استعدادات ووعيد.. هل تنجح الاحتجاجات المقبلة في “تصفير” العملية السياسية؟

تعد قوى تشرين العدة لتظاهرات كبيرة في الذكرى الثالثة لانطلاقها، عبر عقد مؤتمرات على كافة…

تعد قوى تشرين العدة لتظاهرات كبيرة في الذكرى الثالثة لانطلاقها، عبر عقد مؤتمرات على كافة المستويات الاحتجاجية وأخرى تجمع القوى السياسية الممثلة للحراك، وفيما يجري العمل وفقا لقادة في الحراك الاحتجاجي على تشكيل جبهة تجمع كافة قوى تشرين، طرحت مسألة الدخول للمنطقة الخضراء في التظاهرات المرتقبة، كخطوة للوصول إلى “عقر دار الفساد” و”تصفير” العملية السياسية، بحسب وصفهم.

ويقول الناشط الاحتجاجي علي الدهامات، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “اللجنة المركزية للاحتجاجات عقدت اجتماعا في الحلة بشأن الخطوات والاستعدادات لتظاهرات الأول من تشرين الأول المقبل، وقد أصدرت بيانا مفصلا بذلك، أما اجتماع الناصرية فقد دعا إليه البيت الوطني، وناقش ما إذا كان على الجبهة التشرينية تكوين بديل سياسي أو تشكيل معارضة سياسية للأحزاب الحاكمة“.

ويتابع الدهامات أن “الجميع يعاني من المشهد السياسي في العراق حاليا، فحتى القوى المنبثقة عن تشرين، ومنها حركة امتداد، لم تستطع تقديم شيء لأن الأوضاع برمتها متأزمة”، مبينا أن “رؤيتنا التي طرحناها في اجتماع الناصرية تتلخص في ضرورة تنظيم الاحتجاج وتحويله إلى واجهة تعكس رأي المجتمع العراقي وهواجسه ومطالبه بعد أن فقد الثقة بالعملية السياسية“.

وعقد في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، أمس الجمعة، اجتماعا تشاوريا لقوى الاحتجاج والتغيير، بحضور ممثلين عن القوى المدنية والديمقراطية والناشئة والنقابات والمنظمات والحركات الاحتجاجية والشخصيات المستقلة، وتضمنت مخرجاته التالي “ضرورة وحدة المنطلقات والأهداف الوطنية للحراك السياسي والاجتماعي والاحتجاجي، المعارض لمنظومة المحاصصة والفساد والسلاح، وأهمية التمسك بالمطالب الوطنية وفي مقدمتها محاسبة قتلة المتظاهرين والكشف عن مصير المغيبين، وحصر السلاح بيد الدولة وضمان استقلالية القضاء، وتطبيق قانون الأحزاب وإصلاح المنظومة الانتخابية“.

كما شكل الاجتماع لجانا عدة، أبرزها لجنة لوضع وصياغة الرؤية السياسية (الدولة والمؤسسات والمطالب التي رفعتها انتفاضة تشرين)، ولجنة لوضع رؤية متكاملة عن المنظومة الانتخابية التي تحقق التغيير.

وجاء اجتماع الناصرية بعد 24 ساعة من اجتماع اللجنة المركزية للتحضير ليوم 1 تشرين الأول أكتوبر المقبل، والتي صدر عنها بيان تضمن خطوات التظاهرات وهي: وقت التجمع الساعة 11 صباحا في ساحة النسور بالعاصمة بغداد، والعمل على الدخول إلى المنطقة الخضراء من بوابة النسور لتبيان الموقف من عقر دار السلطة.

كما اشتمل البيان على رسائل عدة أولها للشعب وهي “ليكن الأول من تشرين المقبل يوم استرداد الحقوق بعد أن فقد جميع فئات وأبناء الشعب حقوقهم، حقوق عوائل الشهداء وحقوق الجرحى، حقوق المتقاعدين المظلومين، حقوق أصحاب الشهادات العليا والكفاءات، حقوق المحاضرين والإداريين والخريجين“.

