في عامها الثالث.. محتجو تشرين يتحدثون عن ذكريات الساعات الأولى ومرحلة الدعوة

تذهب تصورات كثيرة إلى أن احتجاجات تشرين الأول أكتوبر 2019 بدأت بشكل “غامض” ونودي إليها…

تذهب تصورات كثيرة إلى أن احتجاجات تشرين الأول أكتوبر 2019 بدأت بشكل “غامض” ونودي إليها من جهات مجهولة، لكن ناشطين في الاحتجاجات، أدلوا لـ”العالم الجديد” بشهادات حول بدايات الدعوة إلى الاحتجاج، مؤكدين تواصلهم عبر منصات التواصل الاجتماعي، وضرورة التعبير عن احتجاجهم، في ظل قمع مثير للحراك الطلابي الذي سبقها بوقت قصير.

ويقول الناشط الاحتجاجي علي الدهامات خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “تشرين كانت امتدادا لما قبلها من ثورات وتظاهرات مطلبية في 2011 و2015 و2018، ولكن ما زاد حدتها هي تظاهرات الطلبة التي سبقتها ورشهم بالمياه الساخنة، وعليه ازدادت الدعوات وخرجت الجموع استنادا لتواصل بسيط بين بعض الناشطين كل في محافظته”.

ويضيف الدهامات، أن “أول مطلب لتشرين كان إسقاط النظام، حيث سبق ثورة تشرين الربيع العربي في ليبيا وتونس ومصر، والعراق أيضا شهد الحراك ذاته”، مبينا أن “التحضيرات كانت موجودة ضد الحكومة، ولم نكن مدعومين وإنما كان الشعب ناقما ولم ير أي شيء مفرح، وكل تراكمات الفشل والفساد أدت إلى خروج ثورة تشرين آنذاك”.

ويصادف اليوم السبت، الأول من تشرين الأول أكتوبر، الذكرى الثالثة لانطلاق تظاهرات تشرين عام 2019، التي تحولت إلى أيقونة في الحراك الاحتجاجي بالعراق، خاصة وأنها تحولت إلى اعتصام مفتوح في 10 مدن عراقية، فضلا عن الضحايا الذين سقطوا فيها جراء قمع الأجهزة الأمنية لها.

وانطلقت التظاهرات في ساحة التحرير في صبيحة 1 أكتوبر، حيث احتشد الآلاف بشكل مباشر، وسرعان ما استخدمت القوات الأمنية بعد ساعات من انطلاق التظاهرات، التي رفعت شعارات إسقاط النظام احتجاجا على تردي الخدمات وغياب فرص التعيين.

وفي اليوم التالي، فرضت الحكومة حظرا للتجوال في بغداد، وأغلقت الطرق المؤدية إلى ساحة التحرير، وفي الخامس من الشهر حظرت مواقع التواصل الاجتماعي وقطعت خدمة الإنترنت في جميع أنحاء البلاد باستثناء إقليم كردستان.

يذكر أن التظاهرات توقفت بعد القمع واستخدام الرصاص الحي القنابل المسيلة للدموع، لغاية 25 تشرين الأول أكتوبر 2018 حيث انطلقت في هذا اليوم بشكل كبير، وكان الشرارة الرئيسة لاستمرارها.

من جهته، يفيد الناشط الاحتجاجي محمد الياسري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “مصر كانت تشهد حراكا احتجاجيا، فأطلقنا هاشتاك تحفيزيا آنذاك بعنوان (شعب مصر مو أشجع منك)، وبعد ذلك تم تنظيم مجموعات في الواتساب وغيره من التطبيقات واتفقنا على هاشتاك (نازل آخذ حقي) وبدأ الترويج للدعوة التي لم تلق مقبولية وتفاعلا كبيرا في البداية، ولكن بعد حادثة تظاهرات طلبة الشهادات العليا بدأت تأخذ صداها”.

ويتابع الياسري، أن “أساس ثورة تشرين لم يكن المطالبة بالخدمات وغيرها، وإنما استهدفت الفساد وإزاحة الطبقة السياسية وتغيير النظام بأكمله، فقد كان مطلبها معروفا وهو إسقاط النظام”، لافتا إلى أن “تشرين لا تختزل باسم أو أكثر، بل هي آلاف من الشباب الذين روجوا لها ونشروا باسمها من أجل كسب أكبر عدد ممكن من المشاركين”.

وفي 30 من تشرين الأول أكتوبر 2019، بدأ اعتصام الطلبة والموظفين، وفي 2 تشرين الثاني نوفمبر أعلنت نقابة المعلمين الإضراب العام، وفي اليوم التالي أغلق المتظاهرون كافة الطرق في العاصمة بغداد، وتحولت أغلب الطرق والمناطق إلى ساحات مواجهة بين المتظاهرين والقوات الأمنية، منها الزعفرانية وشارع الرشيد ومداخل مدينة الصدر وشارع فلسطين قرب مول النخيل، وكل هذه المناطق مؤدية إلى ساحة التحرير وسط العاصمة.

