السرقات الكبرى في زمن الكاظمي.. هل ستمر دون حساب؟

سلسلة من ملفات الفساد، أثيرت مؤخرا ضد حكومة تصريف الأعمال برئاسة مصطفى الكاظمي، بل وبعضها…

يواجه رئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي، ملفات فساد غير مسبوقة تتعلق بنهب مليارات الدولارات، لاسيما وأن المتهم الرئيس بتسهيل العملية، هو مدير هيئة الضرائب، قد تم تعيينه بعد تسنم الكاظمي لمنصبه في 2020، والذي جاء متزامنا مع قرار إعفاء ديوان الرقابة المالية من تدقيق حسابات هيئة الضرائب، الأمر الذي قابله نائب بالقول إن مسؤولية حسمه تقع على عاتق القضاء وهيئة النزاهة، في ظل توضيح خبراء بالاقتصاد والقانون لآلية تهريب المبالغ المسروقة، والعقوبات التي تترتب على رئيس الحكومة في حال إدانته.

ويقول النائب محمد البلداوي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “لجنة النزاهة النيابية استضافت أمس الأربعاء، وزير النفط والمالية بالوكالة، إحسان عبد الجبار، ووكيل وزارة المالية، ومسؤول هيئة الضرائب، وتم الاطلاع بشكل كامل وتفصيلي ودقيق على حيثيات سرقة الـ2.5 مليار دولار من الأمانات الضريبية”.

ويبين البلداوي، أن “من مسؤولية مجلس النواب أداء دوره الرقابي الذي يحتم عليه اتخاذ جميع الإجراءات ومخاطبة الجهات ذات العلاقة، وقد تمت بالفعل مخاطبة القضاء والادعاء العام وهيئة النزاهة وكذلك الجهات الرقابية المعنية في ديوان الرقابة المالية لإيقاف الصرف في هكذا أبواب، كما أن كل المواضيع التي عليها شبهات بدأ التحقيق فيها وإصدار مذكرات قبض بحق المتهمين وكذلك المطالبة بمنع سفرهم”.

ويضيف أن “حسم هذه القضية من اختصاص القضاء وليس مجلس النواب، فمهمة الأخير تقتصر على التشريع والرقابة وتشخيص الخلل وإحالة الملفات إلى هيئة النزاهة”.

وقبل أيام، أثيرت فضحية بشأن أكبر سرقة في تاريخ البلد، وبلغت 3.7 تريليون دينار (2.5 مليار دولار)، وجرت من قبل أطراف محددة وعلى مدى عام كامل، حيث سحبت الأموال من أمانات هيئة الضرائب، عبر قسائم مزورة، وتم صرف هذا المبلغ عبر 247 صكا.

وتوالت المعلومات حول هذه القضية الكبيرة، وتم الكشف عن العديد من الخفايا، منها أسماء الشركات التي صرفت لها الصكوك بالمبلغ وهي 5 شركات: القانت، الحوت الأحدب، رياح بغداد، المبدعون وبادية المساء، كما تم الكشف بالوثائق عن تأسيس تلك الشركات في العام الماضي، وبرأس مال قدره مليون دينار فقط (نحو 700 دولار)، ما يشير إلى أن سبب تأسيسها هو الحصول على تلك المبالغ.

وتم تداول وثائق تظهر توصية اللجنة المالية النيابية السابقة، إلى مجلس الوزراء برئاسة الكاظمي، بإعفاء ديوان الرقابة المالية من تدقيق حسابات هيئة الضرائب، وهو ما وافق عليه المجلس سريعا.

وكانت أنباء تواردت يوم أمس، تفيد بسفر مدير عام هيئة الضرائب أسامة حسام جودت إلى الأردن، الذي كلف بمنصبه مديرا عاما لهيئة الضرائب عام 2020 بعد تسنم الكاظمي منصبه.

من جانبه، يوضح الخبير القانوني علي التميمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “لا أحد فوق القانون، وأي أحد تثبت عليه تهمة سرقة أو رشوة تتم محاسبته حاله حال البقية، سواء كان رئيس وزراء أو جمهورية، وهذه الإجراءات تسري على الجميع”.

ويشير التميمي إلى أن “الدستور العراقي في المادة 14 ينص على أن العراقيين متساوون أمام القانون، وكل من يثبت تورطه هو مسؤول وفق قانون العقوبات”.