ورسالة للقوات الأمنية وهي “لقد اختلطت أوراق الاحتجاج سابقا بحكم عفويتها وسهولة اختراقها من قبل أذرع السلطة، أما اليوم وبعد سنوات طويلة من التنظيم والتضحيات والحرص، تمكنا من جعل الاحتجاج مظلة آمنة لكل المظلومين وخالية من المندسين.. وعليه فإننا نطالبكم بحماية المتظاهرين في ممارسة حقهم الدستوري في التظاهر السلمي في أي بقعة من بقاع الوطن، وإننا إذ نطالبكم بتطبيق القانون فإننا نعلم حجم الضغوط السياسية على مؤسساتكم، ونطالبكم بالتحرر من سطوتها“.

من جانبه، يوضح عضو اللجنة المركزية للتظاهر واثق لفتة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “اجتماع الحلة كان لقوى الاحتجاج، أما اجتماع الناصرية فقد جمع القوى المنبثقة عن الاحتجاج، والأول أرسل رسائل إلى الشعب العراقي والإعلام وأحزاب السلطة، أما الثاني فقد ناقش الخطوات السياسية الممكن اتباعها لتحقيق التغيير المنشود“.

ويشير لفتة إلى أن “التظاهرة المقبلة ستسعى إلى دخول عقر دار الفساد في المنطقة الخضراء، ونتوقع من القوات الأمنية عدم قتل المتظاهرين المطالبين بحقوق المواطنين، وإذا لقيت التظاهرة الدعم الكافي فأنها ستعمل على تصفير العملية السياسية“.

وقبل 3 أعوام، وفي الأول من تشرين الأول أكتوبر 2019، انطلقت تظاهرات شعبية للمطالبة بتوفير الخدمات وإبعاد الفاسدين عن سدة الحكم، لكن سرعان ما تحولت هذه التظاهرات إلى انتفاضة شعبية بدأت من بغداد، وصولا إلى البصرة في أقصى الجنوب.

وشكلت هذه الانتفاضة نقطة فارقة في تاريخ العملية السياسية بعد عام 2003، وأصبحت أيقونة لجمع كل أطياف المجتمع ووحدت مطالبهم، خصوصا بعد ما رافقها من قمع وعنف، أدى إلى مقتل أكثر من 600 متظاهر وإصابة 26 ألفا آخرين.

وفي السياق ذاته، يذكر الناشط الاحتجاجي إبراهيم تركي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “اجتماع الناصرية تم برعاية البيت الوطني، وقد تضمن استذكارا وتقييما لثورة تشرين، وليس لمناقشة تظاهرة الأول من تشرين الأول المقبل“.

ويلفت تركي إلى أن “التنسيق بين التجمعات الاحتجاجية عبارة عن أحاديث شفوية بين الأصدقاء وليس تنسيقا بالمعنى التنظيمي”، مضيفا أن “الحركات المنبثقة عن تشرين لم تعلن بشكل واضح ما إذا كانت حاليا جزءا من اللجنة المركزية للاحتجاجات أم لا، وهناك رؤية إيجابية وأخرى سلبية لهذا الواقع، الأولى تتمثل بأن تشرين تمثل الشارع ولا تتقيد بحركات أو تكتلات، والثانية تذهب إلى وجود تشظ في الحراك الاحتجاجي يستدعي تنظيمه وإنضاجه سياسيا“.

يذكر أن انتفاضة تشرين أدت إلى استقالة حكومة عادل عبد المهدي، بناء على دعوة المرجعية الدينية العليا في النجف، التي ساندت الشعب في تظاهراته، ما أدى إلى تكليف مصطفى الكاظمي بتشكيل حكومة مؤقتة هدفها إجراء انتخابات مبكرة.

يشار إلى أنه بعد تولي الكاظمي رئاسة الحكومة، ارتفعت وتيرة الاغتيالات للناشطين والشخصيات البارزة بشكل كبير، من أبرزها اغتيال الخبير الأمني والاستراتيجي هشام الهاشمي، الذي اغتيل أمام منزله في تموز يوليو 2020، أي بعد شهرين من تولي الكاظمي لمنصبه، وإيهاب الوزني رئيس الحراك المدني الذي اغتيل في كربلاء في أيار مايو 2021، أي قبيل فتح باب الترشيح للانتخابات التشريعية الأخيرة، فضلا عن حالات أخرى في البصرة وذي قار والديوانية وكربلاء.

ولغاية الآن، تعاني المحافظات الوسطى والجنوبية من تفشي البطالة، واستمرار تظاهرات الخريجين للمطالبة بالتعيين، فضلا عن ارتفاع نسب الفقر في البلد ووصولها لأكثر من 50 بالمئة في بعض المحافظات.

إقرأ أيضا