الصدر يقلب الطاولة.. فما خطواته اللاحقة؟

شكل خطاب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ضغطا كبيرا على أطراف الأزمة السياسية، بعد أن…

شكل خطاب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ضغطا كبيرا على أطراف الأزمة السياسية، بعد أن دعا أنصاره للتصعيد والاستمرار بـ”الثورة” حتى حل البرلمان والتوجه لانتخابات مبكرة، وفيما كشف قيادي في التيار عن خطوات لاحقة وقرارات جديدة ستصدر يوم غد الجمعة، وسط توقعات بخطوات تصعيدية “تشل الحياة”، هاجم أعضاء في الإطار التنسيقي توجه الصدر، وأكدوا على أن البلد لا يمكن أن يسير بـ”القوة والتهديد” من قبل طرف واحد.

وحول خطوات الصدر المقبلة، يقول قيادي بارز في التيار الصدري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “التيار سيزيد من زخم التظاهر والاعتصام في العاصمة بغداد وباقي المحافظات العراقية، ولا تراجع عن هذا التصعيد إلا بعد تحقيق المطالب التي أعلن عنها الصدر خلال كلمته الأخيرة، وأولها حل البرلمان وتحديد موعد للانتخابات المبكرة”.

ويضيف القيادي الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “التيار الصدري أغلق تماما أي باب للتفاوض، ورفض كل الوساطات الداخلية والخارجية، وهو مستمر بالاعتصام والتصعيد الشعبي لحين تحقيق المطالب، وهذا الخيار لا رجوع عنه إطلاقا كما حصل سابقا”.

ويلفت إلى أن “هناك مدنيين وقوى شعبية من تشرين (وهي قوى منبثقة من تظاهرات تشرين الأول أكتوبر 2019)، سيكون لهم تواجد وبقوة في اعتصام الخضراء قريبا، والتصعيد الشعبي سوف يرتفع مع تأخير مطالب الشعب، وهناك قرارات جديدة سوف يعلن عنها التيار الصدري بعد انتهاء صلاة الجمعة من داخل المنطقة الخضراء”.

وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ظهر بكلمة متلفزة مساء أمس الأربعاء، وأكد أن “ما يحدث ليس صراعا على السلطة كما يروجون لأن من أراد السلطة لا يسحب 73 نائبا من البرلمان”، داعيا إلى إجراء انتخابات مبكرة بعد حل البرلمان الحالي.

وأشار الصدر في كلمته إلى أن “الدعاوى الكيدية عرقلت تشكيل حكومة الأغلبية”، وبشأن المبادرة التي طرحت للحوار مع الإطار التنسيقي أكد الصدر أنه “لا فائدة مع الحوار معهم.. الحوار معهم جربناه وخبرناه وما أفاء على الوطن إلا الخراب والتبعية”، مشيرا إلى أن “الإصلاح لا يأتي إلا بالتضحية”، وأنه على استعداد تام “للشهادة من أجل الإصلاح”.

وأعلن عن استمرار الاحتجاجات وأطلق عليها تسمية “الثورة”، مؤكدا أن “الثورة بدأت صدرية وهم جزء من الشعب، وتلك الثورة لن تستثني الفاسدين من التيار الصدري”، مخاطبا العراقيين “استغلوا وجودي لإنهاء الفساد وعلى الثوار والمعتصمين البقاء والاستمرار لحين تحقيق مطالبكم”.

وجاءت كلمة الصدر، بعد تطورات سياسية متسارعة، حيث قام الإطار التنسيقي بتخويل الأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري التفاوض مع الصدر، في خطوة لحل الأزمة.

وفي هذا السياق يرى المحلل السياسي علي الجبوري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “كلمة الصدر حسمت الجدل بشأن موقفه من المبادرات والمقترحات الكثيرة التي طرحت لحل الأزمة”، لافتا إلى أن “المنظومة السياسية بشكل عام لا تستطيع إطلاقا أن تغير هذا النظام بهذا الأداء، فهي عجزت عن تشكيل حكومة فكيف تغير نظاما بأكمله”.

