بيانات “التفويض”.. ماذا يخفي ظاهرها؟

رد الإطار التنسيقي على تسريب أنباء الخلافات بين كتله حول الوزارات، بتفويض المكلف بتشكيل الحكومة…

رد الإطار التنسيقي على تسريب أنباء الخلافات بين كتله حول الوزارات، بتفويض المكلف بتشكيل الحكومة محمد شياع السوداني، باختيار كابينته الوزارية من دون قيود، وهو ما أكده الأخير في بيان لاحق، في خطوة سياسية جديدة، عدها مراقبون مادة لـ”الاستهلاك الإعلامي” أو للتنصل من المسؤولية لاحقا، وسط تشكيكهم بقدرته على تخطي حجوم الكتل وعدم الأخذ بمرشحيها واختيارهم للوزارات.

ويقول المحلل السياسي غالب الدعمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك خلافات بشأن بعض الوزارات والمناصب، وبواقع الحال لا يوجد تفويض كامل للسوداني، حيث أن الكتل السياسية هي التي سترشح بعض الشخصيات والسوداني يختار منهم، أما بيانه الذي يريد منه الإيحاء بأنه غير خاضع لخيارات الكتل فهو لا يعدو كونه محاولة لتقوية موقفه أمام الرأي العام“.

ويتابع الدعمي أن “هؤلاء المرشحين يمثلون رغبة الأحزاب، وبيان الإطار التنسيقي غير مقنع هو الآخر، فهو فقط للاستهلاك الإعلامي، حيث لن يتم تفويض السوداني من أي حزب سواء كان شيعيا أم سنيا أم كرديا باختيار كابينته التي يريدها“.

ويشدد الدعمي على أن “الأحزاب السياسية لن تقبل بترك الخيار لرئيس الوزراء المكلف، إذ أن سر صراعها وتأخر تشكيل الحكومة يعود إلى المساعي للحصول على المناصب“.

يذكر أن الإطار التنسيقي، أصدر مساء أمس الأول، بيانا أعلن فيه تفويض المكلف باختيار الوزارات التي تتعلق بوزن الإطار الانتخابي بعد تقديم القوى السياسية قوائم بأعدادها ونوابها بتواقيع حية ومرشحين وحسب معايير رئيس الوزراء المكلف على طيف من الوزارات، كما فوض السوداني الاختيار بين المرشحين أو اقتراح مرشحين جدد، وتدوير الوزارات بين المكونات أو داخل المكون، واستثناء وزارات الداخلية والدفاع من المحاصصة وترشيح شخصيات مدنية أو عسكرية.

وقد رد السوداني، على بيان الإطار، صباح يوم أمس، عبر بيان أكد فيه أن “الاتفاق بين الكتل السياسية المكونة للإطار يتضمن منح الفرصة لكل كتلة لطرح مرشحيها لكل الوزارات، ويُترك أمر اختيار المرشحين لشخص رئيس الوزراء المكلف بناء على الكفاءة والنزاهة والقدرة على إدارة الوزارة، وفقا للأوزان الانتخابية لكل كتلة“.

ومنذ أيام، سربت الكثير من المعلومات عن الخلافات بين الكتل السياسية من كافة المكونات حول الوزارات، وكان للإطار التنسيقي حصة كبيرة من هذه الخلافات حول الوزارات واستحقاق كل كتلة فيه، ولم يتم تأكيد هذه المعلومات والخلافات من قبل قادة الإطار، وهذا فضلا عن الصراع على وزارة الدفاع داخل الكتل السنية جميعا، سواء تحالف السيادة أو العزم المنضوي في الإطار التنسيقي.

وكانت “العالم الجديد” كشفت في تقرير سابق، أن السوداني لم يحسم أمر كابينته الوزارية، وبعض الأسماء التي قدمت له طالب بتغييرها، وحواراته ما زالت مستمرة مع الكتل والأحزاب السياسية، وأنه من المتوقع أن يقدم كابينة وزارية منقوصة مؤلفة من 14 وزارة.

من جانبه، يرى الكاتب السياسي فلاح المشعل أن فلاح المشعل “الإطار التنسيقي كما يبدو يعاني من مشكلات وخلافات داخلية، وتحديدا في ما يخص وزارة الداخلية والوزارات الأخرى الغنية، فضلا عن وجود صراع على الدوائر المهمة، حيث أن بعض الأحزاب التي تمتلك فصائل مسلحة تريد دوائر الأمن الوطني والمخابرات وبقية الأجهزة الأمنية المعروفة“.

