تصديره متواصل.. هل بات إحكام القبضة على نفط كردستان مسألة وقت؟

بعد أن توعدت شركة تسويق النفط العراقية “سومو” باتخاذ إجراءات قانونية ضد أي جهة تشتري…

بعد أن توعدت شركة تسويق النفط العراقية “سومو” باتخاذ إجراءات قانونية ضد أي جهة تشتري نفط إقليم كردستان دون موافقة بغداد، ما زالت سلطات الإقليم مستمرة بالتصدير، إلا أن مصدرا في “سومو”، أشار إلى أن الشركة ماضية بالإجراءات القانونية، لكنها تستغرق وقتا للبت فيها، وإصدار أحكام بشأنها، وفيما يبين عضو باللجنة المالية البرلمانية أن تعطيل البرلمان يحول دون اقتفاء أثر الأموال الداخلة إلى كردستان، يتهم نائب كردي “العائلتين الحاكمتين” في الإقليم بالاستحواذ على مبالغ هائلة منها.

ويقول مصدر في “سومو”، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الصادرات النفطية، التي تعلن عنها حكومة كردستان، هي نفسها التي تزود بها الحكومة الاتحادية، على الورق فقط، لكن الكميات التي يصدرها الإقليم أكثر من ذلك بكثير، خصوصا عند نقلها من خلال الصهاريج”.

ويضيف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أنه “حتى اللحظة تمتنع حكومة الإقليم عن تسليم الحكومة الاتحادية 250 ألف برميل يوميا، على الرغم من استمرار بغداد بإرسال الأموال لها من أجل دفع الرواتب وغيرها من الالتزامات، وهذا الملف ليس من صلاحيات الشركة، بل هو من صلاحيات الحكومة، وهو بصراحة خاضع للتوافقات السياسية أكبر من الإجراءات القانونية والفنية”.

ويبين المصدر، أن “شركة سومو ماضية بالإجراءات القانونية ضد الشركات المستخرجة والناقلة والمشترية للنفط من الإقليم، وهناك فريق قانوني يعمل على ذلك من خلال المحاكم المتخصصة داخل وخارج العراق، لكن هكذا إجراءات تتطلب وقتا لتنفيذها وإصدار أحكام قضائية تحد من تلاعب الإقليم بالنفط من دون أي رقيب أو حسيب”.

وكانت شركة “ديلوت” العالمية المتخصصة بإدارة الأعمال والاستشارات المالية، ذكرت في تقرير لها أمس السبت، أن مبيعات النفط من كردستان من مطلع نيسان أبريل لغاية نهاية حزيران يونيو 2022 بلغت 37 مليونا و618 ألفا و577 برميلا، مبينة أن سعر برميل النفط الواحد المباع بلغ 100 دولار و38 سنتا، فيما أشارت إلى أن الإقليم حقق أكثر من 3 مليارات دولار من صادرات النفط ذهب أكثر من مليار منها كمستحقات مالية للشركات العاملة في استخراج وإنتاج النفط الخام، كما ذهب مليار و571 ألفا و985 دولارا لرواتب الموظفين والعاملين في القطاع العام في الإقليم.

وكانت “سومو” هددت، في 25 آب أغسطس 2022، بإجراءات قانونية جديدة ضد مشتري النفط الخام من إقليم كردستان، من أجل منع تحميل تلك الشحنات غير المشروعة القادمة من العراق، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر الشحنات القادمة من إقليم كردستان.

وبينت سومو في بيانها، أن وزارة النفط الاتحادية العراقية وسومو كشركة تابعة لها، تحتفظ بالحق في اتخاذ جميع الإجراءات القانونية ضد أي تاجر أو مشتر للنفط الخام المهرب يثبت أنه قام بتحميل النفط العراقي من مرفأ جيهان النفطي التركي، على وجه التحديد، دون تأييد صريح من بغداد.

وردت وزارة الثروات الطبيعية بإقليم كردستان، على بيان سومو، ببيان مطول، أكدت فيه أن الخطوات الأخيرة للشركة ستؤثر سلبا على الحوار بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية، مؤكدة أن حكومة الإقليم ستواصل إنتاج وتصدير النفط.

كما عدت بيان سومو، بأنه “قطرة أخرى في بحر المعلومات الخاطئة التي تنشرها كجزء من لعبة سياسية، ومعركة تستخدمها بعض الأحزاب السياسية في بغداد لضرب الدستور الاتحادي للعراق”.

وفي هذا الصدد، يوضح عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “بغداد كانت تدفع لكردستان 200 مليار دينار شهريا لتسديد رواتب موظفي الإقليم، ولكن هذا المبلغ تم إيقافه، وبالتالي ليس هناك أي مبلغ تدفعه الحكومة الاتحادية لكردستان”.

ويتابع كوجر أن “أموال بيع نفط الإقليم يفترض أن تذهب إلى النفقات العامة، ولكن بالطبع هناك ما يذهب منها إلى خزائن الفاسدين”، لافتا إلى أن “مجلس النواب معطل حاليا كما هو معلوم، وبالتالي لا نستطيع مراقبة الأموال الواردة إلى كردستان”.

وكان مجلس النواب أقر، مطلع حزيران يونيو 2022، قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، بعد سلسلة أزمات مر بها القانون، ومن ضمنها مطالبة الإقليم بتخصيصاته في القانون، وهو ما طبق لاحقا، كما أن الحكومة الاتحادية مستمرة منذ العام الماضي بدفع 200 مليار دينار شهريا الى إقليم كردستان.

من جانبه، يفيد المتحدث باسم حركة “الجيل الجديد” هيمداد شاهين، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “جميع الأموال الواردة إلى كردستان ينبغي أن تخصص لخدمة الناس ورفاهيتهم، لكنها الآن تستخدم في خدمة عائلتي بارزاني وطالباني الحاكمتين”.

ويشير شاهين إلى أنه “في السنوات الثلاث الماضية بلغت إيرادات كردستان أكثر من 40 مليار دولار، إلا أن 22 مليارا منها اختفت ولا يعرف أحد ما مصيرها، وذلك وفقا لبيانات ثبوتية وليس كلاما متداولا فقط”.

ويعد ملف تصدير الإقليم للنفط، من الملفات الجدلية وغير المحسومة، على الرغم من دخول بغداد وأربيل في مفاوضات عديدة طيلة السنوات الماضية، لكن جلها تركز حول نسبة الإقليم في الموازنة الاتحادية مقابل ما يسلمه لبغداد من إيرادات النفط الذي يصدره.

يذكر أن المحكمة الاتحادية أصدرت، منتصف شباط فبراير الماضي، قرارا يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان، ومنعته من تصدير النفط لصالحه، على أن يكون التصدير عن طريق بغداد حصرا، بناء على دعوى رفعتها وزارة النفط الاتحادية.

ومن ضمن قرارات المحكمة الاتحادية، هو استقطاع مبالغ تصدير النفط من نسبته بالموازنة في حال عدم التزام إقليم كردستان بتطبيق القرار.

وأفاد وزير المالية السابق علي عبد الأمير علاوي، في 18 حزيران يونيو 2022، بأن قرار المحكمة الاتحادية العليا الخاص ببطلان قانون النفط والغاز في إقليم كردستان، يمنع الحكومة الاتحادية من تخصيص جزء من الموازنة العامة المقبلة كحصة للإقليم.

إقرأ أيضا