في ذكرى أول انتخابات تشريعية.. هل فشلت تجربة البرلمان العراقي؟

تمر اليوم الذكرى السابعة عشر لإجراء أول انتخابات تشريعية في البلاد، بعد سقوط النظام السابق…

تمر اليوم الذكرى السابعة عشر لإجراء أول انتخابات تشريعية في البلاد، بعد سقوط النظام السابق في العام 2003، ليؤسس لـ”فشل” مجلس النواب وتحوله الى أداة سياسية طيلة السنوات التي تلتها بحسب سياسيين عاصروا تلك المرحلة، وسط غياب الديمقراطية واقتصارها على التبادل السلمي للسلطة.

ويقول الباحث بالشأن السياسي خالد المعيني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “البرلمان العراقي هو انعكاس لنظام المحاصصة، وكان مشلولا طيلة السنوات الماضية، بدليل أن الكثير من القوانين تم تعطيلها، ومنها قانون المجلس الاتحادي المعطل الذي يضمن توازن السلطة التشريعية وقانون تعديل الدستور وقانون النفط والغاز، وغيرها من عشرات القوانين المهمة لم يستطع البرلمان تمريرها بسبب نظام المحاصصة”.

وجرت في 30 كانون الثاني يناير 2005، أول انتخابات تشريعية في البلاد، انتخب خلالها الشعب العراقي أعضاء “الجمعية الوطنية الانتقالية” كما سميت في ذلك الوقت، بعضوية 275 نائبا.

ويضيف المعيني، أن “البرلمان لم يكن يمثل إرادة الشعب العراقي، بل إرادة الأحزاب، ولم يقدم أية إنجازات حقيقية بخصوص واجباته الأساسية المتعلقة بالتشريع والمراقبة، وإذا كانت القوانين الرئيسية معطلة والفساد بأعلى درجاته، فإن هذا يعني وجود فشل كبير بالأداء البرلماني”.

ويؤكد أن “وظيفة البرلمان تشريعية رقابية، بمعنى أنه عند وجود خلل ما، فللبرلمان ثلاثة إجراءات وهي المساءلة وهي نوع من الاستيضاح والاستجواب، وهو المحاسبة، ومن ثم التحقيق البرلماني وسحب الثقة، ولكننا لم نشهد أيا من هذه الإجراءات، خاصة سحب الثقة التي قامت بها السلطة التشريعية المتمثلة بالبرلمان، لكن ملفات الفساد والفشل الحكومي ظلت حبيسة المساومة والابتزاز والمحاصصة، وهذا يعني أن البرلمان في العراق طيلة الأعوام السابقة كان برلمانا مشلولا بسبب المحاصصة ولم يقم بأداء وظيفته”.

ويردف أن “البرلمان يفترض أن يكون انعكاسا لإرادة الشعب العراقي، لكنه لم يكن صورة إيجابية ولم يمثل الشعب الذي انتخبه، وإنما كان انعكاسا للأحزاب التي حكمت العراق، وليس الإرادة الشعبية، بدليل أن الشعب العراقي يعاني من ملفات الصحة والتربية وغيرها”.

وفي تلك الانتخابات كان العدد الكلي للناخبين 14 مليونا و200 ألف ناخب من مجموع سكان العراق، الذي قدر في وقتها بنحو 27 مليون مواطن، حيث شهدت نسبة مشاركة تصل الى 76 بالمائة، وهي أعلى نسبة مشاركة في تاريخ الانتخابات التي تم تسجيلها في العراق، حتى الآن.

وقد أفرز برلمان 2005، اختيار جلال طالباني لرئاسة الجمهورية، وغازي عجيل الياور وعادل عبد المهدي نائبين له، بالإضافة الى انتخاب إبراهيم الجعفري رئيسا للوزراء، حيث سميت بالحكومة الانتقالية، فيما شهدت تلك الانتخابات مقاطعة ممثلي المكون السني في ثلاث محافظات: نينوى وصلاح الدين والأنبار، قبل أن يصبح منصب رئيس البرلمان من حصتهم في الدورات اللاحقة.

يشار إلى أن حاجم الحسني، تسنم منصب رئيس البرلمان بصفته أول شخصية سنية في أيار مايو 2005، ليبدأ عرف سياسي جديد يقوم على تقسيم الرئاسات الثلاث حسب المكونات.

إلى ذلك، يبين المحافظ والنائب الأسبق وائل عبداللطيف خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “طريق الديمقراطية هو طريق العالم المعاصر، ولكننا فوجئنا بأن الأحزاب المشاركة في العملية السياسية كلها لم تكن أحزابا ديمقراطية، بل مبنية على التوارث، وعند التدقيق بهم فإن 90 بالمائة منهم لم تتغير مناصبهم ومازالوا على رأس أحزابهم، وفي ذات المناصب طيلة السنوات الماضية”.

ويتابع عبداللطيف، الذي كلف بمهام مخافظ البصرة في العام 2004، أن “الديمقراطية يستخدمونها للتداول السلمي للسلطة فقط، لكنهم يعملون بمناكفاتهم السياسية وينشغلون بخلافاتهم ومصالحهم، ونسوا أمورا كثيرة في البلد، وتأخروا كثيرا عن القراءة الديمقراطية الصحيحة، حتى أصبحت الديمقراطية بالعراق منبوذة، والشعب كاره لهذا المفهوم، بدليل تدني نسبة المشاركة بالانتخابات”.

ويلفت إلى أن “القيادات التقليدية لا تقبل إعطاء الحكم وانتزاعه منها بشكل ديمقراطي، ولذلك فإنهم أسهموا كثيرا بتأخر البلاد، فلا توجد مشاريع ولا إنجازات ولا بنى تحتية، وهذا وضع الكهرباء والمشاريع الأخرى، وإلا فإن من غير المعقول أن تمضي 18 سنة من عمر النظام مع العجز عن توفير الكهرباء والتربية والتعليم والصحة ومياه الصرف الصحي، فكل هذه الملفات تعني فشل المنظومة السياسية”.

ويشير إلى أن “الصورة التي رسمها البرلمان العراقي كانت سلبية، وشكل تراجعا بالأداء من دورة الى أخرى، فمجلس الحكم الذي استمر لسنة واحدة أصدر 164 أمرا تشريعيا، فيما أنجزت الجمعية الوطنية الدستور والكثير من القوانين الممتازة في الدورة الأولى، لكن الدورات التي تلتها غابت فيها الحكمة والعقل والخبرة، وتحول البرلمان الى الانشغال بالقضايا الشخصية فيما يتعلق برئيس البرلمان وموكبه ونائبيه وامتيازاتهم، ومن يحصل على اللجان المهمة والانشغال بالأمور الخاصة، بعيدا عن أمور الشعب العراقي”.

وقد شهدت الانتخابات النيابية اللاحقة للعام 2005، تراجعا كبيرا بنسب المشاركة، حيث شهدت انتخابات العام 2010، نسبة مشاركة 62.8 بالمائة، من أصل 18 مليونا و600 ألف ناخب، وفي العام 2014 تراجعت النسبة الى 60 بالمائة من بين 20 مليونا و432 ألف ناخب، في حين تدنت النسبة في العام 2018 الى 44 بالمائة، من بين 24 مليونا و352 الف ناخب، فيما بلغت نسبة المشاركة بانتخابات 2021 41 بالمائة، كأدنى نسبة مشاركة مسجلة رسمية حتى الآن.

إقرأ أيضا