الانقراض يهدد “البلبل” العراقي.. هل الإجراءات الرسمية بمستوى الأزمة؟

ما إن تدخل سوق الغزل الشهير وسط العاصمة بغداد، حتى تواجهك أصوات أفراخ البلبل العراقي…

ما إن تدخل سوق الغزل الشهير وسط العاصمة بغداد، حتى تواجهك أصوات أفراخ البلبل العراقي النادر، فعلى الرغم من كونه مهددا بالانقراض، إلا أن عمليات صيده وبيعه مستمرة وبوتيرة عالية، نظرا لارتفاع أثمانه وإقبال الناس عليه حيث تتراوح أسعارها بين 30 و75 دولارا، في ظل تأكيد من وزارة البيئة بوجود لجان تتابع بيع البلابل والطيور النادرة الأخرى.

ويقول مدير قسم التوعية المجتمعية في وزارة البيئة صلاح الدين صالح، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك لجانا فنية تراقب الأسواق التي توجد فيها مثل هكذا طيور نادرة، كما توجد حملات توعوية بشأن الطيور النادرة للحد من ظاهرة الانقراض، والبلبل من ضمن هذه الطيور، إضافة إلى حيوانات أخرى”.

ويشير صالح إلى أن “الموضوع لا يتعلق بفائدة البلبل، وإنما بكونه طيرا نادرا، والإنسان يستمتع بالنظر لهذه الطيور في المتنزهات، حيث أنها تضفي جمالية على المكان، ووجودها في الحدائق أفضل من عدمه”.

وكانت مقاطع فيديو انتشرت مؤخرا في وسائل التواصل الاجتماعي، قد رصدت وجود أعداد كبيرة من البلبل العراقي (أبيض الخدين)، في سوق الغزل ببغداد، وهو أحد أشهر أسواق بيع الحيوانات في العراق.

يشار إلى أن المجلس المحلي لناحية مندلي في ديالى، التي تعد موطنا للبلبل العراقي، قد أصدر في عام 2019 تحذيرا من انقراض الطائر، بعد ازدياد حالات الصيد الجائر، وتنامي حالة الجفاف وانحسار الأراضي المزروعة.

وانتقد ناشطون في مجال البيئة سابقا عدم وجود قوانين “رادعة” تمنع الاتجار بالطيور النادرة أو المعرضة للانقراض، وسط تأكيدهم على إخراج 2-3 آلاف طائر بلبل تقريبا من ديالى سنويا إلى باقي المحافظات.

إلى ذلك، يوضح أحد بائعي ومربي البلابل خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “صيد البلابل يتم في أغلب الأحيان بالاتفاق مع أصحاب البساتين، وبعد نحو 15 يوما يتم أخذ الأفراخ في بداية تفقيسها، ثم بعد 20 يوما تقريبا يصبح البلبل متوسط العمر”.

ويبين البائع، أن “الصفقة تكون بشراء الأعشاش كاملة أو عن طريق تقاسم الأفراخ، حيث يتكفل البائع بالصعود والبحث عنها”، لافتا إلى أن “صيد البلابل يكثر بالدرجة الأولى في ديالى، وفي مدينة بلد بمحافظة صلاح الدين بالدرجة الثانية، وفي أبي الخصيب بالبصرة بالدرجة الثالثة، وفي الموصل بالدرجة الرابعة”.

ويضيف أن “بلابل ديالى تعد الأفضل، لأن أصواتها قوية ومرغوبة لدى المربين، وتأتي من بعدها بلابل أبي الخصيب المعروفة باتساع رقعة الصفار في أجسامها”.

ويلفت إلى أن “سعر البلبل الصغير يتراوح بين 20 و35 ألف دينار، (14- 23 دولارا) أما الكبير الأليف فيتراوح سعره بين 75 و100 ألف دينار (50-75 دولارا) “، موضحا أن “البلبل غير الأليف يتم اصطياده بوسائل جائرة، ويترواح سعره بين 20 و25 ألف دينار، ويستفاد منه في تعليم البلابل الصغار التغريد لقوة صوته وتنوع نغماته”.

يذكر أن البصرة تعاني أيضا من فقدانها البلابل، وقد حاول بعض الناشطين في وقت سابق تنفيذ حملة في المحافظة للتوعية بأهمية الحفاظ عليها، لكن الحملة لم تحظ باهتمام حكومي، خاصة وأنها تضمنت إنشاء محمية للطيور، وذلك وفقا للناشطين.

يذكر أن بلبل مندلي )مدينة بمحافظة ديالى)، له عدة أسماء منها المندلاوي والمسلطن، ويتميز بتغريداته الطويلة والمتميزة والتي يصفها البعض بأنها أشبه بلحن أغنية وضعها أمهر الملحنين.

وتعتبر البلابل فصيلة من الطيور تتبع رتبة العصفوريات. وهي طيور صغيرة يضرب بها المثل في طلاقة اللسان وحسن الصوت، كما تتصف بالفطنة والذكاء وحسن المعاشرة وسهولة التربية.

وتنتشر البلابل بأنواعها المختلفة في معظم أنحاء أفريقيا حتى الشرق الأوسط وآسيا وإندونيسيا وشمالا حتى اليابان، وهناك أنواع منعزلة في الجزر الاستوائية في المحيط الهندي تبلغ أنواعها نحو 130 نوعا موزعة على 24 جنسا.

يشار إلى أن “العالم الجديد” سلطت الضوء في تقارير عدة على التنوع البيئي في العراق، وما يعانيه من خسائر كبيرة، من بينها تهديد العديد من الصنوف النادرة من الحيوانات بالانقراض، أبرزها غزال الريم العراقي الذي انخفضت اعداده بشكل كبير، وكان آخرها نفوق أكثر من نصف أعداده في محمية ساوة بمحافظة المثنى، وتناقص أعداد الجاموس بشكل مستمر، حتى بلغت آلافا بعد أن كان عددها يصل إلى الملايين قبل عام 2003، وذلك بسبب شح المياه، وهو ذات السبب الذي ادى لنفوق الغزال وباقي الحيوانات.

وإلى جانب الثروة السمكية، فهي الأخرى ليست بمعزل عن هذه الأزمات، حيث غابت العديد من أنواع السمك عن السوق العراقية، وأبرزها “الشبوط والكطان والبني”، وأرجعت الأسباب إلى غياب الدعم والتأثيرات البيئية، كما تطرقت “العالم الجديد” إليها في تقرير مفصل.

أقرأ أيضا