وبين 28 و30 تشرين الثاني نوفمبر، عاشت الناصرية مركز محافظة ذي قار، ليلتين داميتين، سقط فيها 32 قتيلا و220 جريحا، بعد إطلاق النار على المتظاهرين، وبعد مرور نحو شهر على تلك الحادثة، أي في 1 كانون الأول ديسمبر، وافق مجلس النواب على استقالة رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، وأصبحت حكومته حكومة تصريف أعمال يومية.

وفي ليلة 6 كانون الأول ديسمبر، شهدت ساحة الخلاني وجسر السنك، مجزرة ارتكبتها عناصر مجهولة تستقل عجلات بيك آب، هاجمت المتظاهرين المتجمعين في تلك المنطقة القريبة من ساحة التحرير، وفتحت النار بصورة عشوائية، ما أدى إلى استشهاد 17 متظاهرا وإصابة 117 في تلك الليلة فقط.

وفي 12 من الشهر ذاته، جرت حادثة الوثبة، حيث تم قتل شاب في 17 من عمره وتعليق جثته على عمود في الساحة، وأثارت هذه الجريمة جدلا واسعا وانتشرت بشأنها روايات كثيرة جدا، وقد اعتبرتها جهات مناهضة للتظاهرات، دليلا على عدم سلميتها، لكن المتظاهرين أدانوها ببيانات متعددة وتبرأوا من فاعليها.

وفي 25 كانون الأول ديسمبر، قدم رئيس الجمهورية برهم صالح تهديدا بالاستقالة بعد رفضه تعيين أسعد العيداني رئيسا للوزراء.

وفي الشأن ذاته، يوضح الناشط في احتجاجات تشرين واثق لفتة خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الفكرة انطلقت في تموز 2019 من خلال هاشتاكات عدة من بينها (دك الجرس ونريد وطن)، ثم بدأ التحشيد في الأول من تشرين الأول من ذلك العام، وكان يوما مأساويا سقط فيه أكثر من 40 شهيدا وجريحا، وتم تأجيل التظاهرات إلى يوم 25 تشرين الأول”.

ويشير لفتة، إلى أن “يوم 25 كان أقوى من اليوم الأول في الشهر من حيث الحضور، وفيه بدأ تصعيد الشباب، حيث توجهوا نحو بوابة المنطقة الخضراء من جهة وزارة التخطيط عند الساعة 11 صباحا، لكنهم قوبلوا بالرصاص والقتل، فانسحب بعضهم إلى شارع السفارة الإيرانية”.

ويبين أن “آليات جاءت بعد ذلك ووضعت حواجز كونكريتية بارتفاع 3 أمتار، كما عملت الحكومة على تلويث الجو آنذاك، بحيث حتى الطيور تسممت وسقطت في تلك اللحظة، فيما استمر سقوط المتظاهرين بين شهيد وجريح برصاص القناصين والقنابل الدخانية”.

ويضيف لفتة، أن “شرارة تشرين انطلقت بعد ذلك إلى بقية المحافظات، وفتحت ساحات الاعتصام على شاكلة ساحة التحرير، واستمر الوضع هكذا حتى حل وباء كورونا الذي أضاع نتائج الانتفاضة الشبابية”.

واستمر زخم التظاهرات مع استمرار العنف من قبل القوات الأمنية، وبرزت خلال التظاهرات حركات تابعة للأحزاب، منها القبعات الزرقاء التابعة للتيار الصدري.

وفي مطلع شباط فبراير 2020، تم تكليف محمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة، لكنه قدم اعتذاره بعد شهر فقط، لعدم حصوله على موافقة الكتل السياسية.

وفي يوم 17 آذار مارس 2020 تم الإعلان عن تكليف محافظ النجف السابق عدنان الزرفي بتشكيل حكومة جديدة، بعد اعتذار محمد توفيق علاوي.

وفي 9 نيسان أبريل 2020 تم الإعلان عن تكليف مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة لتنال حكومته الثقة في 6 أيار مايو 2020، حيث وعد بتلبية مطالب المتظاهرين ومحاسبة قتلتهم.

ورافق التظاهرات العديد من الأمور، من بينها تعطيل الدوام الرسمي في المدارس ودوائر الدولة، ومشاركة الطلاب فيها، فضلا عن حرق مقار الأحزاب في المدن الوسطى والجنوبية، وسيطرة بعض المتظاهرين على مباني المحافظات.

وما أفرزته التظاهرات في حينها، حل مجالس المحافظات، وهو أحد مطالب المتظاهرين، وقد صوت البرلمان على حل المجالس في أواخر تشرين الأول أكتوبر 2019.

يشار إلى أن الانتخابات المبكرة التي جرت في تشرين الأول أكتوبر 2021، جاءت بناء على تظاهرات تشرين الأول أكتوبر 2019 التي طالبت بتعديل مسار العملية السياسية وإبعاد المحاصصة وإجراء انتخابات مبكرة.

لمطالعة ملف “تظاهرات تشرين” في ذكراها الأولى أنقر هنا

إقرأ أيضا