تربية الحيوانات المفترسة.. ظاهرة “غريبة” أسبابها التقليد وارتفاع أعداد المنتجين المحليين

لم تكن ظاهرة تربية الحيوانات المفترسة، كالأسود والنمور، مألوفة في العراق قبل سنوات قليلة، إلا…

لم تكن ظاهرة تربية الحيوانات المفترسة، كالأسود والنمور، مألوفة في العراق قبل سنوات قليلة، إلا أنها انتشرت بشكل ملحوظ مؤخرا، في ظل زيادة لافتة بعدد المنتجين المحليين، ومن مساوئها إفلات بعض تلك الحيوانات من مربيها وتجولها في الشوارع، ما يثير الهلع بين السكان، وفيما يؤكد متخصصون بأن هذا الفعل يقود مرتكبه إلى السجن، تنتقد باحثة اجتماعية إنفاق الأموال على حيوانات يجب أن تعيش في البرية بدلا من مساعدة المحتاجين.

ويقول حسن علي، أحد مربي الأسود في بغداد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “استيراد الأسود متوقف الآن، لأن هناك منتجين بدأت أعدادهم تتزايد، وخصوصا في البصرة وبابل، وهم يملكون مزارع عملاقة يزاوجون فيها الأسود لتكثيرها وبيعها”.

ويبين علي، أن “أسعار الأسود تتراوح حاليا بين 4 آلاف و5 آلاف دولار للأسد الواحد، أما الشبل الأبيض فيصل سعره إلى 20 ألف دولار”، مشيرا إلى أنه “كان هناك استيراد في السابق، ولكن تم في ما بعد جلب أفضل أنواع الأسود الأفريقية التنزانية وتكثيرها بالتزاوج”.

ويوضح أن “هناك شروطا قانونية معينة لاقتناء الأسود وتربيتها، من بينها توفير مزرعة كبيرة أو مكان معزول عن السكان لها”، لافتا إلى أن “هناك تشديدا على هذا الموضوع، لأن أي إبلاغ من شخص يزعم تعرضه لخطر من أسد ما، تتم مصادرة هذا الأسد من صاحبه، ولكن المشكلة أن الدولة عندما تصادر أسود المخالفين لا تعلم إلى أين تذهب بها لأنها لا تمتلك أماكن مخصصة لها”.

ويتابع علي، أن “تربية الأسود مكلفة لأنها تتغذى على اللحوم”، مبينا أن “هناك حيوانات مفترسة أخرى تتم تربيتها الآن مثل النمور البنغالية والفهود والذئاب الأوكرانية والروسية البيض والملونة”.

وتنتشر بين مدة وأخرى مقاطع فيديو تظهر حيوانا مفترسا يتجول في الشوارع لوحده أو يطل برأسه من نافذة إحدى السيارات، مثيرا الذعر بين الأهالي، وآخرها مقطع فيديو انتشر في 5 آب أغسطس لأسد هرب من سيارة مروضه قرب منصة الاحتفالات بالجانب الأيسر من الموصل وتسبب بحادث تصادم لعدد من المركبات بعد ارتباك السائقين، كما أثار هلع السكان.

وفي تفسير اجتماعي لظاهرة تربية الحيوانات المفترسة، توضح الباحثة الاجتماعية سمر الفيلي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذه الظاهرة جديدة على المجتمع العراقي، وهي تقليد لدول الخليج المعروفة بثراء سكانها، بينما ترزح العائلا العراقية في ظروف مليئة بالفقر والإهمال بتربية الأبناء، ولا يملك الكثير من العراقيين ما يكفيهم لمواجهة الحياة”.

وتشير الفيلي، إلى أن “الحيوانات المفترسة يجب أن تعيش في محميات طبيعية، وليس بين السكان، فهذا يشكل خطرا على حياتهم، لأن الأسد قد يفلت من مكانه ويهاجم الناس في الشوارع”، مضيفة أن “المجتمع العراقي بدأ يعيش حالة تقليد الدول في كل شيء، حتى في تربية الحيوانات، بينما كثير من الناس في العراق يعجزون حتى عن إصلاح أنفسهم وفساد دولتهم”.

وكانت قيادة شرطة بغداد أصدرت، في 2 أيلول سبتمبر الحالي، بيانا قالت فيه إنه “انطلاقا من المسؤولية الوطنية وحفاظا على سلامة المواطنين من مخاطر اقتناء الحيوانات المفترسة والتجوال بها في الشوارع والأماكن العامة، تدعو قيادة شرطة محافظة بغداد المواطنين إلى التعاون والتبليغ عن هذه الحالات، حيث تم رصد بعض الفيديوهات حول تواجد هذه الحيوانات المفترسة كالأسود والنمور ببعض المناطق العامة في الآونة الأخيرة، ما يضع حياة المواطنين في خطر، وربما يتعرض من يقتنيها إلى الخطر ذاته”.

وأضاف البيان أن “القيادة تود أن تنوه إلى أن هذا الفعل مخالف للقانون ويعرض صاحبه للمساءلة القانونية”، داعية المواطنين إلى التبليغ عن هذه الحالات عبر الاتصال على الخط الساخن والمجاني للقيادة 427”.

ومن الناحية القانونية لتربية الحيوانات المفترسة، يشير الخبير القانوني علي التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “قانون حماية الحيوانات البرية رقم 17 لسنة 2010 يعاقب في المادة 9 منه بالحبس 3 سنوات مع غرامة 3 ملايين دينار كل من يقتني حيوانا مفترسا ويتركه يتجول في الشوارع والأماكن العامة”.

ويتابع التميمي أنه “وفقا للقانون، يجب مصادرة الحيوان واعتقال مقتنيه وكذلك منع استيراده إذا كان يشكل خطرا على السكان”، موضحا أن “المادة 495 من قانون العقوبات العراقي يجرم أيضا من يشكل خطرا على حياة السكان بحيوان مفترس”.

يشار إلى وجود سوق شهير وسط بغداد متخصص ببيع الحيوانات هو سوق الغزل، لكنه يحتوي على حيوانات أليفة في الغالب كالطيور والقطط والأرانب وأسماك الزينة وما شابه.

وبحسب بيانات متحف التاريخ الطبيعي العراقي، كانت الأسود موجودة في العراق وبأعداد ضخمة عبر تاريخ البلد ومنذ السلالات البشرية التي استوطنت العراق، وقد بدأ عددها يتناقص تدريجيا مع مرور الزمن إلى أن انقرضت من العراق في وقت متأخر جدا وفي الفترة الممتدة 1916-1918 على وجه التحديد.

إقرأ أيضا