زيادة الإنتاج النفطي.. لماذا شكك خبراء بجدوى عائداتها؟

أفاد مستشار حكومي بأن ارتفاع إنتاج العراق من النفط بواقع 30 ألف برميل يوميا سيزيد…

أفاد مستشار حكومي بأن ارتفاع إنتاج العراق من النفط بواقع 30 ألف برميل يوميا سيزيد من حجم الإيرادات التي ستكون نواة لتأسيس صندوق الثروة السيادي، لكن خبراء في الشؤون النفطية والاقتصادية أبدوا عدم تفاؤلهم بهذه الزيادة، نظرا لأن وفرة الأموال لن تكون مفيدة في ظل غياب التخطيط الصحيح وانعدام وجود الموازنة.

ويقول المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “زيادة طاقة التصدير بنحو 30 ألف برميل يوميا، وعلى وفق معدلات أسعار النفط العالمية الراهنة، ستولد إيرادا ماليا مضافا من اليوم وحتى نهاية العام يبلغ نحو 450 مليون دولار، وفي الأحوال كافة ستشكل هذه الأموال إيرادا من إيرادات المالية العامة للبلاد”.

ويضيف صالح، أن “هذه الأموال ستضاف إلى الفوائض المتوقعة في نهاية السنة المالية 2022 والتي تقدر بما لا يقل عن 16-20 مليار دولار، وتتراكم حاليا في حسابات وزارة المالية الاحتياطية بالعملة الأجنبية التي يتولى البنك المركزي العراقي إدارتها وفق أفضل التطبيقات المصرفية الدولية ضمن احتياطيات العراق الأجنبية وبشكل آمن ودقيق”.

ويبين صالح، أن “تلك الفوائض المالية ستشكل، بشكل أو بآخر، نواة لصندوق الثروة السيادي العراقي الذي أشارت إليه أحكام المادة 19 من قانون الإدارة المالية الاتحادي الراهن رقم 6 لسنة 2019 المعدل، حيث ستستثمر تلك الأموال السيادية بشكل منتج مولد للدخل والثروة، ما يساعد على تنويع مصادر الإيراد أو الدخل الحكومي”.

وكانت منظمة أوبك، قررت يوم أمس، زيادة إمدادات النفط لشهر تموز من سبع دول، ومن بينها العراق الذي ارتفع إنتاجه بمقدار 30 ألف برميل يوميا ليصل إلى 4,496 ملايين برميل يوميا.

ووفق منظمة أوبك، فإن إنتاج العراق النفطي ارتفع بمقدار 447 ألف برميل يوميا عن نفس الفترة من عام 2021.

ومنذ مطلع العام الحالي، شهدت أسعار النفط ارتفاعا قياسيا وكبيرا، لم يحدث منذ نحو 7 سنوات، بفعل الحرب الروسية- الأوكرانية، وهو ما عاد بالفائدة على العراق، لكن بقيت هذه الأموال مجمدة ولا تستطيع الحكومة التصرف بها، نظرا لعدم وجود قانون موازنة، وأكد مستشار رئيس الحكومة المالي مظهر محمد صالح، سابقا لـ”العالم الجديد”، أن هذه الأموال ستستخدم لاحقا في موازنات الأعوام المقبلة.

من جانبه، يبين الخبير النفطي حمزة رمضان خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “سبب الزيادة النفطية للدول الأعضاء في أوبك هو لتعويض النفط الروسي، فعندما حضر الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى قمة جدة أعطى السعودية والعراق والدول التي اجتمعت معه قرارا بوجوب أن تضخ كميات كبيرة لأن أوروبا ستعيش شتاء قاسيا جدا”.

ويضيف رمضان، أن “أية زيادة في الإنتاج لن تكون نافعة، لأن الخزينة العراقية مليئة بالأموال، ولكن لا نرى فائدة ملموسة منها على أرض الواقع”، مشيرا إلى “وجود مشكلات في جميع القطاعات الخدمية على الرغم من توفر الأموال، وبذلك تكون هذه الأموال بلا فائدة ولا يستفيد المواطنون منها”.

