صمت حكومي.. القصف الإيراني لأربيل يعمق الانقسام: رد أم عدوان؟

عد الحزب الديمقراطي الكردستاني ذرائع إيران لقصف أربيل بأنها “غير حقيقية”، نافيا تواجد أية مجاميع…

عد الحزب الديمقراطي الكردستاني ذرائع إيران لقصف أربيل بأنها “غير حقيقية”، نافيا تواجد أية مجاميع تعمل ضد الجارة، وفيما أرجع محلل سياسي رد بغداد “الخجول” الى نفوذ إيران و”تحكمها” بالقرار العراقي، دافع قيادي في عصائب أهل الحق عن أحقية طهران باستهدف مقار “صهيونية” في أية أرض عراقية، لافتا إلى أن ذلك يختلف كليا عن “التجاوزات” التركية التي تستهدف مواطنين أبرياء.

وتقول عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني اشواق الجاف خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “كل التبريرات الإيرانية لقصف أربيل غير حقيقية، وهي تستخدم كذرائع لقصف الأراضي العراقية، لذا نطلب من الجارة إيران أن تحترم السيادة العراقية، وأن تستخدم الطرق الدبلوماسية عن طريق مخاطبة وزارة الخارجية العراقية، بدلا من اللجوء للقصف”. 

وكان الحرس الثوري الإيراني استهدف أمس الأربعاء، ناحية سيدكان في أربيل، بقذائف مدفعية بحجة استهداف الأحزاب الكردية المعارضة للنظام في طهران، ووفقا لبيانه فإن القصف دمر “قواعد ومقرات للإرهابيين في داخل إقليم كردستان”، مضيفا “عقب الخطوات الشريرة الأخيرة للجماعات العميلة للاستكبار العالمي (لم يسمها) وإرسالهم للخلايا الإرهابية للتغلغل وتنفيذ عمليات تخريبية تستهدف الأمن داخل البلاد، وقع أعضاء خلية إرهابية مسلحة مؤلفة من 5 أشخاص في الشباك الأمني لمجاهدي مقر حمزة سيد الشهداء للقوات البرية للحرس الثوري وتم اعتقالهم جميعا في مدينة بانة (في إيران)، وعلى إثر اعترافات عناصر هذه الخلية وكشف أهدافهم ونواياهم التخريبية والمشؤومة، شنت القوات البرية للحرس الثوري صباح هجمات استهدفت قواعد ومقرات الإرهابيين في إقليم كردستان وتم تدميرها”.

وتضيف الجاف، أن “الإقليم متمسك بالدستور، وهو يمنع استخدام الأراضي العراقية لتهديد أمن واستقرار دول الجوار، وعليه نطلب من الجارة إيران التوقف عن خرق السيادة العراقية والقصف المتكرر، وكذلك نطالب كل الدول بأن تكف عن محاولاتها المتكررة بخرق السيادة واللجوء الى الطرق الدبلوماسية”.

وتردف أن “الحكومة هي من يجب أن تقوم بدورها في مخاطبة إيران بشأن هذا القصف المتكرر الذي سبب أذى لمواطنينا العزل، ويجب أن يكون هناك موقف حقيقي دبلوماسي”.

يذكر أن وزارة الخارجية العراقية، دانت من جانبها القصف، وأكدت أن حكومة العراق تدين القصفَ الإيرانيّ الذي طال عددا من المواقع في منطقة سيدكان في أربيل، ونجدد التأكيدَ على المضمون الدستوريّ، أن لا تُستخدم الأراضي العراقيّة مقراً أو ممراً لتهديد أمن دول الجوار.

وكانت أربيل تعرضت منتصف آذار مارس الماضي، إلى ضربة إيرانية بـ12 صاروخا، سقطت في المنطقة المحيطة بالقنصلية الأمريكية في المدينة وطريق منتجع صلاح الدين، وأدت الضربة إلى تضرر مبنى قناة كردستان 24 الفضائية ومنزل، وفي حينها أعلن الحرس الثوري الإيراني، بأن المركز الاستراتيجي للتآمر والأعمال الخبيثة للصهاينة تم استهدافه بالصواريخ القوية والدقيقة لـ”حرس الثورة الإسلامية”، وفقا لبيانه، مؤكدا أيضا أن أي تكرار لاعتداءات اسرائيلية سيقابل برد قاس وحاسم ومدمر.

