التيار يعدها تسويفا والإطار يقر ببطئها.. لجنة الانتخابات المبكرة تباشر وسط توقعات بتصعيد

تتجذر الخلافات بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، مع انطلاق أعمال اللجنة الفنية المنبثقة عن “الحوار…

تتجذر الخلافات بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، مع انطلاق أعمال اللجنة الفنية المنبثقة عن “الحوار الوطني” لإيجاد خارطة طريق بشأن الانتخابات المبكرة، ففي الوقت الذي هرع فيه التيار الصدري لمهاجمة عمل اللجنة، وعده “تسويفا” لمطلبه بحل البرلمان، أوضح الإطار التنسيقي أنها ستستغرق وقتا طويلا، وسط توقعات  بعودة التصعيد مرة أخرى بسبب انعدام الحوار بين الطرفين.  

وتقول مصادر سياسية مطلعة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “ممثلي القوى السياسية عقدوا اجتماعا في منزل القيادي بالإطار التنسيقي أحمد الأسدي، وهم الفريق الفني الذي اتفق المجتمعون في القصر الحكومي على تشكيله من أجل تنضيج الرؤى والأفكار المشتركة حول خارطة الطريق للحل الوطني، وتقريب وجهات النظر، بغية الوصول إلى انتخابات مبكرة، وتحقيق متطلباتها بمراجعة قانون الانتخابات، وإعادة النظر في مفوضية الانتخابات”.

وتبين المصادر، أن “الاجتماع كان الأول لهذا الفريق، ولم يتم خلاله الاتفاق على أي شيء، بل كان من أجل مناقشة هذه القضايا وطرح كل جهة رأيها بخطوات إجراء الانتخابات وملاحظاتها على قانون الانتخابات وكذلك المفوضية”.

وتضيف أن “ممثلي القوى السياسية اتفقوا على استمرار الاجتماعات بغية الوصول إلى رؤية موحدة تجاه قضية الانتخابات المبكرة وشكل قانون الانتخابات الجديدة، وستكون هناك اجتماعات دورية لهذه اللجنة خلال المرحلة المقبلة، مع محاولة إشراك التيار الصدري فيها”.

وكان مكتب رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، أعلن في 5 أيلول سبتمبر الحالي، انطلاق أعمال الجلسة الثانية للحوار الوطني التي دعا إليها رئيس حكومة تصريف الأعمال، بحضور الرئاسات وقادة القوى السياسية باستثناء التيار الصدري، وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، أكدوا خلالها على ضرورة تحمّل الجميع المسؤولية الوطنية في حفظ الاستقرار، وحماية البلد من الأزمات، ودعم جهود التهدئة، ومنع التصعيد والعنف، وتبني الحوار الوطني؛ للتوصل إلى حلول، مشددين على ضرورة استمرار جلسات الحوار الوطني”.

وقرر المجتمعون “تشكيل فريق فني من مختلف القوى السياسية لرسم خارطة طريق وطني للحل، وبغية الوصول إلى انتخابات مبكرة، وتحقيق متطلباتها بمراجعة قانون الانتخابات، وإعادة النظر في المفوضية، وجددوا الدعوة للتيار الصدري للمشاركة في الاجتماعات الفنية والسياسية، ومناقشة كل القضايا الخلافية، وضرورة تحقيق الإصلاح في بنية الدولة، ومراجعة أطر العمل السياسي وإصلاح التشريعات اللازمة، بما فيها مناقشة أسس التعديلات الدستورية”، استنادا للبيان.

يذكر أن منزل أحمد الأسدي، رئيس كتلة السند الوطني المنضوية في الإطار التنسيقي، استضاف في اليومين الماضيين على التوالي، اجتماعات لجنة صياغة الاتفاق السياسي التي تمثل الأطراف السياسية من كافة المكونات.

من جهة أخرى، يفيد قيادي بارز في التيار الصدري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “التيار ليس جزءا من اجتماعات الفريق الفني الممثل عن القوى السياسية، وليس معنيا بما يتم الاتفاق عليه خلال هذه الاجتماعات، وموقف التيار الصدري ما زال ثابتا بالمطالبة بحل البرلمان والذهاب نحو انتخابات مبكرة”.

ويتابع القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “هدف هذه اللجنة تسويف مطالب حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، فأي قضية يتم تشكيل لجنة بشأنها يعني تسويفها والمماطلة في تنفيذ بنودها، ولهذا نحن نرفض أن نكون جزءا من عمل هذه اللجنة، خصوصا أن مخرجاتها ستكون واضحة ولها أهداف سياسية لصالح جهة ضد جهة أخرى”.

يذكر أن الإطار التنسيقي عقد اجتماعا في منزل رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، أمس الأول، ناقش خلاله آخر التطورات السياسية ومساعي تشكيل الحكومة الجديدة، وإعادة عقد جلسات مجلس النواب ما بعد انتهاء مراسم زيارة الأربعين، وتسريع مهام تشكيل الحكومة الجديدة.

يشار إلى أن زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، نشر تغريدة يوم أمس الأول، قال فيها إن “القضاء حكم بعدم جواز حل البرلمان، وهذا يعني لا انتخابات مبكرة إلا بعد استئناف مجلس النواب عقد جلساته وتشكيل حكومة جديدة مكتملة الصلاحية، كما أبدت القوى السياسية موقفها الداعم لقرار القضاء، وأعلنت رفض حل البرلمان والانتخابات المبكرة المقترحة، وهذا يعني لا داعي بعد للحديث في هذا الموضوع المحسوم دستوريا وقضائيا وسياسيا ويجب مغادرته وتكريس الكلام والجهود والمقترحات على كيفية تفعيل البرلمان وكيفية الإسراع في تشكيل حكومة ائتلافية”.