ويشير الجبوري، إلى أن “مطلب الصدر بحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة سيلقى تجاهلا في بادئ الأمر، ولكنه سيعمل على تصعيد التظاهرات إلى درجة قد تشل الحياة في بغداد، وبالتالي سيجبر بقية الأطراف على تحقيق رغباته”.

ماذا جرى بعد كلمة الصدر؟

بعد كلمة الصدر التي بثت بشكل مباشر، أطلق المعتصمون في مجلس النواب موجة كبيرة من الهتافات والأهازيج، كما تم تداول فيديوهات كثيرة عن تلك الأهازيج التي جرت في أروقة المجلس وقاعاته، في مواقع التواصل الاجتماعي.

الردود السياسية صدرت سريعا، وكان أولها من قبل زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، الذي بدا حذرا في تغريدته التي قال فيها إن “الحوارات الجادة التي نأمل منها حسم الخلافات وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح تبدأ بالعودة الى الدستور واحترام المؤسسات الدستورية”.

فيما أبدى رئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي، ترحيبه بما جاء في كلمة الصدر، قائلا “أرحب بما جاء بخطاب الأخ السيد مقتدى الصدر، وهو يلتقي من جوانب عدة مع مبادرتنا لحل الأزمة، وأُحيي خطواته وجميع الإخوة لحفظ الدم وتحقيق الإصلاح”، داعيا الجميع إلى “التكاتف لخدمة الشعب وإصلاح النظام وتدعيم الدولة الدستورية، ومن خلال عملية ديمقراطية سليمة وسلمية”.

كما أعلن الأمين العام لمنظمة بدر ورئيس تحالف الفتح هادي العامري، عن تأييده لإجراء الانتخابات المبكرة التي دعا إليها الصدر، مؤكدا أن “الانتخابات السابقة شابها الكثير من الشبهات والاعتراضات، وهذا يتطلب حوارا وطنيا شاملا من أجل تحديد موعد وآليات ومتطلبات إجرائها، وتوفير المناخات المناسبة لانتخابات حرة ونزيهة وشفافة”.

في حين أكد رئيس ائتلاف الوطنية إياد علاوي، على أن “الانتخابات المبكرة هي المخرج الوحيد من الأزمة السياسية في العراق، لكنها لن تفيد وستأتي بنفس النتائج وستفرز الأزمة نفسها، إلا إذا نظرنا في قانونها”، مؤكدا أن “القوى السياسية انتهكت الدستور ولم تلتزم بتوقياته والانتخابات المبكرة هي المخرج الوحيد الآن”.

كما أعلن رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، عن دعمه لمضامين خطاب الصدر نحو انتخابات مبكرة، مشترطا أن تكون وفق معايير جديدة وماكنة وقوانين عادلة تسمح بمنافسة حقيقية.

وأصدر تحالف “من أجل الشعب”، المكون من حركتي الجيل الجديد وامتداد، بيانا مكونا من 8 نقاط، أبرز ما فيها الذهاب باتجاه حكومة انتقالية تصحيحية مصغرة من وزراء مستقلين لمدة عام واحد، ثم حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة وفق المادة 64 من الدستور، وتشكيل لجنة عليا لتعديل الدستور بما يتلاءم وطموحات الشعب وروح المرحلة الحالية، على أن ينتهي عملها خلال عمر الحكومة الانتقالية، وتفعيل قانون الأحزاب وتحديد مصادر التمويل.

من جهته، يرفض القيادي في ائتلاف دولة القانون فاضل موات، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، “فرض أي واقع سياسي تحت التهديد واستخدام الشارع العراقي، خصوصا وأن للقوى السياسية ثقلها الداخلي والخارجي وقواعد شعبية أيضا”.

