الدينار العراقي.. مقترحات بتقويته أمام الدولار بعد استحالة العودة لسعر الصرف السابق

ما زال موضوع سعر الصرف في العراق يثار بين مدة وأخرى وما إذا كان بالإمكان…

ما زال موضوع سعر الصرف في العراق يثار بين مدة وأخرى، وما إذا كان بالإمكان إعادته إلى سابق عهده، إلا أن مسؤولين حكوميين يذهبون إلى استحالة ذلك لما له من عواقب وخيمة على الاقتصاد، فيما يقترحون تقوية قيمة العملة العراقية بدلا من رفع سعرها، وهي خطوة يرى اقتصاديون أنها يمكن أن تتم بسلسلة إجراءات تتعلق باحتياطي الذهب وعجز الموازنات.

ويقول الخبير الاقتصادي ملاذ الأمين، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “تقوية الدينار تتم وفق خطوات عدة منها زيادة احتياطيات الذهب العراقي في النظام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وإيداع عائدات النفط الفائضة في الاحتياطي الفيدرالي أيضا، وطبع العملة بمقدار مساو لاحتياطي الذهب”.

ويوضح الأمين أن “التحكم بتسعيرة الدينار من قبل الحكومة يشكل عائقا أمام تقويته، لأن النشاط الاقتصادي من حركة السوق والاستيراد والتصدير، كلها بيدها”، لافتا إلى أن “البنك المركزي هو المصدر الوحيد للدولار في السوق العراقية، ولابد له من تحديد سعره”.

وكان المستشار الفني لرئيس الوزراء هيثم الجبوري، تحدث قبل يومين في لقاء متلفز عن صعوبة إعادة قوة الدينار العراقي مقابل الدولار، فيما أشار إلى أن “علينا القول كيف يمكن إعادة قوة الدينار العراقي مقابل الدولار، ولكن ليس بقرار حكومي، وهذا الأمر يتحقق من خلال العرض والطلب”.

وفي أواخر 2020، أعلنت الحكومة عن تغيير سعر صرف الدينار من 1182 دينارا لكل دولار إلى 1450 دينارا لكل دولار، ما أثار موجة سخط شعبية كبيرة، خاصة بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، وتم تثبيت هذا الأمر في الموازنة الاتحادية التي صوت عليها مجلس النواب في 31 آذار مارس من عام 2021.

من جهتها، تفيد الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “تقوية الدينار تكون من خلال تقليل العجز القائم في الموازنات، مثل تقليل عجز الميزان التجاري، فحين تكون لدينا مبالغ كبيرة من الدولار نتيجة الفوائض النفطية، فيفترض أن يتم سد ذلك العجز والمديونية بها”، مشيرة إلى أن “رفع احتياطي البنك المركزي يساهم هو الآخر بدعم الدينار وإعطائه مزيدا من القوة، ولاسيما في الخارج، من خلال السندات المطروحة والقابلية على تغطية عملتنا”.

وبشأن مدى مساهمة تعويم العملة في تقوية الدينار، تبين سميسم، أن “التعويم يعني ترك الدولة الأمور لقوى السوق والعرض والطلب من دون أي تدخل منها، وهذا الإجراء غير مجد في ظل الفساد المستشري وهيمنة حيتان الفساد على كميات ضخمة من الدولار”، مضيفة أنه “كان هناك مقترح بحذف الأصفار من الدينار، ولكنه لم يطبق”.

وعانى العراق منذ تسعينيات القرن الماضي، وخلال فرض الحصار الاقتصادي عليه، من تضخم كبير في العملة، ما دفع النظام السابق إلى التوجه لطبعها محليا، وبعد العام 2003، تم إتلاف العملة السابقة وإصدار فئات بطبعات جديدة، وتم تثبيت سعر صرفها أمام الدولار بأمر من الحاكم الأمريكي المدني للعراق في حينها بول بريمر، والذي كشف عن شكل العملة الجديدة وسعر صرفها أمام الدولار.

وطرحت العديد من الخيارات للسيطرة على الأزمة المالية، منها طبع فئات نقدية جديدة منها 100 ألف دينار، أو حذف ثلاثة أصفار للسيطرة على ارتفاع قيمة الأرقام في التعاملات النقدية، لكن وفقا لمتخصصين بالاقتصاد تحدثوا سابقا لـ”العالم الجديد”، فإن حذف الأصفار من العملة إجراء “شكلي” ولا يؤدي لحل مشاكل الاقتصاد العراقي، بل أنه سيثقل كاهله بإجراءات طبع العملة الجديدة.

وكانت المحكمة الاتحادية، قد ردت في نيسان أبريل الماضي، دعوى رفعت أمامها بشأن تخفيض الدينار مقابل الدولار في التعاملات المحلية.

إلى ذلك، يشير الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي علي كريم إذهيب، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “من عوامل قوة العملة الوطنية في العراق استقرار الوضع الأمني والسياسي وتشريع قوانين تشجع القطاع الخاص وتدعمه، إضافة إلى تشجيع دخول الاستثمارات الأجنبية والتشجيع على عودة الكفاءات للمساهمة في بناء الاقتصاد”.

ويتابع إذهيب، أن “أكثر من 90 بالمئة من المصانع البالغة 228 متوقفة بشكل تام في العراق، وعودتها للعمل والإنتاج تساهم بشكل فعال في تقوية الدينار”، لافتا إلى أن “حذف الأصفار عملية معقدة، ومن الممكن أن تتسبب بتضرر أصحاب الأجور المتوسطة والمتدنية، لأنهم سيتسلمون أموالا بقوة أقل من قوتها الشرائية ولها قيمة أدنى من قيمتها الاسمية، إلا إذا عولجت الأسعار في الأسواق بما يتلاءم مع العملة ذات الأصفار المحذوفة”.

يذكر أن وزير المالية المستقيل علي علاوي، أعلن في أيار مايو الماضي، أن خفض قيمة الدينار العراقي أدى إلى الحفاظ على احتياطيات العملة الأجنبية لدى البنك المركزي العراقي بعد المستويات المنخفضة والحرجة التي وصلت إليها في أواخر عام 2020، كما أن التعافي في أسعار النفط والإدارة المالية “الحكيمة”، ساعد على بلوغ الاحتياطي المالي 70 مليار دولار بحلول نيسان أبريل الماضي، ومن المتوقع أن يؤدي التعافي المستمر لأسعار النفط إلى زيادة هذه الاحتياطيات لأكثر من 90 مليار دولار بحلول نهاية العام الحالي.

إقرأ أيضا