كيف ساهم البنك المركزي برفع أسعار العقارات في بغداد؟

لم يتوقف ارتفاع أسعار العقارات في بغداد، وخاصة المجمعات السكنية الجديدة، الأمر الذي أرجعه متخصصون…

لم يتوقف ارتفاع أسعار العقارات في بغداد، وخاصة المجمعات السكنية الجديدة، الأمر الذي أرجعه متخصصون إلى تعدد مبادرات البنك المركزي الخاصة بمنح القروض العقارية، وفيما أشاروا إلى غياب قانون ينظم سوق العقارات، اقترحوا توزيع الدولة قطع أراض بأسعار مدعومة ومنح قروض ميسرة لبنائها من أجل إنهاء أزمة السكن.

ويقول الخبير الاقتصادي نبيل جبار، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مبادرة البنك المركزي ساهمت برفع أسعار العقارات، لأن الطلب كان عاليا عليها ولم تكن هناك أموال تكفي للشراء، وبعد مبادرة البنك المركزي بدأت تتوفر الأموال فاشتعلت الأسعار”.

ويوضح جبار، أن “قروض البنك المركزي أحد أسباب ارتفاع الأسعار وليست السبب الوحيد، حيث أن السبب الرئيسي هو الطلب العالي على ثلاثة ملايين وحدة سكنية يعجز العرض عن توفيرها”.

ويرى أن “مبادرة البنك المركزي إيجابية لأنه غير معني بحل أزمة السكن، لكنه بادر إلى توفير الأموال لمن يحتاجون إلى شراء عقارات سكنية، ولو كان هناك مسار ثان يرافق هذه المبادرة متضمنا توفير قطع أراض أو بناء مدن جديدة، لما حدث هذا الارتفاع الهائل في الأسعار”.

وكان البنك المركزي، أعلن مؤخرا استمراره بإطلاق المبادرات، وفيما يخص مجال السكن فإنه كشف أن المصرف العقاري خصص له 5 تريليونات دينار لمنح قروض للمواطنين لشراء الوحدات السكنية بمبالغ وصلت إلى 150 مليون دينار ولمدة 20 سنة من دون فائدة وإنما فقط بدفع عمولة إدارية بمقدار 5 بالمئة تدفع لمرة واحدة، وصندوق الإسكان خصص له مبلغ 5 تريليونات دينار أيضا لمنح قروض للمواطنين لبناء المنازل السكنية وأن قيمة القرض الواحد لا يتجاوز 75 مليون دينار.

يشار إلى أن العراق يفتقر إلى قوانين تنظم العقارات، سواء البيع أو الإيجار، على عكس دول المنطقة التي تنظم هذه العملية بقانون، وتحدد حجم الارتفاع سنويا، كما تضمن حقوق طرفي العقد في الإيجارات، وتحدد القيمة وفق ما تراه الدولة متوازيا مع طبيعة الأجور والوضع الاقتصادي العام.

بدوره، يبين الصحفي الاقتصادي علي كريم ذهيب، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مبادرات البنك المركزي بشأن الإقراض السكني ليست ذات جدوى اقتصادية أو مساهمة فعالة لحل أزمة السكن، وهي لم تساهم بخفض الأسعار بل أدت إلى ارتفاعها”.

ويشير ذهيب، إلى أن “حل أزمة السكن لا يتم عن طريق قروض غريبة الشروط، مثل إحضار سند عقار قبل تسلم القرض، وإنما يتم بتوزيع قطع أراض من الدولة للمواطنين بأسعار مدعومة، بحيث لا يتجاوز سعر المتر الواحد 30 ألف دينار، مع منح قروض بمدة سداد طويلة تصل إلى 30 عاما وليس 10 أعوام فقط، ليكون القسط مريحا، وبذلك يبني المواطنون أراضيهم وتنتهي أزمة السكن بنسبة كبيرة وتستقر أسعار العقارات”.

ويلفت إلى أن “أسعار العقارات حاليا بيد البائعين من أصحاب المكاتب والشركات، وهم يسعرون كما يحلو لهم من دون أي رقابة، لذلك نجد الأسعار متفاوتة بين المناطق المتجاورة، وهي أسعار خيالة، حيث وصل سعر المتر الواحد في بعض مناطق بغداد إلى أكثر من 9 آلاف دولار”.

وتعد أسعار العقارات في العراق مقارنة بالوضع الخدمي المتردي، أعلى من بعض دول المنطقة، التي تشهد تطورا كبيرا في الخدمات واستقرارا أمنيا ملحوظا، مثل تركيا، حيث يبلغ متوسط سعر الإيجار في العاصمة الاقتصادية إسطنبول، والتي تعد مركز جذب سياحي عالمي نحو 500 دولار، فيما تتراوح أسعار الإيجارات في المدن الأخرى بين 150– 300 دولار، مع توفر كافة الخدمات، في حين تتراوح أسعار الشقق في تركيا بين 40– 80 ألف دولار، سواء في إسطنبول أو المدن الأخرى.

وفي هذا الصدد، يفيد سلام داود، صاحب مكتب عقارات في بغداد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأنه “على الرغم من أن سوق العقارات متوقف إلى حد ما بسبب الوضع السياسي المتقلب، إلا أن الأسعار ترتفع وتنشط بشكل ملحوظ مع كل قرض أو مبادرة تطلقها المصارف أو البنك المركزي”.

ويتابع داود أن “غالبية المواطنين يسحبون هذه القروض ويتوجهون لشراء العقارات وقطع الأراضي، وهذا بكل تأكيد سيساهم برفع الأسعار، ولاسيما في المناطق الجديدة من العاصمة والتي تشهد إقبالا كثيفا عليها لرخص أسعارها مقارنة بالمناطق الراقية”.

ومنذ سنوات قليلة، بدأت تنتشر في بغداد ظاهرة بناء المجمعات السكنية، في ظل أزمة سكن حادة تضرب البلاد منذ سنوات طويلة، فبحسب إعلان سابق لوزارة التخطيط، يحتاج العراق إلى 3 ملايين وحدة سكنية لفك الأزمة.

وتنتشر تلك المجمعات داخل العاصمة، وبالتحديد في مناطق: العلاوي (أمام متنزه الزوراء)، والبياع، وشارع مطار المثنى، والسيدية، والكاظمية، وحي العدل، وسريع محمد القاسم، بالإضافة إلى بسماية، حيث تباع شققها بأسعار باهظة، تتراوح في المتوسط بين 100 ألف و400 ألف دولار.

إقرأ أيضا