طالبت بغلق مخيم “الهول”.. ماذا قدمت بغداد لسكانه بعد نقلهم لـ”الجدعة”؟

أثار حديث مستشار الأمن القومي العراقي عن ضرورة غلق مخيم الهول السوري ودعوته لكافة الدول…

أثار حديث مستشار الأمن القومي العراقي عن ضرورة غلق مخيم الهول السوري ودعوته لكافة الدول إلى سحب رعاياها منه، تساؤلات عن مصير العوائل العراقية التي نقلت من هذا المخيم إلى مخيم الجدعة في نينوى، وفيما وصفه نائب عن المحافظة بـ”سجن كبير”، دون معرفة مصير من فيه وكيف سيتم التعامل معهم مستقبلا، فيما أكد باحث اجتماعي على ضرورة الإسراع بإعادة تأهيل الأطفال والنساء فيه وبدعم دولي، حتى لا يشكلوا خطرا في المستقبل، نظرا للظروف التي عاشوها، سواء في الهول والجدعة.

ويقول النائب عن محافظة نينوى شيروان الدوبرداني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مصير العوائل المتواجدة التي تم نقلها من مخيم الهول السوري إلى مخيم الجدعة في نينوى ما زال مجهولا لغاية الآن، ورغم تقديم الكثير من الأسئلة البرلمانية للجهات الحكومية بشأن مصير هذه العوائل، لكن لم يرد جواب، فهل سيبقى هذا المخيم عبارة عن سجن كبير لهذه العوائل أو هناك خطة أخرى للحكومة العراقية بقادم الأيام، لا نعرف”.

وكان مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، وخلال لقائه وفدا من البرلمان الاوروبي، أمس الثلاثاء، قد طالب المجتمع الدولي بإلغاء مخيم الهول في سوريا وسحب الدول لرعايها من المخيم.

ويضيف الدوبرداني، أن “تواجد هذه العوائل ضمن حدود محافظة نينوى يشكل خطر وتهديد حقيقي، كما أن الجهات المختصة مطالبة بتدقيق ملفات كل شخص يتم نقله سواء كان من النساء أو الرجال، فهناك ممن لديهم مشاركة في دعم تنظيم داعش الإرهابي، وهؤلاء يجب أن تتم احالتهم إلى المحاكم المختصة، وعدم ابقاءهم في المخيم لأنهم يعتبرون قنبلة موقوتة”.

ويردف أن “الأيام المقبلة ربما تشهد تحركا نحو استضافة شخصيات حكومية مسؤولة عن هذا الملف المهمة والخطير، لمعرفة الخطوات الحكومية تجاه العوائل التي نقلها إلى مخيم الجدعة، فلا يمكن بقاء مصيرهم مجهول، وكأنهم في سجن كبير”.

يذكر أن آلاف العراقيين ما يزالون في سوريا، وتدور حولهم العديد من الاتهامات، بانهم من عوائل تنظيم داعش وهربوا إلى المناطق الحدودية مع بدء عمليات التحرير، وأبرز مواقعم هو مخيم “الهول”، الذي يضم عوائل التنظيم، وقد بدأت الحكومة العراقية بإعادتهم إلى مخيم الجدعة في نينوى منذ ايار مايو 2021.

وقد دخلت البلاد أول قافلة من مخيم الهول، في منتصف العام الماضي، وعلى متنها 94 عائلة عراقية، برفقة حراسة مشددة، حيث استقر بها الحال في مخيم الجدعة جنوبي نينوى، وبحسب مصادر كشفت سابقا، فإن هذه القافلة هي جزء من 500 عائلة سيتم نقلها إلى العراق، بناء على اتفاق مع إدارة مخيم الهول.

وقد حاولت “العالم الجديد” التواصل مع وزارة الهجرة والمهجرين حول الموضوع، لكن لم تتلقى أي رد من المسؤولين فيها.

وأثارت عودة هذه العوائل حفيظة الكثير من الجهات، حيث اعتبرتهم منتمين لتنظيم داعش، وأن إعادتهم تشكل خطرا كبيرا على العراق، وبحسب النائب محمد كريم، حيث قال في وقت سابق لـ”العالم الجديد”، أن “هذه القرارات التي تتخذ هي بتأثيرات خارجية لإعادة تدوير هذه القنابل القاتلة إلى داخل البلد، وهم يعلمون أن هؤلاء رضعوا الإجرام مع أمهاتهم وآبائهم الدواعش”.

