة في أكثر من مناسبة أو منطقة”. 

يشار إلى أن الاستهداف دفع سلطة الطيران المدني لدعوة الجهات المعنية لحماية المطارات العراقية، في وقت يحاول العراق العودة لوضعه الدولي الطبيعي وإبعاد مطاراته عن أي قيود أو عقوبات دولية، لكن ذلك لم يمنع الكويت من إيقاف رحلاتها الى العراق، في خطوة قد تتبعها دول أخرى.

عقدة المشهد السياسي

وخلال وجود زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في العاصمة بغداد، قبل يومين، ظهرت مواقف مختلفة، أبرزها تأكيد زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، اعتياده على “عدم الرد على من يتجاوز ويشخصن الخلافات السياسية الوطنية… وأن ردي عليهم في الميدان السياسي والأمني”، وذلك ردا على كلمة الصدر عقب رد المحكمة الاتحادية للطعن بانتخاب الحلبوسي يوم 25 كانون الثاني يناير الحالي، حيث قال فيها إنه طلب من رئيس تحالف الفتح هادي العامري التحالف معه “دون المالكي”.

ومن جملة المواقف، تغريدة زعيم حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، التي رحب فيها بزيارة الصدر وتمنى أن تكون بداية لحل الخلافات، لكن محصلة المواقف، وفي ظل توارد الأنباء عن لقاء سيجمع الصدر ببعض قادة الإطار التنسيقي وعلى رأسهم رئيس تحالف الفتح هادي العامري، عاد الصدر الخميس الماضي، الى النجف دون إعلان عن أي لقاء.

وحول هذا الأمر، يقول القيادي في ائتلاف دولة القانون سعد المطلبي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “عودة الصدر الى النجف، دون أي لقاء مع الإطار هي رسالة واضحة تعني عدم وجود اتفاق بين الطرفين”.

ويؤكد المطلبي، أن “تغريدة المالكي تعني أنه ينظر من منطلق قوة، وأن الأمور يجب أن تسير باتجاه التوافق الوطني”، مستدركا “لكن الأمور بالنهاية تتجه نحو كتلتين، معارضة وموالاة، ولكن السؤال هو هل ستدوم كتلة الموالاة للحكومة على اعتبار أن الاخوة الصدريين كانت لديهم تجارب سابقة مع السنة ولم تتكلل بالنجاح”.

ويلفت إلى أن “كتلة الموالاة لن تستطيع إنجاز ما عليها من استحقاقات، كما أنها لن تكون كتلة صلدة لدعم الحكومة المقبلة، ونستبعد استمرارها لأربع سنوات قادمة، وقد نشهد تظاهرات أو ما شابه”، مبينا أن “ظاهر الأمور الآن هو بقاء الوضع على ما هو عليه، أي الإطار يبقى بوضعه والعمل على اجتذاب الكتل الأخرى، والكتلة الصدرية وتقدم والحزب الديمقراطي الكردستاني يبقون بالتحالف الثلاثي”.

يذكر أن العامري، قال في كلمة له أمس، أن ذهاب الكرد والسنة مع نصف الشيعة هو مؤامرة وليس أغلبية، معلنا عدم التحالف مع أي جهة دون طرف معين من الإطار.

كسر العظام

فيما يوضح المحلل السياسي علي البيدر، أن “زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أراد أن يبعث بخطاب إلى المجتمع والمنظومة السياسية الشيعية، يؤكد فيه أنه ليس المتسبب الأول بهدم أو تفكيك ما يسمى بالبيت الشيعي”.

ويضيف البيدر، أن “هناك أطرافا سياسية لا تريد الاعتراض على المساحة الوطنية التي يعمل عليها الصدر، ويحاول من خلال ذلك إصلاح المنظومة السياسية في العراق، كونها اقتربت من مرحلة الانهيار بعد زيادة الوعي الشعبي في تظاهرات تشرين”.

ويشير الى أن “هناك تكتلات بدأت تتشكل كمعارضة لهذا النظام السياسي، وأصبح لديها ثقل برلماني، في وقت يحاول الصدر تبرئة ساحته من التهم التي توجهها إليه بعض الأطراف التي لا تريد التواجد تحت خيمته، لذا من الصعب جمع المالكي والصدر”.

وينوه الى أن “المالكي ما يزال داعما لخيار العمل السياسي داخل الإطار التنسيقي، وهو الأكثر اندفاعا لممارسة هذه الخطوة، مقابل أطراف تعمل على إثارة الصراع الأمني أو استخدام العنف لتحقيق أغراض سياسية”.

ويبين أن “المعادلة قد تصل إلى مرحلة كسر العظم بين الزعامات السياسية داخل المكون الشيعي، فتغريدة المالكي الأخيرة، إعلان صريح عن رفضه التواجد تحت خيمة الصدر، إذ أنه على المستوى السياسي والتاريخي في حزب الدعوة أو الحكومة، يتمتع بكبرياء، ولن يرضخ لشروط الصدر، لذا فإني أعتقد بوصول العلاقة بينهما إلى طريق مسدود”.

يشار إلى أن زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، أعلن عبر تغريدة في 22 كانون الثاني يناير الحالي، أن من يسأل عن الإطار بدافع الحرص، نقول إن الإطار التنسيقي قوي متماسك وموقفه موحد، وأفكاره العملية لتشكيل الحكومة وإدارة الدولة تقوم على أساس الشراكة وتكامل المكونات فيها جميعا تحت سقف الدستور، وانه مجمع على التمسك بموقف واحد في (المشاركة أو عدمها) وهو حريص على أن تجتمع الأطراف جميعها في تشكيلات ائتلافية توافقية لمنع أي حالة تداعٍ للعملية السياسية.

فيما يشير عضو المكتب السياسي لحركة عصائب أهل الحق سعد السعدي، أن “مساعي لملمة البيت الشيعي مستمرة، بهدف توحيد الرؤى وتشكيل الكتلة الشيعية الاكبر، حفاظا على استحقاقات المكون”، لافتا إلى أن “الحوارات مستمرة بين كتل الإطار التنسيقي أو الكتلة الصدرية، وأننا ما زلنا نصر على أن يكون هناك موقف موحد، وإلا فسيكون موقف الإطار إما مقاطعة العملية السياسية وهو الأغلب، أو الذهاب للمعارضة”.

ويلفت السعدي، إلى أن “زعيم الحركة قيس الخزعلي، رحب بزيارة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الى بغداد، وكنا نتمنى عقد لقاءات معه، ولكننا لا نعلم الظروف التي دعته الى عدم الاتصال والتواصل مع أحد أطراف الإطار وعودته للنجف”.

ويؤكد “أما تغريدة زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، فهي بخصوص ما تحدث به الصدر موخرا حول استبعاده من التحالفات، ولكن الإطار متماسك بجميع أطرافه”.

يشار إلى أن قائد فيلق القدس اسماعيل قاآني، زار العراق مرتين خلال الأسبوعين الماضيين، حيث التقى خلالها بقادة الإطار التنسيقي لبحث الأزمة السياسية الحالية.

إقرأ أيضا