أعداد الجاموس.. من ملايين إلى آلاف والسبب..؟

من ملايين إلى آلاف، تناقصت أعداد الجواميس في العراق خلال بضع سنوات مضت، والسبب كما…

من ملايين إلى آلاف، تناقصت أعداد الجواميس في العراق خلال بضع سنوات مضت، والسبب كما يفيد متخصصون يعود إلى شح المياه وغلاء الأعلاف، في ظل إهمال حكومي لهذا الجزء من الثروة الحيوانية.

ويقول خبير المياه والبيئة عادل المختار خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “أعدادا كبيرة من الجواميس كانت موجودة في العراق، وهي ذات نوعية جيدة وسلالة أصيلة”، مستدركا بأن “أعداد الجواميس بدأت تتناقص حاليا بشكل كبير، وتقترب من حافة الانهيار بسبب سوء الاهتمام بهذا الصنف من الثروة الحيوانية”.

ويبين المختار، أن “أعداد الجواميس بدأت تتراجع نتيجة شح المياه وارتفاع أسعار الأعلاف إلى مستويات غير مسبوقة، ما دفع مربيها إلى ذبحها وبيع لحومها للتخلص من تكاليف تربيتها”، منوها إلى أن “وزارة الزراعة والحكومة بصورة عامة لم تتخذ إجراء لتوفير الأعلاف للحفاظ على الثروة الحيوانية”.

ويلفت إلى أن “زيادة الملوحة والتلوث في المياه أدت إلى نفوق أعداد كبيرة من الجواميس، ما تسبب بخسارة فادحة في هذه الثروة المهمة التي تحتاج سنوات طويلة لتنميتها”.

ومنذ أشهر عدة، برزت أزمة الجفاف بشكل جلي في العراق، فبعد أن تم تقليص المساحات الزراعية إلى النصف في العام الماضي، تفاقمت الأزمة مؤخرا عبر فقدان أغلب المحافظات لمساحاتها الزراعية، وأبرزها ديالى.

ويتعرض العراق لمخاطر التصحر بسبب موجات الجفاف الناتجة عن قلة الحصة المائية لنهري دجلة والفرات بعد بناء عدة سدود عليهما من قبل دول الجوار على الرغم من وجود اتفاقيات ومعاهدات دولية تنظم ذلك مثل معاهدة “رامسر” للأراضي الرطبة التي انطلقت عام 1971 في إيران، وأصبحت سارية المفعول في العام 1975، وتتخذ من مدينة جنيف مقرا لها، وانضم إليها العراق عام 2007.

وسبق لمختصين أن اكدوا لـ”العالم الجديد”، أن تدني مستويات المياه في الأهوار سينعكس سلبا على رعي الجاموس وحصاد الحشيش والقصب وصناعة الزوارق، إضافة إلى صيد الأسماك.

الى ذلك، يوضح مربي الجواميس حسن الساعدي خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “تربية الجواميس كانت مدعومة من الدولة في ما مضى، حيث كانت الدولة توفر الأعلاف والمياه للمربين الذين بدورهم يبيعون الحليب للدولة محققين الاكتفاء الذاتي من هذه المادة الغذائية”.

ويضيف الساعدي أن “منطقتي الفضيلية وأبي غريب في بغداد كانتا من أشهر مناطق تربية الجواميس في العراق، وكانتا تضمان نحو 60 بالمائة من جواميس العراق، لكنهما الآن ليستا كذلك”.

ويتابع “النظام السابق أنشأ عيادات بيطرية ومعامل حليب بالقرب من أماكن مربي الجواميس، ولكن هذا القطاع تعرض لإهمال شديد بعد 2003، حيث انقطعت الأعلاف وقلت إطلاقات المياه، وصار مربي الجواميس يشتري الأعلاف على حسابه الخاص”.

ويشير إلى أن “الإهمال الحكومي أدى إلى نفوق أعداد كبيرة من الجواميس، ما ألحق خسائر كبيرة بالمربين، لأن أرخص جاموس يبلغ سعره 5 ملايين دينار”، مبينا أن “عدد الجواميس في العراق كان يصل إلى 12 مليون رأس، بينما الآن لا يتجاوز 30 ألف رأس”.

يذكر أن وزارة الزراعة، سبق وأن أقرت في حديث لـ”العالم الجديد”، بغياب الدعم الحكومي للمزارعين ومربي الحيوانات، سواء من ناحية الأعلاف أو البذور أو الآليات.

وتعصف حاليا بالبلد أزمة على مستوى الإنتاج المحلي، وخاصة الدجاج والأسماك والخضار، بسبب أرتفاع أسعار الأعلاف والمواد الأولية في السوق السوداء، وغياب الدعم الحكومي، ما دفع العديد منهم إلى ترك هذه الأعمال والهجرة نحو المدينة بحثا عن عمل آخر.

وكانت “العالم الجديد”، سبق وإن سلطت الضوء على زراعة الأعلاف الحيوانية، بوصفها استثمارا “منسيا”، رغم الحاجة المحلية إليها وارتفاع أسعارها وحاجة دول الجوار إليها، مستعرضة التحديات الجسيمة التي تتمثل بانعدام الخطط وشح المياه وخطورة استهلاك المياه الجوفية.

من جانبه، يشدد الخبير الاقتصادي ملاذ الأمين، خلال حديث لـ”العالم الجديد” على أن “الجواميس تشكل نحو 10 بالمائة من الأبقار في العراق، وهي مهمة جدا للثروة الحيوانية على الرغم من نسبتها المتدنية، لأنها تعد مصدرا مهما للألبان والجلود واللحوم”.

وينوه الأمين إلى أن “الثروة الحيوانية في العراق تحظى باهتمام خجول من قبل وزارة الزراعة لا يرقى لسد حاجة السوق المحلية من اللحوم وغيرها”، لافتا إلى أن العراق “توجه في السنوات السابقة إلى تشجيع تنمية الثروة الحيوانية، وخصوصا في المناطق الجنوبية، لكن الخطط لم تنجح وبقي الاستيراد متواصلا”.

وحاولت “العالم الجديد”، التواصل مع وزارة الزراعة للحصول على رد حول هذا الأمر، لكن لم تنجح بالحصول على تعليق منها.   

وكانت مديرة قسم الأهوار والإدارة المستدامة للنظم البيئية الطبيعية في وزارة البيئة نجلة الوائلي، حذرت في كانون الأول ديسمبر 2021، من سحب موقع هور الحويزة من لائحة التراث العالمي، بعد أن أدرج فيها عام 2016 مع ثلاثة أهوار أخرى بسبب الجفاف، مؤكدة أنه لا يمكن للعراق الانضمام الى الاتفاقيات الدولية ثم التخلي عنها بعد ذلك، إذ لديه مشاريع ممولة من قبل المنظمات الدولية بعد دخول تلك المناطق في لائحة التراث العالمي.

إقرأ أيضا