“قمع غير مسبوق”.. إقليم كردستان يشتعل مجددا للمطالبة بإصلاحات

يشهد إقليم كردستان العراق مجددا، تظاهرات احتجاجاية ضد الطبقة السياسية الحاكمة، رافقها قمع غير مسبوق من…

يشهد إقليم كردستان العراق مجددا، تظاهرات احتجاجاية ضد الطبقة السياسية الحاكمة، رافقها قمع غير مسبوق من الأجهزة الأمنية هناك، وفقا لتأكيدات ناشطين، أشاروا أيضا إلى أن الممارسات القمعية لم تحدث حتى خلال فترة النظام السابق، لكن بالمقابل فإن الحزبين الحاكمين في السليمانية وأربيل، قللا من شأن هذا الحراك الاحتجاجي، وأكدا أن التظاهرات لن تستمر طويلا لأنها مرتبطة بجهة سياسية وليست شعبية.

ويقول الناشط محمود ياسين الكردي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إنه “بعد التظاهرات في بغداد، صدرت هناك دعوات من رئيس حركة الجيل الجديد شاسوار عبدالواحد لتظاهرات في إقليم كردستان، وكان مقررا أن تنطلق التظاهرات السبت، ولكن القوات الأمنية بما فيها البيشمركة، دخلت منذ يوم الجمعة، حالة قصوى من التأهب، ما دل على وجود استعداد لقمع التظاهرات”.

ويوضح ياسين، أن “جميع النواب من الجيل الجديد في برلمان كردستان والبرلمان العراقي تم اعتقالهم أمس، وتم فرض طوق أمني شديد على مقر رئيس حراك الجيل الجديد في السليمانية”، لافتا إلى أن “الشيء الغريب في هذه الأحداث أنه في ليلة الجمعة تمت مداهمة عدد من منازل الناشطين، وإذا لم يكن الناشط موجودا في منزله يتم اعتقال ابنه أو والده المسن، وهذا شيء خطير جدا ولم نشهده حتى في زمن النظام السابق”.

ويردف “شهدنا معاملة قمعية غير قانونية وغير دستورية مع المتظاهرين، وهذا لا يعالج الأزمة، فسيأتي جيل آخر أو شباب آخرون للتظاهر، ليجعلوا الحزبين الرئيسين في كردستان يعيشان الخوف والرعب كل يوم”، مبينا أن “المتظاهرين يطالبون بإصلاحات جدية في كردستان وتوزيع الثروات بشكل عادل وتوزيع رواتب الموظفين في الخامس والعشرين من كل شهر وتعيين الخريجين وإطلاق سراح كل الناشطين أو ممن صدرت بحقهم أحكام قانونية غير عادلة والذين يصل عددهم إلى 55 شخصا موجودين الآن في سجون دهوك وأربيل، إضافة إلى إعطاء فرصة لحرية التعبير في الإقليم”.

وانطلقت يوم أمس السبت، تظاهرات كبيرة في محافظة السليمانية، بعد أن دعا لها رئيس حركة الجيل الجديد شاسوار عبد الواحد، للمطالبة بتغيير الآليات في نظام الحكم”.

وسرعان ما تطورت الأحداث، حيث نفذت السلطات في الإقليم حملة اعتقالات واسعة بحق قياديين ونواب حركة الجيل الحديد، وجرى اعتقال 7 نواب عن الحركة في البرلمان الاتحادي، من أصل 9 نواب للحركة.

كما جرى اعتقال المرشح لرئاسة الجمهورية ريبوار عبد الرحمن، خلال توجهه للمشاركة في التظاهرات، وطالت حملة الاعتقالات أيضا 10 مراسلين في قناة NRT التابعة لحركة الجيل الجديد.

يشار إلى أن محافظة السليمانية تخضع لسلطة الاتحاد الوطني الكردستاني، فيما تخضع أربيل لسلطة الحزب الديمقراطي الكردستاني.

في حين، يرد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، أريز عبد الله خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “التظاهر أمر طبيعي بحسب القوانين والدستور، وليس هناك أية مشكلة بالتظاهر في ظل وجود الديمقراطية وحرية التعبير”.

ويضيف عبد الله، أن “الأزمة السياسية في العراق تنعكس بالتأكدي على الإقليم، ولكن تظاهرات كردستان ستكون وقتية، بل أن بعض المدن لا توجد فيها تظاهرات أصلا”، لافتا إلى أن “مطالب التظاهرات غير مفهومة وشعاراتها غير واضحة، وهذا دليل على عدم وجود رؤية لدى الناس المشاركين فيها”.

يذكر أن رئيس كتلة الجيل الجديد في مجلس النواب سروة عبد الواحد، طالبت يوم أمس، رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، بالتدخل لوقف إهانة النواب من سلطات إقليم كردستان، عبر تغريدة لها.