ويبين موات، أن “ما طرحه الصدر لا يمكن القبول به بهذه الطريقة، بل إن هكذا طرح يجب أن يناقش مع الأطراف السياسية، ويكون هناك توافق عليه من قبل غالبية القوى السياسية وليس الشيعية فقط، فالعملية السياسية في العراق تدار بالشراكة”.

ويردف أن “قوى الإطار التنسيقي التي تمثل الأغلبية البرلمانية، لا يمكن أن تقبل بأي طرح يفرض عليها بالقوة والتهديد، كما أن هذا الأمر مرفوض من قبل القوى السنية والكردية، ولذا ستكون الأغلبية السياسية داعمة للحوار والمضي نحو تشكيل الحكومة الجديدة، وحل البرلمان أمر لم تناقشه القوى كافة ولا يمكن فرضه عليها بأية طريقة كانت”.

وجاء توجه الإطار التنسيقي، بعد أن أطلق رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي مبادرة لحل الأزمة السياسية، تتمثل بجلوس كافة الفرقاء السياسيين إلى طاولة حوار، وقد حظيت هذه المبادرة بدعم داخلي وخارجي كبير جدا.

فيما يرى القيادي في ائتلاف النصر حسن البهادلي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الإطار أصبح أمام مسؤولية كبيرة جدا، خاصة فيما يتعلق بالتفاوض مع الكتلة الصدرية، لذلك سيوقف جميع مشاريعه، ويذهب للتفاوض مع الصدر، ويتفق معه في كل الأحوال لإيجاد الحلول المناسبة، وسيتوقف موضوع تشكيل الحكومة بانتظار التفاوضات مع التيار”.

ويضيف البهادلي، أن “الانتخابات المبكرة تحتاج إلى أسس تبنى عليها، منها قانون انتخابات جديد ومفوضية شفافة جديدة، وحث الجماهير على المشاركة بشكل كبير لتغيير الواقع”، منوها إلى أن “نظامنا برلماني ويحتاج إلى عدد كبير من النواب لتشكيل الثلثين أو الأغلبية، وبالتالي فهذه تحتاج إلى تفاهمات لتمرير القرارات، لأن الكتل الموجودة الآن هي نفسها التي تعامل معها الصدر سابقا في الانتخابات السابقة كلها”.

ويقر بـ”السعى لإيجاد تغيير وتقييم للنظام السياسي في المرحلة المقبلة”، ولكنه يستدرك في الوقت ذاته بالقول “ذلك لن يكون من جهة واحدة، لأن البلد لا يقاد من طرف واحد، فحتى الصدر كان ضمن ائتلاف ثلاثي مع الكرد والسنة، وعليه فهو يحتاج للتحالف ولا يستطيع أن ينسلخ من هذا الجو العام”.

يشار إلى أن “العالم الجديد”، وفي تقرير سابق لها قبل أيام، كشفت عن موافقة أغلب القوى السياسية، سواء الإطار التنسيقي أو القوى الكردية، على إجراء انتخابات مبكرة جديدة، لكن وفق شروط وضعتها بعض الكتل، منها تشكيل حكومة جديدة مهمتها إجراء انتخابات وليس الحكومة الحالية، وهذا شرط الإطار، بمقابل ذهاب المستقلين إلى طرح تعديل الدستور وقانون الانتخابات، قبل إجراء انتخابات جديدة.

وكان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، بدأ يوم أمس (قبل كلمة الصدر) اجتماعات مع قيادات سياسية، بهدف التريب للمبادرة التي أطلقها، حيث التقى الأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري، ورئيس الجمهورية برهم صالح.

كما استقبل صالح، يوم أمس، ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، لبحث الأزمة السياسية، والتي أكدت بدورها على ضرورة التهدئة.

جدير بالذكر، أن رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، سبق وأن علق جلسات المجلس إلى إشعار آخر، بعد اقتحامه من قبل أنصار الصدر واعتصامهم فيه.

أقرأ أيضا