ويضيف المشعل “يبدو أن هناك فيتو من قبل كتل داخل الإطار، والكلام الذي ينتشر في الإعلام هو الدافع لإصدار بيان الإطار المتضمن تخويل السوداني اختيار من يجده صالحا، أما بيان السوداني فهو بالمقابل يمثل محاولة منه للظهور بمظهر رئيس الحكومة القوي غير الخاضع للأحزاب“.

ويشير المشعل إلى أن “السوداني يخضع لضغوط من مختلف الجهات، وبحسب المعلومات فإن هناك مشكلات كثيرة، والسوداني سيقدم نصف الكابينة ولا يستطيع أن يكملها، وهذه المشكلة أيضا من دوافع إقدام الإطار على إصدار بيانه، والذي يريد منه أيضا إلقاء الكرة في ملعب السوداني أمام الرأي العام والتبرؤ مقدما من أي أخطاء قد تقع في المستقبل“.

يشار إلى أن ائتلاف إدارة الدولة، اجتمع الأسبوع الماضي، ودعا إلى عقد جلسة التصويت على الكابينة الوزارية اليوم السبت، لكن لم يتم تحديد الجلسة بشكل رسمي، وسط توقعات بأن تعقد يوم الإثنين أو الثلاثاء المقبل.

يذكر أن الحقائب الوزارية، تخضع لنظام المحاصصة منذ أول حكومة عراقية بعد 2003، ومن ثم تطور الأمر وبات مرهونا بعدد المقاعد والثقل السياسي الذي تمثله كل كتلة.

وفي السياق ذاته، تفيد المحللة السياسية نوال الموسوي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “آلية تشكيل الحكومة الجديدة مشابهة لكل آليات تشكيل الحكومات التوافقية السابقة، ولكن الإطار التنسيقي أصدر بيانه بشأن تفويض السوداني لكي يبدي للرأي العام أنه منح رئيس الوزراء المكلف حرية كبيرة في اختيار المرشحين، وأن الكرة تبقى في ملعب القوى السنية والكردية لحسم خلافاتها وتقديم مرشحيها“.

وتواصل الموسوي أن “الغاية من بيان الإطار طمأنة الشارع بأن الوضع مستقر قبل انعقاد جلسة البرلمان السبت، والتي أرجح تأجيلها إلى الأربعاء أو إلى الأسبوع التالي بسبب الخلافات القائمة بشأن الوزارات”، مبينة أن “السوداني لن يستطيع القفز على ما يدعى بالحجوم السياسية، وبالتالي فإن بيانه لا يعبر عن الواقع، لأن حريته حريته في الاختيارات مقيدة بترشيحات الأحزاب“.

وتعد الوزارات السيادية، من أهم الوزارات التي تدخل الكتل السياسية في صراع لأجلها، وتقسم في النهاية بين المكونات، وجرت العادة أن تكون وزارة الدفاع من حصة المكون السني ووزارة الداخلية من حصة المكون الشيعي، فيما تذهب وزارة الخارجية للمكون الكردي والمالية تخضع للتوافق، وكانت في حكومة مصطفى الكاظمي من حصته وليست من حصة الكتل السياسية.

وكان السوداني، قد ظهر بكلمة متلفزة بعد تكليفه، قال فيها “نعلن استعدادنا التام للتعاون مع جميع القوى سواء الممثلة في مجلس النواب أو الماثلة في الفضاء الوطني، ولن نسمح بالإقصاء والتهميش فالخلافات صدّعت مؤسسات الدولة وضيعت كثيرا من الفرص على العراقيين في التنمية والبناء والإعمار، وأعلن الرغبة الجادة في فتح باب الحوار الحقيقي والهادف لبدء صفحة جديدة في العمل لخدمة أبناء شعبنا وتخفيف معاناته“.

كما أكد في كلمته “لن ننسى مطالب شبابنا الحقة وسنعمل بكل تفان وإخلاص في التصدي للمشاكل والأزمات المتراكمة. عملنا سيبدأ من ساعات التكليف الأولى وفق برنامج حكومي واقعي يتبنى إصلاحات اقتصادية تستهدف تنشيط قطاعات الصناعة والزراعة ودعم القطاع الخاص ومعالجة الآثار البيئية والتصحر. محاربة الفساد ستكون في مقدمة أولويات الحكومة“.

إقرأ أيضا