مجسرات أمانة بغداد.. متخصصون يكشفون “مبالغة” بتكلفتها ودعوة لتدقيق عقودها

أثار توجه أمانة بغداد لإنشاء 150 مجسر مشاة في بغداد بتكلفة 200 مليون دينار لكل…

أثار توجه أمانة بغداد لإنشاء 150 مجسر مشاة في بغداد بتكلفة 200 مليون دينار لكل واحد، “استغراب” المتخصصين، الذين أكدوا أن هذا الرقم “مبالغ فيه” في حال ستكون الجسور المزمع إنشاؤها اعتيادية وليست متطورة أو ذات سلالم كهربائية ومصاعد، وفيما عد خبير اقتصادي هذا التوجه “تبديدا” للأموال، طالب خبير قانوني بوضع ضوابط لتدقيق العقود الحكومية، بالإضافة إلى محاسبة المستثمر وليس الموظف فقط بعد اكتشاف ملفات فساد في التعاقدات والمشاريع.

ويقول المهندس المعمار أحمد العبادي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مبلغ 200 مليون دينار قد لا يكفي إذا كان الجسر من الدرجة الأولى ويحتوي على مصعد أو سلم كهربائي، ولكن إذا كان جسرا من الحديد العادي فهذا المبلغ كبير جدا عليه”.

ويبين العبادي، أن “الرقم المذكور من قبل أمانة بغداد، وهو إنشاء 150 جسرا في العاصمة، فهو كاف لها، حيث أن هناك طرقا سريعة تحتاج إلى إنشاء هذه الجسور للعبور وتقليل الحوادث الحاصلة”.

وكانت أمانة بغداد أعلنت، أمس الأول الإثنين، عن حاجة العاصمة إلى أكثر من 150 مجسرا للمشاة، ويجري العمل عليها حاليا بتكلفة 200 مليون دينار للمجسر الواحد، مبينة أن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، وجه أمين بغداد عمار موسى بالبدء بالتخطيط العمراني ووضع تصاميم حديثة للمجسرات، وهناك أفكار لإحالة بعضها إلى الاستثمار.

وكان معاون مدير دائرة المشاريع والشؤون الفنية التابعة للأمانة بغداد عباس فاضل إبراهيم، أعلن في أيلول سبتمبر 2021، عن إعداد الدائرة خطة لصيانة وتأهيل 68 مجسرا لعبور المشاة، بواقع 34 مجسرا في الكرخ ومثلها في الرصافة، بهدف حماية المواطنين من حوادث الدهس.

وبحسب تصريح إبراهيم آنذاك، تبدأ كلفة التأهيل من 175 مليون دينار وتصل إلى 500 مليون دينار لكل مجسر، وذلك فضلا عن إعلانه إعداد خطة لإنشاء 46 مجسرا جديدا بنظام السلالم الاعتيادية، فضلا عن كشفه أن الأمانة تعتزم إنشاء ثلاثة مجسرات رئيسة بداية العام الحالي في مدينة الصدر وتقاطع الدرويش وطريق بغداد-حلة، بكلفة تتجاوز 100 مليار دينار.

وبشأن تكلفة إنشاء المصاعد والسلالم الكهربائية، يفيد بسام محمد، صاحب شركة متخصصة في هذا الشأن، بأن “سعر المصعد في المبنى ذي الخمسة طوابق يتراوح بين 150 و200 ألف دولار”.

ويتابع أن “سعر المصعد في المباني ذات الطابقين أو ثلاثة يتراوح بين 80 و100 ألف دولار”، مبينا أن “مدة العمل في المصعد الواحد تصل إلى 30 يوما، لأن التفاصيل الفنية والكهربائية في المصاعد تكون دقيقة للغاية”.

ويعد ملف جسور المشاة من الملفات الشائكة، ودائما ما تتجدد مطالبات المواطنين بتطويرها وإنشاء جسور حديثة، وكان آخرها نهاية العام الماضي، حيث تذمر أهالي محافظة واسط من تأخر إنجاز هذه الجسور على الرغم من مرور 7 أعوام على الشروع بالعمل فيها.

من جانبه، يبين الخبير القانوني عدنان الشريفي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “التواطؤ يحصل بين الموظف الفاسد والمستثمر أو الجهة الأخرى أيا كانت، والمشكلة إذا وقع الضرر فالموظف وحده من يتحمله”.

ويؤكد الشريفي “الحاجة إلى تشريع، حيث أن مشكلتنا الوحيدة هي أن القانون لم يعالج هذا الموضوع بالشكل الدقيق، أي عند اكتشاف التواطؤ فإن الإجراءات تتخذ بحق الموظف فقط، بينما على الادعاء العام أن يسعى لمعرفة مع من تم التواطؤ”.

ويوضح أنه “بعد إثبات التواطؤ يتم تغريم الموظف، لكن أغلبهم يهربون إلى خارج العراق، وبالتالي يصبح القرار القضائي من دون قيمة ويتم الحكم عليه غيابيا وهو يتمتع بهذه الأموال في الخارج، كما أن المستثمر الفاسد أيضا لا يحاسب”، مشيرا إلى أنه “لو تم وضع ضوابط لتدقيق العقود قبل توقيعها لتجنبنا الكثير من عمليات الفساد، ولكن الخلل الأكبر أن القانون لا ينص على بطلان العقد بعد اكتشاف الفساد فيه”.

وعمدت أغلب دول الجوار إلى إنشاء جسور مشاة حديثة جدا، بمصاعد وسلالم كهربائية، لتسهيل حركة المشاة وعبورهم الطرقات، وخاصة في المناطق غير المخصصة للعبور، وغالبا ما يتم إنجاز هذه الجسور بفترات قياسية لا تتجاوز أياما معدودة، بعد أن يتم تجهيزها في المعامل وتأتي على شكل قطع ويتم ربطها مباشرة في الموقع المخصص لها، كما تتضمن الجسور الحديثة ميزات عديدة، منها السقوف وفرش الأرضية بـ”الكاربت” والمواد العازلة.

إلى ذلك، يذكر الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المؤسسات في العراق لا تمتلك استراتيجيات للعمل، حيث هناك أولويات أهم من جسور المشاة، إذ من المفترض الاهتمام بتبليط الطرق قبل إنشاء الجسور التي تم تشييد عدد منها في سنوات سابقة ولم يستخدمها أحد”.

ويضيف المشهداني، أن “جسور المشاة يجب أن تكون ذات مصاعد أو سلالم كهربائية ليتمكن كبار السن والأطفال من استخدامها بسهولة، ولكن الكهرباء غير متوفرة في العراق، وعليه فإن هذا تبديد للموارد، ولو كانت هناك استراتيجية صحيحة لكان الاهتمام بالطرق والنظافة والخدمات الأساسية أفضل من هكذا مشاريع”.

وغالبا ما ترافق المشاريع الحكومية شبهات فساد، خاصة مع تأخر إنجاز المشاريع أو إحالتها لشركات غير رصينة، وما تزال مسألة التعاقدات الحكومية من دون حل، وكان آخر ملف أثير، هو مطالبة شركة أهلية مصرف الرافدين بدفع 600 مليون دولار، كتعويض عن فسخ المصرف للعقد، وقد اكتسبت الشركة قرارا قضائيا أوليا، ما أثار الرأي العام في العراق.

يشار إلى أن مسألة الطرق في العراق، من أبرز ما يثير تذمر المواطنين، نظرا لترديها بشكل كبير وعدم تطويرها، وخاصة الطرق الخارجية التي باتت مسببا للموت أكثر من الإرهاب.

إقرأ أيضا