المستشفيات الأهلية.. كلف باهظة ومختصون يرون الحل في “التأمين”

كان على زينب رحيم وزوجها تأمين 10 ملايين دينار، لتغطية نفقات عملية جراحية تخصها في…

كان على زينب رحيم وزوجها تأمين 10 ملايين دينار، لتغطية نفقات عملية جراحية تخصها في أحد المستشفيات الأهلية في بغداد، وهي مهمة شبه مستحيلة نظرا لدخلهما المحدود، إلا أنهما اكتشفا لاحقا أن الموضوع لا يستوجب هذا المبلغ، وأنهما تعرضا لمحاولة استغلال.

وتقول زينب خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مرضي كان عبارة عن كيس دم في الرحم، وحصل تلاصق مع بعض الأعضاء والأمعاء، وعند ذهابي إلى أحد المستشفيات الأهلية في بغداد لمراجعة طبيب متخصص، أخبرني الطبيب بأن العملية خطيرة للغاية والنجاة منها صعبة جدا، وأن نسبة نجاحها لا تتعدى 50 بالمئة”.

وتضيف أن “الطبيب طلب 8 ملايين دينار كأجرة خاصة به فقط، تضاف لها تحاليل وفحوصات يجب إعادتها في المستشفى الأهلي، ليكون المبلغ الكلي نحو 12 مليون دينار، بينما أنا وزوجي لا نستطيع دفع أكثر من مليونين، ما أصابنا بإحباط كبير”.

وتواصل “لكي لا نفقد الأمل تماما، راجعنا أكثر من طبيب وطبيبة في اليوم التالي، إلى أن عثرنا على طبيبة أخبرتنا بأن العملية بسيطة جدا، وأن مبلغ 12 مليون دينار مبالغ فيه للغاية، وقد أجرت لي هذه الطبيبة العملية بكلفة كلية بلغت مليونا و250 ألف دينار، والآن أتمتع بصحة ممتازة”.

وتجسد قصة زينب مثالا على معاناة العراقيين مع الخدمات الصحية، فهم لا يحصلون عليها بالمستوى اللائق في المستشفيات الحكومية، وعندما يتوجهون إلى المستشفيات الأهلية يصطدمون بأسعار خيالية وممارسات يصنفها مراجعون كثيرون على أنها عمليات نصب واحتيال.

ويعاني الواقع الصحي في العراق من مشاكل عدة، بداية من تقادم المستشفيات وعدم تأهيلها، إضافة إلى الإهمال في الجوانب الخدمية والسلامة وعدم توفر الأدوية، ووفقا لحديث بعض النواب في الدورات السابقة، فإن المستشفيات شهدت نحو أربعة آلاف خطأ طبي منذ عام 2003 ولغاية 2019، تسببت بالعديد من الوفيات وحالات الإعاقة.

وفي هذا الصدد، يبين عضو نقابة الأطباء راشد ماجد خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “اللجان الرقابية مرتبطة بدائرة الأطباء، أما الأطباء العاملون في المستشفيات الأهلية فهم منتمون للنقابة”، مشيرا إلى أن أجور الأطباء تدفع من المستشفى الذي يعملون فيه، أما النقابة فتتسلم اشتراكات سنوية من المستشفيات الأهلية”.

ويلفت ماجد، إلى أن “أجور العمليات الجراحية وبقية التفاصيل غير خاضعة لتسعير وضوابط، وإنما يحددها كل مستشفى وفقا لمستوى خدماته ومهارات كوادره”.

يذكر أن العراق فقد مئات الأطباء، بسبب الظروف الأمنية أو تفشي ظاهرة الاعتداء عليهم من قبل ذوي المرضى، وخاصة الذين يتوفون نتيجة لأسباب طبيعية، ويتم تحميل الطبيب المسؤولية، وهو أمر تمنعه السلطات بشدة وتوجه القوات الأمنية باعتقال المعتدين، إلا أن الأمر لم يتوقف.

