زحامات شديدة في بغداد.. مواطنون يشكون قطع الطرق والمرور تعزوها لأسباب تقليدية

يجلس علي العبيدي (41 عاما) داخل مركبته المخصصة للأجرة، ضمن طابور طويل من السيارات المتجهة…

يجلس علي العبيدي (41 عاما) داخل مركبته المخصصة للأجرة، ضمن طابور طويل من السيارات المتجهة من الكرخ إلى الرصافة، ويتحدث بمرارة خالطها شعور بالاستياء من درجات الحرارة المرتفعة، قائلا إن “السلطات قطعت طرقا وجسورا حيوية بالتزامن مع الاحتجاجات الأخيرة داخل المنطقة الخضراء، وهذه القطوعات فاقمت من الزخم المروري الموجود أصلا في العاصمة”.

ويطالب العبيدي خلال حديثه لـ”العالم الجديد”، بـ”ضرورة تخصيص أماكن بعيدة عن الطرق الحيوية للتظاهر والاحتجاج، أو أن تجد آلية مناسبة للتعامل مع الاحتجاجات بدلا من قطع الطرق مع أي حركة احتجاجية”.

منذ أيام، وسكان العاصمة يشكون من زخم مروري غير اعتيادي في معظم الشوارع المركزية، لأسباب متنوعة بينها قطع بعض الطرق المؤدية إلى المنطقة الخضراء بسبب التظاهرات والاعتصامات التي قام بها أتباع التيار الصدري، ما خلق موجة تذمر واسعة في وسائل التواصل الاجتماعي.

وتعد مسألة تطوير طرق العاصمة، بالإضافة إلى الطرق الخارجية، من المسائل القديمة، ودائما ما تتم المطالبة من قبل المواطنين بتنفيذ هذا الأمر من دون جدوى.

إلى ذلك، يقول سيف الغراوي (37 عاما)، وهو سائق مركبة في بغداد، إن “مشكلة الزحامات رافقت العراقيين منذ عام 2003، أي بعد سقوط النظام السابق وفتح أبواب الاستيراد على مصاريعها، حيث أصبحت أعداد السيارات تفوق القدرة الاستيعابية لشوارع بغداد”.

ويضيف الغراوي، في حديثه لـ”العالم الجديد”، أنه “لا توجد جدية في التعامل مع المشكلة من الجهات المعنية، سواء أمانة بغداد أو الطرق والجسور أو المرور، بل إن الحكومة اكتفت بفرض الغرامات العالية والتي تصل إلى 200 ألف دينار”، معتبرا أن “استمرار فتح الاستيراد مع عدم تسقيط السيارات القديمة هو السبب المباشر في كثرة السيارات التي تملأ شوارع العاصمة”.

ودخلت العاصمة ملايين السيارات في العقدين الأخيرين، من دون أية توسعة في شبكة الطرق والجسور، ولا أي تحديث بوسائل النقل العام، في ظل قطع مستمر للعديد من الطرق الرئيسة والفرعية، لأسباب مختلفة بينها الأحداث الأمنية والتجاوزات عليها وتحويل بعضها لأماكن وقوف.

ويشهد البلد مؤخرا وضعا سياسيا مربكا، أدى إلى خروج تظاهرات عديدة، من قبل أطراف النزاع السياسي، وغالبا ما تتركز التظاهرات في المناطق المحيطة بالمنطقة الخضراء وسط العاصمة، وترافقها في بعض الأحيان قطوعات للطرق وغلق الجسور الرئيسة الرابطة بين الكرخ والرصافة.

يشار إلى أن مديرية المرور بدأت بتشديد الإجراءات الخاصة بالمحاسبة على عدم ارتداء حزام الأمان منذ 14 أيار مايو الماضي، ووفقا لبيانها آنذاك، فإن المادة (25/ ثالثا/ هـ) من قانون المرور رقم 8 لسنة 2019 نصت على أن يعاقب بغرامة مقدارها 50 ألف دينار (نحو 35 دولارا) كل سائق وراكب بجانبه لا يرتدي حزام الأمان أثناء قيادة المركبة، مع منع جلوس الأطفال حتى سن 8 سنوات في المقعد الأمامي للسيارة بجانب السائق.

كما عملت المديرية على تفعيل الإشارات المرورية في العاصمة بغداد، وقد فعلتها في 10 تقاطعات بجانب الكرخ، على أن يتم تفعيل 10 أخرى في جانب الرصافة.

وأثارت قرارات المرور في حينها، ردود فعل كبيرة بوسائل التواصل الاجتماعي، وكانت أغلبها متذمرة وساخرة، خاصة وأنها تتضمن غرامة مالية، حيث طالب المدونون بتعبيد الطرق أولا وتوفير خدمات فيها، ومن ثم الاتجاه لمحاسبة السائقين على حزام الأمان أو رمي أعقاب السجائر، ولاسيما أن من يمتلك سيارة يدفع بشكل مستمر رسوما للدولة عن تجديد الإجازة الخاصة بالسياقة أو عند شرائه سيارة جديدة، متسائلين عن مصير هذه الأموال التي تضاف إلى مبالغ الغرامات.

وكانت “العالم الجديد” قد سلطت الضوء على مصير إيرادات دائرة المرور في تقرير مفصل نشر في نيسان أبريل من العام الماضي، وفيه أكدت مديرية المرور العامة أن المبالغ التي يتم جمعها تذهب إلى وزارة المالية، لكونها إيرادات رسمية، مشيرة إلى أن مديرية المرور تعمل وفق نظام التمويل المركزي وليس التمويل الذاتي، لذلك لا حصة لها من هذه الأموال.

وبالعودة لأسباب الزخم المروري في بغداد، يعزوها مدير العلاقات والإعلام في مديرية المرور العامة العميد زياد القيسي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى “أسباب عدة، منها الشوارع نفسها التي لم تطرأ عليها أي توسعة أو تطوير منذ سنوات طوال”.

ويوضح القيسي أنه “قبل عام 2003 كان عدد المركبات يتراوح بين 400 و500 ألف مركبة، أما الآن فتوجد 5 ملايين مركبة، وهذا عدد كبير جدا لا تتسع له الشوارع”، لافتا إلى أن “هناك تجاوزات من المواطنين وأصحاب المحال وحتى بعض الدوائر الحكومية على الشوارع، فضلا عن أن السائق لا يحترم القوانين مهما رفعنا قيمة الغرامات”.

ويتابع، أن “افتتاح عدد كبير من المطاعم والكافيهات ساهم هو الآخر بجزء من الزخم لتكدس المركبات أمامها، إضافة إلى وجود أعداد كبيرة من الدراجات والتكاتك، وهذا كله يتسبب بزخم مروري”.

إقرأ أيضا