ويتابع أن “فوائد صادرات النفط العراق تذهب إلى دول أخرى مثل إيران وتركيا ومصر والأردن، ومستقبلا ستدخل سوريا ولبنان ضمن قائمة المستفيدين”، مذكرا بما سماها “فضيحة التفاح اللبناني مع العراق، فهل من المعقول الموافقة على إعطاء الديزل مقابل التفاح، فالتفاح الموجود في إقليم كردستان ويكفي العراق والخليج بأكمله، فلماذا يذهب العراق ويعقد مثل هكذا صفقة”.

وكان وزير النفط إحسان عبد الجبار، أعلن في وقت سابق، أن “الطاقات الإنتاجية الحالية للنفط الخام في العراق تبلغ أربعة ملايين و800 ألف برميل يوميا، ونعمل على زيادتها إلى ستة ملايين برميل قبل حلول العام 2027 وثمانية ملايين برميل يوميا بنهاية العام 2027 وذلك بالتعاون مع الشركات الأجنبية العاملة في البلاد”.

ومؤخرا، شهدت قمة جدة في السعودية بمشاركة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ودول عديدة من بينها العراق، مناقشة أمن الطاقة، بهدف توفير ما يحتاجه الغرب من النفط والغاز، بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وتوقف إمداد الغاز الروسي لأوروبا.

من جهته، يفيد الخبير الاقتصادي ضياء المحسن خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “زيادة الإنتاج تعني بديهيا زيادة الإيرادات، ولكن هذه الإيرادات لن تكون مفيدة من دون وجود موازنة، إذ أن الحكومة لا تستطيع التصرف بالأموال بصورة صحيحة”.

ويشير المحسن، إلى أنه “لو كانت هناك موازنة وحكومة كاملة الصلاحيات كان من الممكن أن نطالب الحكومة بأن يتم تخصيص هذه الزيادات إلى القطاعات الاقتصادية مثل القطاع الزراعي أو القطاع الصناعي أو قطاع الصناعات التحويلية، فهذه القطاعات من الممكن أن تساهم كثيرا في زيادة الإيرادات وتقليل اعتماد الموازنة العامة على النفط، لكن هذا غير موجود”.

ويلفت إلى أن “الحل هو أن يقوم مجلس النواب بتسمية رئيس جمهورية والذهاب إلى تسمية رئيس وزراء، وهذا موضوع شائك لما فيه من تظاهرات سواء في المنطقة الخضراء أو حتى في الجانب الآخر من الجسر المعلق على بوابات المنطقة الخضراء، وهذا سوف يعقد المشكلة سياسيا واقتصاديا لأن هذه التظاهرات سوف تسبب عطلا في الاقتصاد العراقي وتخفيض الإيرادات وتعطيل العملة”.

ويوضح المحسن، أن “الفائض المالي الشهري حاليا هو 3 مليارات دولار، وهذا المبلغ ينبغي توظيفه في جوانب مهمة، فقد زاد الإنتاج الآن، لكن المشكلة أن قيمة الأموال ستنخفض طالما أنها ثابتة غير متحركة، فالمال إذا كان جامدا في محله ليس له قيمة”، مشددا على ضرورة “أن تقوم الحكومة وجميع السلطات النقدية والمالية بعمل برنامج لكيفية توظيف هذه الأموال وإدخالها في جسد الاقتصاد العراقي، لكي تدور عجلة الاقتصاد، وفي هذه الحالة سوف يكون لدينا دورة رأس المال وهي دورة مركبة وتزيد العوائد المالية أكثر”.

يشار الى أنه في أيار مايو 2020، بدأت دول التحالف الذي يضم الأعضاء الـ13 في منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” بقيادة السعودية و10 منتجين من خارجها بقيادة روسيا، تخفيضات قياسية في الإنتاج بمقدار 9.7 ملايين برميل يوميا، وجرى تقليص هذه التخفيضات تدريجيا إلى 5.8 ملايين برميل في اليوم في تموز يوليو.

إقرأ أيضا