يشار إلى أن مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، بحث في اجتماعين متتالين بين شهري آذار مارس ونيسان أبريل الماضيين، مع السفير الأمريكي السابق ماثيو تولر، ملف مخيم الهول وخطره على المنطقة، كونه يضم أعدادا كبيرة من الأحداث، ما قد يشكل خطرا كبيرا على المنطقة.

وقد شدد الأعرجي في حينها على حاجة العراق إلى حل عملي ونهائي لموضوع المخيم، كونه يضم جنسيات متعددة وجميعهم من الإرهابيين، وأن استمرار مخيم الهول على ما هو عليه يشكل قنبلة موقوتة، لوجود 20 ألف طفل عراقي، معربا عن قلقه من أن يصبحوا جميعا دواعش جددا قد يشكلون خطرا على العراق والمنطقة، بحسب بيان لمكتب الأعرجي.

من جانبه، يبين الباحث الاجتماعي طه حسين، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الأوضاع التي عاشها الأطفال في مخيمي الهول والجدعة، ستكون لها تأثير كبير على سلوكهم في الحياة، ولهذا يجب أن تكون هناك برامج مخصصة لإعادة تأهيل هؤلاء الأطفال بهدف إعادة انخراطهم في المجتمع العراقي في المستقبل القريب أو البعيد”.

ويؤكد حسين، أن “إعادة دمج هؤلاء الأطفال في المجتمع العراقي، دون إعادة تأهيلهم يشكل خطورة بكل تأكيد على المجتمع وعلى حياتهم، ولهذا يجب الإسراع في اطلاق برامج إعادة التأهيل من خلال فرقة مختصة وبدعم دولي ومن قبل الأمم المتحدة، وهذا الأمر يجب أن يكون بشكل سريع وقبل أن يتحول الأطفال إلى فتيان”.

 

ويشير إلى أن “العراق ربما لا يملك طاقات وإمكانيات كافية لإعادة تأهيل الأطفال والعوائل، كما أن بقاء هؤلاء بشكل أطول في المخيمات ربما يزيد الأمر تعقيداً في صعوبة تأهيل هؤلاء فهم يعتبرون أنفسهم حالياً في معتقل وليس في مخيم للنزوح أو غيره من العنوانين الأخرى، لذا نشدد على وجود دعم دولي يشترك بهذا الأمر”.

وكانت وزارة الهجرة، قد أكدت لـ”العالم الجديد” في العام الماضي، أن العوائل العائدة من مخيم الهول لم يصنفوا لغاية الآن باتجاه آخر، على اعتبار أن الأجهزة الأمنية هي من تحدد ذلك، وهي لم تحدد لنا هذا الموضوع، واصفة إياهم بأنهم ضحية داعش في مرحلة الاحتلال، وهربوا لمناطق يعتبرونهاة، وفي فترة من الزمن تمت إعادة الكثير منهم ودمجهم بالمجتمع، وبقي بعضهم بسبب جائحة كورونا والتأثيرات الأخيرة في سوريا.

وبحسب الوزارة، فإن مخيم الجدعة لا يمكن لاي شخص الدخول إليه لكثرة الخطوط الأمنية المراقبة لهم، اضافة إلى سياج متكون من مرحلتين.

يذكر أنه بعد اعلان النصر على داعش في العام 2017، بدأت حركة النزوح نحو مخيم الهول السوري، حيث فرت أغلب العوائل المرتبطة بالتنظيم إليه، وبين فترة وأخرى تعود بعضها وتخضع للاجراءات الأمنية من قبل العراق.

ويعود تاريخ إنشاء مخيم الهول، إلى تسعينيات القرن الماضي، حيث أسس من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، على مشارف بلدة الهول بالتنسيق مع الحكومة السورية، ونزح إليه ما يزيد عن 15 ألف لاجئ عراقي وفلسطيني، هاجر الكثيرون منهم إلى مختلف أرجاء العالم بمساعدة الأمم المتحدة، خاصة بعد احداث عام 1991 عندما استباح النظام العراقي السابق دولة الكويت، وقادت ضده الولايات المتحدة حربا عبر تحالف دولي.

إقرأ أيضا