في الأثناء، يبين المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الجميع يعلم حجم وإمكانية ودور النفوذ الإيراني في العراق، وما يلعبه من تحركات حادة ومباشرة في الشأن العراقي، تصل إلى حد السيطرة على صناعة القرار في البلاد، لذلك تنأى الحكومات العراقية المتعاقبة بنفسها عن الدخول في أي مساحة تراها طهران خطوط حمراء، حتى لو كان ذلك يتعلق بالسيادة العراقية”.

ويردف البيدر “في الفترة الأخيرة لاحظنا تجاوزات إيرانية مباشرة، وآخرها كانت عملية قصف أربيل، وهذه الخطوة لم تجد أي رد فعل حكومي، بل ربما يبررها البعض”، مؤكدا أن “هذه الخطوة توضح حجم الدور الإيراني وغياب الموقف الوطني الجامع”.

ويستدرك أن “إيران تتعامل مع العراق كحديقة خلفية وليس كدولة ذات سيادة واستقلال، فضلا عن أنها لا تكترث لأي موقف أو قرار عراقي ما لم يكن هذا القرار مؤثرا على الوضع الإيراني”.

ويستطرد “العراق يمكن له أن يستثمر بعض التفاصيل المتعلقة بقطع العلاقات مع إيران أو إيقاف تصدير البضاعة الإيرانية إلى السوق العراقية، فهذا الأمر سوف يجبر إيران على التنازل عن الكثير من المواقف لصالح العراق، لكن حتى الآن لم نجد هذا الموقف لا مع إيران ولا مع تركيا ولا مع أي دولة من الدول، بسبب ضعف الإرادة الوطنية وغياب النضج السياسي التام داخل المنظومة السياسية”.

يشار إلى أن وزير الخارجية فؤاد حسين، سبق وأن زار إيران في منتصف نيسان أبريل الماضي، وأكد من هناك على عدم استخدام الأراضي العراقية لاستهداف دول الجوار.

يذكر أنه بعد القصف السابق، طالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الجهات المختصة رفع مذكرة احتجاج للأمم المتحدة والسفير الإيراني فوراً، مع أخذ ضمانات بعدم تكرارها مستقبلاً، مؤكدا أن زج العراق وتعريض سمائه وأرضه ومقدساته في تلك الصراعات سابقة خطيرة لا ينبغي السكوت عنها.

من جانبه، يرى عضو المكتب السياسي لحركة عصائب أهل الحق أحمد عبدالحسين، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “السيادة العراقية مطلب وطني ويجب الحفاظ عليها، وعلى الجمهورية الإسلامية أن تقدر ذلك، ولكن المواقع التي قصفتها هي تابعة للكيان الصهيوني وهو بحسب ميثاق جامعة الدول العربية، كيان غاصب، ولا يوجد له أية شرعية في أية بقعة إسلامية وليست عربية فقط”.

ويؤكد عبدالحسين، أن “قصف هذه المقار لا يحتاج الى موافقات أو تفسيرات، لأنه كيان غاصب للأراضي الفلسطينية، وهو يسعى للتمدد، وهذا يختلف عن التجاوزات التركية التي تقوم باستهداف مواطنين أبرياء، ولا يوجد هناك أي رادع لها، فلماذا ترتفع الأصوات عندما تقصف إيران المواقع الإرهابية والإسرائيلية، وتخفت هذه الأصوات عندما يستشهد أحد المواطنين من إقليم كردستان”.

ويشير إلى أن “القصف التركي السابق تزامن مع زيارة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي الى تركيا ولقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع شخصيات أمنية، وقف التجاوزات الموجودة على الحدود العراقية التركية لكن لم نرى أي تصريح، وتبين أن الزيارة ودية ولا يوجد فيها أي شيء يخص الشأن العراقي”.

ومنذ العام الماضي ولغاية الآن، تعمد تركيا الى شن عمليات عسكرية واسعة النطاق في اقليم كردستان، بذريعة مطاردة حزب العمال الكردستاني، المصنف كمنظمة ارهابية بالنسبة لها.

إقرأ أيضا