يشار إلى أن أغلب العراقيين باتوا يتجهون إلى خارج العراق لغرض تلقي العلاج، وخاصة إجراء العمليات الصعبة، ومن بين الدول إيران وتركيا والهند، وغالبا ما تأتي نصيحة السفر من قبل الأطباء أنفسهم، في حال وجدوا الحالة المرضية صعبة وتحتاج إلى أجهزة وعلاجات وإمكانيات كبيرة.

إلى ذلك، يفيد عميد المعهد الأمريكي للدراسات حيدر معتز، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “أفضل طريقة لعلاج مشكلة غلاء الأسعار في المستشفيات الأهلية هو توفير الضمان الصحي للمواطن حتى يستطيع من خلاله دفع جزء بسيط إذا كانت تكلفة العملية باهضة”.

كما يشدد معتز على ضرورة “تفعيل الرقابة والتفتيش الصحي في هذا الشأن، ووضع إجراءات شبه رسمية أو رسمية بخصوص أجور العمليات ونوعيتها”، لافتا إلى أن “هناك أجهزة باهضة الثمن قد يجلبها المستثمر إلى المستشفى، فتكون أجور الفحص بها عالية”.

ويتابع أن “تقليل أجور الطبيب أيضا من واجبات وزارة الصحة، فهي معنية بوضع استراتيجية للعمل الصحي ومراقبة العمليات في المستشفيات الأهلية وكذلك الحكومية، إذ أن دائرة التمريض الخاص على سبيل المثال، تطلب أجورا عالية على العمليات، لذا يجب إعادة النظر في هذه الأجور”.

وكانت مدير شركة التأمين الوطنية إسراء صالح، أوضحت أمس آلية منح التأمين، مؤكدة أن الشركة ترتبط مع العميل بعقد يتضمن نوع ومحل التأمين المراد التأمين عليه كأن يكون تأمينا على الحياة أو السيارة أو الحريق والحوادث…إلخ، وأن القسط المطلوب يكون حسب سعر التأمين، وهذا السعر تحدده تعرفة خاصة بالأسعار وضعت لهذا الغرض ويتم تقييم المبلغ الكلي بمعادلة بسيطة ويستخرج من خلالها القسط بضرب التأمين في السعر للحصول على القسط الواجب الدفع.

من جهته، يوضح زهير العبودي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الطبيب الجراح في كل دول العالم هو من يحدد أجور عمله، وهذا قانون عالمي، أما بقية الفحوصات فيفترض بالدولة التدخل لتحديد أسعارها في المستشفيات الأهلية، مثل أجور المبيت والخدمات الصحية وأسعار الأدوية، حيث أن كل هذه التفاصيل غير خاضعة لضوابط ومحددات”.

ويضيف العبودي، أن “موضوع أجور المستشفيات الأهلية مزاجي ويخضع للسوق، ولذلك هناك تباين واضح في الأسعار، ولكن على العموم فإن الطب ليس مجانيا في كل العالم، والمريض مخير إذا كان يريد تلقي العلاج في مستشفى حكومي أو أهلي”.

وإلى جانب تردي الواقع الصحي، فإن “العالم الجديد” كانت قد كشفت في آب أغسطس 2021، وعلى لسان الطبيب الاختصاص أحمد جواد، عن وجود تهريب للأدوية يتم عبر منافذ العراق، ومنها دواء ريمديسيفير الذي يدخل في علاج فيروس كورونا، ويتم شراؤه بـ30 سنتا من تركيا، ويباع في العراق بمبلغ يصل إلى 35 دولارا.

يذكر أن الجهات المعنية، دائما ما تعلن عبر بيانات رسمية عن إحباط عمليات تهريب الأدوية من خارج الحدود، وخلال العام الماضي فقط، أعلن عن ضبط 100 طن من الأدوية المهربة.

إقرأ أيضا