ويتابع “إذا لم يثبت تورط الكاظمي فلا يترتب عليه أي إجراء، وجميع الإجراءات تحدد من المحكمة وفقا للتحقيق المفتوح حاليا”، مبينا أن “حجز الأموال ومنع السفر من اختصاص القضاء فقط لا غير”.

يذكر أن وزير المالية السابق علي علاوي، أصدر بيانا توضيحيا يوم أمس، حول قضية السرقة من هيئة الضرائب، وأكد في بيانه أن عملية سرقة أموال هيئة الضرائب حصلت من خلال عملية مباشرة بين الهيئة العامة للضرائب ومصرف الرافدين، وأن المصرف لم يقم بدوره في عملية إبلاغ الوزارة عن كمية المبالغ المسحوبة الكبيرة، كما بين أن العوامل الرئيسة لهذه “السرقة الوقحة” هو أن وزارة المالية وأذرع الدولة متأخرة من حيث اعتماد أنظمة المعلومات والمحاسبة.

يشار إلى أن جزءا من الأموال المسروقة مؤخرا، جرى تهريبه عبر مزاد العملة في البنك المركزي، وعبر قسائم استيراد مزورة، وذهب لجهات مختلفة ومجهولة خارج البلد.

ويعد مزاد العملة من أبرز أبواب الفساد، بحسب التقارير والنواب والمسؤولين، وغالبا ما تجري من خلاله عمليات تهريب للأموال بذريعة استيراد بضائع من دون وجود رقابة على البضائع، وهل دخلت العراق فعلا مقابل الأموال التي خرجت أم لا.

وفي هذا الصدد، يفيد الخبير الاقتصادي نبيل جبار خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “تهريب الأموال عبر مزاد العملة يكون عن طريق شركات تقدم فواتير مزورة باستيراد مواد من الخارج، فيبيع البنك المركزي الدولار لها لتستورد المواد، وبذلك تخرج العملة الصعبة إلى الخارج”.

ويلفت جبار إلى أنه “في بعض الأحيان تكون النقود العراقية التي تشترى بها الدولارات مسروقة من مؤسسات الدولة، فيتم تحويلها إلى خارج العراق بعملة الدولار بالطريقة المذكورة آنفا”.

يشار إلى أن محكمة تحقيق الكرخ المتخصصة بقضايا النزاهة، أعلنت يوم أمس عن استقدام أحد أعضاء اللجنة المالية في مجلس النواب للدوره السابقة عن تهمة الإضرار العمد بأموال الدولة وفق أحكام المادة 340 من قانون العقوبات، لإصداره توصية بصرف الأمانات الضريبية قبل إتمام التدقيقات من قبل الجهات الرقابية.

يذكر أن رئاسة محكمة استئناف بغداد/ الكرخ، ووفقا لوثيقة نشرت قبل أيام وهي بتاريخ 21 آب أغسطس الماضي، أبلغت مكتب وزير المالية بإيقاف صرف الأمانات الجمركية والضريبية، لحين انتهاء التحقيقات والتدقيق الأصولي بالقضية.

كما نشرت النائب عالية نصيف، تغريدة قالت فيها إن طائرة نقلت 4 مليارات دولار إلى تركيا من مطار بغداد، خلال الضجة التي حصلت مع الشركة الأمنية، وجرى خلال العملية إطفاء كاميرات المراقبة، لكن سلطة الطيران المدني سرعان ما نفت هذه المعلومات عبر بيان رسمي، وأكدت أن إخراج العمولات والمسكوكات الذهبية هي من اختصاص هيئة الجمارك العامة وجمرك مطار بغداد، ولا يمكن أن يتواطأ الجميع لتمرير هذه الكميات الكبيرة من الأموال، إضافة إلى أن الشركة الأمنية التي تتهمها النائب لم تباشر أعمالها خلال المدة التي ذكرتها.

كما أثيرت حول الكاظمي قضية صرفه 70 مليار دينار لتأثيث مكتبه، مطلع الشهر الحالي، وجرى لغط كبير حول المادة القانونية التي مكنته من صرف المبلغ، ففيما ادعى مكتبه أنها موجودة في قانون الأمن الغذائي، نفى أعضاء في اللجنة المالية النيابية وجودها، لكن المحكمة أصدرت أمرا ولائيا بإيقاف صرف المبلغ، لحين حسم الدعوى المقامة أمامها.

إقرأ أيضا