من جانبه، يوضح النائب عن الإطار التنسيقي عارف الحمامي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الفريق الفني المشكل من قبل جميع القوى السياسية باشر مهامه، وهذا الفريق يسعى للوصول إلى تفاهمات وحلول ترضي كل الأطراف السياسية بشأن إجراء الانتخابات المبكرة”.

ويشير الحمامي إلى أن “عمل الفريق الفني سوف تنتج عنه تفاهمات ونتائج، فهذا الفريق يملك خبرة سياسية وقانونية وفنية بشأن مجمل العملية الانتخابية، ونتائج أعماله ستكون جزءا من حل الانسداد السياسي في العراق”.

ويستطرد أن “الفريق الفني يحتاج إلى وقت ليس بالقصير للوصول إلى تفاهمات، فلا يكفيه اجتماع أو اثنان، ولهذا فإن اجتماعات هذا الفريق ستكون متواصلة ما بعد انتهاء مراسم زيارة الأربعين بهدف الوصول إلى رؤية موحدة من قبل جميع الكتل والأحزاب بخصوص الانتخابات المبكرة، وقانون الانتخابات والمفوضية”.

يشار إلى أن الإطار التنسيقي، أعلن يوم أمس الإثنين، مضيه بتشكيل الحكومة الجديدة، كما أعلن عن تمكسه بمرشحه لرئاسة الوزراء محمد شياع السوداني.

يذكر أن الجلسة الأولى من الحوار الوطني عقدت، في 17 آب أغسطس 2022، داخل القصر الحكومي بدعوة من الكاظمي أيضا، وحضرها رؤساء الكتل السياسية باستثناء التيار الصدري، فضلا عن الرئاسات والممثلة الأممية في العراق.

ونقلت “العالم الجديد”، في 18 آب أغسطس 2022، عن قيادي بارز في التيار الصدري، قوله إن عدم مشاركة الصدر أو من يمثله في اجتماع قادة الكتل السياسية في القصر الحكومي، يعود إلى رفضه بشكل نهائي أي حوار مع كافة الأطراف السياسية، وخصوصا قوى الإطار التنسيقي، وهو مصر على تنفيذ مطالب حل البرلمان وتحديد موعد للانتخابات المبكرة، من دون أي حوار مع القوى السياسية.

وفي السياق ذاته، يرى المحلل السياسي ماهر جودة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “اجتماعات الفريق أو اللجنة الفنية لن تفضي إلى أي حلول ما لم تتم مشاركة التيار الصدري فيها، فهذه الاجتماعات لن تختلف عن اجتماعات القوى السياسية في القصر الحكومي، التي تتم بمقاطعة الصدريين، والتي دائما ما تنتهي من دون أي حلول حقيقية وواقعية”.

ويشدد جودة على أن “حل الأزمة السياسية في العراق يكون من خلال حوار مباشر يجمع التيار الصدري مع الإطار التنسيقي للوصول إلى تفاهمات مشتركة، ولا يمكن حل الأزمة من خلال التصريحات والبيانات الإعلامية بين الطرفين، التي غالبا ما تقود إلى التصعيد وليس الحل”.

ويضيف جودة أن “أي اتفاق سياسي يتم من دون التيار الصدري، قد يدفع الصدريين إلى التصعيد لمنع تنفيذه، ولهذا على القوى السياسية العمل على إشراك التيار في اجتماعات الفريق الفني والاجتماعات الأخرى، قبل البدء بها والتوصل إلى اتفاق معين بشأن الأزمة الحالية”.

ويمر العراق بأزمة سياسية خانقة بدأت تتفاقم بعد إعلان نتائج انتخابات تشرين الأول أكتوبر 2021، حيث فازت الكتلة الصدرية بأعلى عدد من المقاعد البرلمانية بين بقية الكتل، ما أثار استياء الإطار التنسيقي الذي يضم معظم القوى الشيعية المقربة من إيران والفصائل المسلحة، فطعن بالنتائج زاعما أن الانتخابات مزورة.

وسعى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى تشكيل حكومة أغلبية بالالتحام مع تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني، لكن المحكمة الاتحادية تلقت طلبا بتفسير المادة الدستورية المتعلقة بنصاب جلسة البرلمان لانتخاب رئيس الجمهورية، فجاء التفسير مشترطا حضور ثلثي أعضاء البرلمان لتحقق النصاب، ما مكن الإطار من تشكيل “ثلث معطل” أحبط أكثر من جلسة لانتخاب الرئيس والمضي في تشكيل الحكومة.

وفي إثر ذلك، قرر الصدر سحب نوابه من البرلمان، فقدموا استقالاتهم في 12 حزيران يونيو 2022، فسارع الإطار إلى شغل مقاعدهم وتكوين أغلبية برلمانية قادرة على تشكيل الحكومة، لكن الصدر قرر مواجهتهم بقوة الشارع، فقد اقتحم أنصاره مبنى البرلمان في 27 تموز 2022 ثم اعتصموا حوله، ما أدى لتعطله، إلى أن تطور التوتر إلى اشتباكات مسلحة داخل المنطقة الخضراء يوم الإثنين، 20 آب أغسطس 2022، استمرت نحو 24 ساعة قبل أن يوعز الصدر لأتباعه المسلحين وغير المسلحين بالانسحاب من المنطقة في غضون 60 دقيقة.

إقرأ أيضا