وأكدت عبد الواحد، في تغريدتها أن “أزلام نظام الحزب الديمقراطي اقتحموا مكتب النائب فيان عبد العزيز في أربيل واحتلوه، وبعد إهانتها صادروا الهواتف والحاسبات وهددوهم بتعسف أشد إن عادوا إلى المكتب”.

وقد أصدر مركز ميترو للدفاع عن حقوق الصحفيين، بيانا طالب فيه حكومة إقليم كردستان، بالإفراج الفوري عن الناشطين المدنيين الذي دعوا إلى تظاهرات سلمية ضد الفساد و إجراء الانتخابات في موعدها.

وأشار المركز في بيانه إلى أن “قوات أمنية في بعض مدن إقليم كردستان قامت بحملة من الاعتقالات طالت ناشطين في حراك الجيل الجديد، وناشطين مستقلين دعوا إلى تظاهرات للتعبير عن آرائهم ومطالبهم”.

ووفقا للمركز، فأن “قوات أخرى داهمت منازل بعض الناشطين بينهم (هيمداد شاهين) المتحدث الرسمي باسم حراك الجيل الجديد، و(فاروق غفور)، كما أن المقتحمين لم يبرزوا أي أوامر قضائية، ولم يوضحوا سبب الاعتقال، وقاموا بمصادرة أجهزة الهاتف النقال، والمستغرب أنها قامت حتى بمصادرة أجهزة الآيباد الخاصة بالأطفال”.

فيما يفيد مدير المكز، رحمن غريب، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأنه “على مدى الأشهر الستة الماضية، شهدنا خروج تظاهرات مطلبية كثيرة في إقليم كردستان لتحسين الخدمات والأوضاع، حيث خرجت نحو 90 تظاهرة خلال المدة المذكورة، وتم استخدام العنف ضد المحتجين والصحفيين”، مشددا على أن “القمع مرفوض لأن الدستور العراقي وقوانين الإقليم تجيز التظاهر والتعبير عن الرأي”.

ويضيف غريب “عندما يشتد الصراع السياسي وتتوسع الاحتجاجات، تُضرب القوانين في عرض الحائط ويتم تجميدها، حيث تم أمس اعتقال نحو 12 صحفيا في أربيل ودهوك والسليمانية، وأي صحفي يخرج وحتى إن لم يخرج يتم اعتقاله واقتحام منزله ومن دون أي قرار قضائي، ويتم أخذهم إلى أماكن مجهولة ولا تصرح أي جهة رسمية بمكان احتجازهم”.

وينوه إلى أن “حكومة الإقليم تشعر بأن أي تظاهرات واسعة تخرج عن السيطرة تشكل خطرا على النظام السياسي في كردستان، على اعتبار أن هناك احتجاجات في العراق والعالم لتغيير الأنظمة”.

وبين فترة وأخرى، تتجدد التظاهرات في السليمانية، ودائما ما تستمر لأيام عدة وتواجه بالقمع المفرط، وأغلب التظاهرات تطالب بتحسين الوضع الاقتصادي والتخلص من سلطة الأحزاب الحاكمة، فيما يصعب التظاهر في أربيل بسبب إجهاض أية محاولة من هذا النوع.

من جهته، يعلق عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بالقول إن “ما يحصل في بغداد ينعكس بالطبع على كردستان وأي مكان في العراق”، مؤكدا أن “التظاهر حق مشروع وطبيعي، ولكن مستوى الخدمات والأوضاع المعيشية العامة في الإقليم جيدة، ولذلك ستكون التظاهرات مؤقتة”.

ويشير عبد الكريم، إلى “وجود مشكلات في كل مكان في العالم وليس في كردستان فقط، إلا أن الكل يعلم مستوى التقدم على كل الأصعدة في الإقليم”، مضيفا أن “هناك دوافع سياسية وراء التظاهرات بكل تأكيد، والجهة المنظمة لها معروفة، وهي فاشلة في كل المواقع التنفيذية، لذا تحاول الآن خلق بلبلة مأجورة داخل كردستان”.

يذكر أن حركة الجيل الجديد، حملت سلطات الإقليم والحزبين الحاكمين، مسؤولية الحفاظ على حياة رئيس الحركة ونوابه وقيادييه، لافتة إلى “إبلاغ السفارات والأمم المتحدة بما يحدث”.

وفي الشأن ذاته، يرى المحلل السياسي الكردي كوران قادر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “بغداد هي عاصمة العراق، والإقليم جزء من دولة العراق، وأي اضطراب سياسي في أي مكان، وخصوصا بغداد، يؤثر على المناطق الأخرى”، معتبرا أن “التظاهرة ليست عفوية وإنما سياسية دعت إليها جهة محددة”.

ويتابع كوران، أن “التظاهرات في كردستان لا تعبر عن رأي المواطن الكردي، وإنما تنادي بمطالب سياسية وتشكل وسيلة ضغط للحصول على مكاسب”، مشيرا إلى أن “التظاهرات لن تؤدي إلى إحداث أي تغيير سياسي أو إداري جذري كما تخبرنا التجارب السابقة”.

إقرأ أيضا