زيارات قاآني.. فشل متكرر ينتظر اللحظات الحاسمة

في ظل انسداد شبه تام تشهده العملية السياسية، يخيم شبح الفشل على مساعي إيران الرامية…

في ظل انسداد شبه تام تشهده العملية السياسية، يخيم شبح الفشل على مساعي إيران الرامية لإحداث تفاهم بين الأطراف السياسية الشيعية في العراق، فعقب استقبال زعيم التيار الصدري لقائد فيلق القدس الإيراني في منزله بالنجف، غرد الأول بشعاره المرفوض من قبل قوى الإطار التنسيقي القريبة من إيران “حكومة أغلبية”، في حين رأى محللون سياسيون أن قاآني قد يتخطى فشله المتكرر في العراق وينجح في اللحظات الحاسمة من التقريب بين المتخاصمين لما تملكه طهران من تأثير على عموم التحالفات السياسية العراقية.

يقول المحلل السياسي إحسان الشمري في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قاآني هو الوحيد الذي يعمل على هندسة التحالفات السياسية، فحتى أمريكا ليست موجودة على الأرض، وهذا واضح باعتراف الفصائل المسلحة نفسها”.

وكان قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني، قد التقى أمس الثلاثاء، زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في منزل الأخير بالحنانة في محافظة النجف، بحسب بيان مقتضب لمكتب الصدر أمس الثلاثاء.

وجرت العادة أن تكون زيارات قاآني سرية بالعادة، وغالبا ما تتزامن مع أي أزمة سياسية في البلد، لكن زيارته السابقة الى العراق في 17 كانون الثاني يناير الماضي، والحالية جاءت بشكل علني، في ظل تعقيدات المشهد السياسي.

ويوضح الشمري، أن “إيران هي الوحيدة القادرة على إدارة التحالفات، وهذا الأمر لا يرتبط بالتحالفات الشيعية فقط، بل يشمل حتى السنية والكردية”، لافتا الى أن “التحالفات العراقية لا تملك القرار، ففي النهاية هناك إرداة خارجية هي من تحددها”.

وبشأن لقاء قاآني بزعيم التيار الصدري وإمكانية توصلهما الى اتفاق، ينوه الشمري الى أن “قاآني فشل لغاية الآن في مهمته، ولكنه قد ينجح خلال الساعات القادمة، كون إيران هي صاحبة التأثير الأكبر على التحالفات”.

وفي تكرار للشعار الذي يرفعه الصدر دائما، نشر تغريدة خطية على حسابه في تويتر عقب استقباله قاآني، مؤكدا على خياره بحكومة “أغلبية وطنية لاشرقية ولاغربية”، وهو الشعار الذي يرفعه الصدر بوجه الإطار التنسيقي الرافض لهذا الخيار.

وتشهد العملية السياسية شللا تاما في ظل تمسك زعيم التيار الصدري بموقفه من التحالف مع الإطار التنسيقي، القاضي بإبعاد زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي عن الإطار، وإصرار الأخير على المضي بتمسكه فيه حتى النهاية.

الى ذلك، يقول المحلل السياسي علي البيدر، في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “جميع زيارات قاآني جوبهت برفض شبه مطلق من قبل أطراف سياسية عديدة، فحتى الآن باءت بالفشل كل محاولاته بإدارة ملف العراق وفرض إرادة طهران أو استقطاب أطراف سياسية تعمل لصالحها، فهنالك تمرد واضح على الرؤية الإيرانية”.

وكان قائد الحرس الثوري الايراني، قد زار العراق مرارا بعد الانتخابات، كما انتشرت له مؤخرا صور تظهر تواجده في المراقد الدينية بالنجف، وسط أنباء عن رغبته في التوسط بين الصدر والمالكي، لكنه لم يلتق بالصدر.

ويوضح البيدر، أن “التحالف الثلاثي الذي يشمل تحالف السنة مع الصدر والحزب الديمقراطي الكردستاني، يقدم نفسه ضمن إطار البحث عن الخيارات الوطنية، ويبحث عن زيادة مساحتها داخل المنظومة السياسية، في مقابل طرف آخر لا يخفي استيراده للحلول الإقليمية والخارجية”.

ويردف بالقول “ما تزال إيران تستخدم القوة الناعمة لإقناع حلفائها أو ممارسة الضغط على خصومها، وقد تنجح، في ظل عجز الولايات المتحدة عن تقديم أي شيء للمعسكر الآخر الذي يدور في فلكها”.

يذكر أن محللين سياسيين نبهوا في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، الى ما تواجهه إيران من تحديات جمة في العراق بعد تعرض حلفائها للخسارة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، ما دفعها لـ”تطويق” الأزمة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فضلا عن محاولات “كسب الوقت” بهدف اتضاح الرؤية المتعلقة في الصيغة النهائية لاتفاقها النووي، مشيرين أيضا إلى وجود رغبة دولية بتقليل نفوذ إيران من خلال سحب البساط من أقدام حلفائها في العراق. 

وكانت كتل الإطار التنسيقي التي يرتبط كثير منها أيديولوجيا وسياسيا بإيران، قد حصلت على عدد مقاعد نيابية قليل مقارنة بالغريم الأساسي وهو التيار الصدري، الذي فاز في الانتخابات بـ73 مقعدا نيابيا، ما دفعه الى التمسك بأحقيته في تشكيل الحكومة وتشكيل الكتلة الأكبر، وهذا ما تحقق جزء منه خلال جلسة البرلمان الأولى في 9 كانون الثاني يناير الماضي، حيث تحالف مع الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالفي عزم وتقدم (السيادة الآن).

وشهدت جلسة البرلمان المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية أمس الأول، خرقا دستوريا جديدا من خلال عدم تحقق النصاب والإيفاء بالمدد التي حددها الدستور، ما دفع رئاسة البرلمان لتحويل الجلسة الى تداولية، في ظل غياب النواب شبه التام.

يشار إلى أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، كان من أوائل الجهات التي قاطعت الجلسة، حيث أصدر أمرا بتجميد عمل الكتلة الصدرية ومنعها من حضور الجلسة، ومن ثم صدرت العديد من بيانات المقاطعة تباعا، منها الإطار التنسيقي الذي اتخذه قراره يوم الأحد الماضي، بعد اجتماع طارئ له، ومن ثم التحق معه تحالف السيادة الذي يضم تحالفي تقدم وعزم، أما الحزب الديمقراطي الكردستاني، فقد اتخذ قراره بعد صدور أمر ولائي من المحكمة الاتحادية يقضي بايقاف إجراءات ترشيح مرشحه لمنصب رئيس الجمهورية هوشيار زيباري، نظرا لوجود دعوى مرفوعة أمامها بشأنه. 

وجاء تحديد أمس الأول الإثنين، موعدا لانتخاب رئيس الجمهورية بعد مصادقة البرلمان على 25 مرشحا لمنصب الرئاسة، ومحاولة لتفادي الخرق الدستوري القاضي بانتخاب رئيس الجمهورية بعد 30 يوما من عقد الجلسة الأولى للبرلمان، والتي عقدت في 9 كانون الثاني يناير الماضي.  

إقرأ أيضا