“العالم الجديد” تكشف الآثار المترتبة على تعطيل القضاء.. خسائر بالمال وارتفاع بالجريمة

أثار قرار مجلس القضاء الأعلى بتعليق عمله وغلق المحاكم، مخاوف واسعة بين المختصين، رغم قرار لاحق باستئناف العمل، لقلقهم…

حذر خبراء في القانون والاقتصاد والأمن من تداعيات أي قرار يوقف عمل مجلس القضاء الأعلى لأكثر من 48 ساعة، لأنه سيكون بمثابة عصيان وشل للدولة بالكامل، حيث ستتوقف الأنشطة اليومية وترتفع معدلات الجريمة، إلى جانب تكبيد الدولة خسائر مالية تصل إلى 20 بالمئة من قيمة الناتج الإجمالي اليومي.

ويقول الخبير القانوني علي التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “تعليق عمل المحاكم العراقية له تأثير مباشر على حياة المواطن العراقي، فهذا التعليق سيوقف أي إجراء قانوني لعقود الزواج والطلاق، إضافة إلى المحاكم والمرافعات، وهذا له تأثير كبير على الوضع العراقي”.

ويبين التميمي، أن “تعليق عمل القضاء والمحاكم، إذا تكرر واستمر طويلا، سيتسبب بشل الدولة، وهو شبيه بالعصيان المدني، خصوصا مع إيقاف عمل مجلس النواب، وهذا الأمر ربما يدفع مؤسسات أخرى إلى إيقاف العمل”.

ويشدد على أن “الجميع مطالب بالحرص مستقبلا على عدم تعطيل عمل المحاكم العراقية، فإيقافها لفترة طويلة فيه أضرار كبيرة وخطيرة على حياة المواطنين، فهذا الإيقاف سيكون له تأثير مباشر على إيقاف الكثير من قضايا المواطنين المتعلقة بالدوائر الرسمية التابعة لمجلس القضاء الأعلى”.

وكان مجلس القضاء الأعلى، قرر تعليق عمله وغلق كافة المحاكم يوم أمس الثلاثاء، ردا على تظاهرات التيار الصدري أمام مبناه، وكشف في بيانه أن القضاة تلقوا تهديدات عبر هواتفهم.

وبعد صدور بيان القضاء، توالت الأحداث سريعا، حيث أعلنت أغلب رئاسات المحاكم في المحافظات الاستجابة لقرار تعليق العمل، باستثناء بعض الرئاسات التي أعلنت عدم استجابتها للقرار.

وأصدر مجلس القضاء، عقب تعليق أعماله، العديد من مذكرات إلقاء القبض بحق قياديين في التيار الصدري، اشتملت على منع السفر أيضا.

وفي ساعة متأخرة من ليلة أمس، أعلن المجلس استئناف العمل مجددا في المحاكم بدءا من اليوم الأربعاء، لكنه شدد من جهة أخرى على المضي بإجراءات مذكرات إلقاء القبض التي أصدرها.

من جانبه، يفيد الخبير الاستراتيجي فاضل أبو رغيف، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “المحاكم توقفت لمدة قصيرة هذه المرة، ولكن إذا حدث سيناريو مشابه مستقبلا وطالت مدة التوقف عن العمل، فهذا يعني أنه في غضون 48 ساعة ستتوقف كل معالم الحياة العدلية والقضائية والدستورية في العراق، ولذلك يستدعي الأمر تدخل الحكماء والجلوس إلى طاولة حوار لحل الأزمة”.

ويشير أبو رغيف، إلى أن “تعطيل القضاء يعني إدخال العراق في مرحلة العنف، بينما هو حاليا محط أنظار كل دول العالم”، مبينا أن “قضاة المحاكم المتخصصة يستطيعون الاجتماع في أي مكان واتخاذ قرارات إذا كان هناك ما يهدد الأمن القومي، ولكن بالنسبة للقضايا الروتينية اليومية فإنها لن تعالج بالانسيابية المعهودة إذا تعطل القضاء، وكذلك لن تعالج الجرائم الجنائية”.

يذكر أن أنصار التيار الصدري، نصبوا ظهر اليوم الخيام وجهزوا الطعام، قبل أن يصدر صالح محمد العراقي، الشخصية الافتراضية الناطقة باسم زعيم التيار مقتدى الصدر، توجيها بانسحاب المتظاهرين من أمام القضاء والعودة للاعتصام أمام البرلمان، مع ترك الخيم أمام بوابة القضاء وتعليق مطالبهم عليها.

وترتبط بالقضاء العديد من الشؤون اليومية، أولها القضايا والمرافعات في المحاكم سواء المدنية أو الجزائية وعقود الزواج والطلاق، فضلا عن الشكاوى عند حدوث جرائم تتطلب صدور أوامر قضائية، بالإضافة إلى موافقات إخراج الجثث من الطب العدلي، بالنسبة لبعض حالات الوفاة المرتبطة بقضايا جنائية أو التي كانت مسجلة مجهولة الهوية قبل تعرف ذويهم عليهم، إلى جانب معاملات أخرى تخص التعويضات وذوي الشهداء، وطلب كتاب عدم محكومية في بعض المعاملات.

يشار إلى أن بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي)، أعلنت يوم أمس أن مؤسسات الدولة كان يجب أن تعمل من دون عوائق، فيما أكدت أن الحق في الاحتجاج السلمي عنصر أساسي من عناصر الديمقراطية.

وعلى الصعيد ذاته، يوضح الخبير الاقتصادي نبيل جبار، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تعطيل المحاكم لا يؤثر على الحياة الاقتصادية في العراق فقط، بل يؤثر في كل مجالات الحياة، حيث سيحدث إرباك عام لأن المحاكم والسلطة القضائية مرتبطة بكثير من المواضيع سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي وغيره”.

ويتابع جبار، أن “الناتج المحلي الإجمالي السنوي للعراق يبلغ 200 مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من 500 مليون دولار يوميا، وتوقف المحاكم قد يؤدي إلى خسارةجزء من هذا المبلغ نتيجة تأثر الأداء الاقتصادي، ولكن هذا التقدير سابق لأوانه على أية حال”.

يذكر أن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، قطع يوم أمس زيارته إلى مصر، للمشاركة بالقمة الخماسية المنعقدة هناك، وعاد إلى العراق بسبب الأحداث، فيما حذر عقب عودته من تعطيل عمل المؤسسة القضائية وأكد أنه يعرض البلد إلى مخاطر حقيقية.

ويأتي هذا التصعيد، بعد أن أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، أمس الأول الإثنين، أن القضاء يتعامل مع القضايا وفق الدستور والقانون، ويقف على مسافة واحدة من الجميع، في إشارة إلى طلب الصدر من القضاء حل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة.

وكان الصدر قد طلب مطلع الشهر الحالي من القضاء حل البرلمان، وأمهله أسبوعا واحدا في حينها، انتهى في 17 آب أغسطس الحالي، وفي ذلك اليوم، قررت المحكمة الاتحادية العليا، تأجيل البت بالدعوى لغاية 30 آب أغسطس الحالي.

إقرأ أيضا