قرارات السوداني بشأن المحافظات.. توسيع سلطة أم قيود إضافية؟

حملت قرارات الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات، جوانب إيجابية وسلبية، بحسب آراء بعض المسؤولين في…

أشاعت قرارات الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات، الارتياح بين مسؤوليها حول قرار منح المحافظين صلاحيات المصادقة على الموازنة، لكنهم وجهوا انتقادا لقرار فتح حساب موحد لإيرادات المحافظة لأنه سيقيدها ويدخلها في داومة العودة للمركز، لكن محللا سياسيا حذر من إساءة استخدام تلك القرارات من قبل السلطات المحلية بالمحافظة.

ويقول نائب محافظ البصرة معين الحسن خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هذه القرارات تحل محل مجلس المحافظة، حيث كان المجلس يصادق في السابق على الخطة المحلية، ولكن لعدم وجود مجالس حاليا، تم اتخاذ هذه القرارات”.

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، ترأس يوم أمس الجمعة، اجتماع الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات غير المنتظمة بإقليم، وتقرر فيه إدراج نص ضمن قانون الموازنة لسنة 2023 يخول المحافظ، المصادقة على الموازنة للإدارة المحلية، ولحين انتخاب مجالس المحافظات وإرسالها إلى وزارة المالية للمصادقة.

ويبين الحسن أن “هذه القرارات تعد خطوة إيجابية باتجاه الإعمار، باعتبار أنها تسهم في إكمال وإعداد الخطة بشكل مبكر لكي ترسل إلى وزارة التخطيط ثم إلى وزارة المالية قبل أن تعاد إلى المحافظة وتعلن كمشاريع طبقا للتعليمات”، موضحا أن “الهدف من هذه القرارات تفعيل دور المحافظين من قبل رئيس الوزراء”.

ويضيف أن “الحساب الموحد سيساهم بالسيطرة على واردات المحافظات المالية، فهو حساب الإيرادات المحلية، حيث يتم الآن فتح اعتماد من قبل وزارة المالية خاص بالمحافظات، يتم إيداع أموال أي خدمات جديدة تقدمها المحافظات فيه، وبالتالي يحق للمحافظة أن تتصرف به لتقديم الخدمات لأبناء المحافظة بشكل عام، فهو تفعيل للمادة 44 من قانون المحافظات المعطلة تقريبا”.

كما تقرر في الجلسة، أن تقوم وزارة المالية بفتح حساب تحت مسمى “حساب الواردات المحلية” تحت إشرافها ويخضع لتدقيق ديوان الرقابة المالية الاتحادي للمحافظات كافة، ويكون حسابا موحدا لإيرادات الخدمات التي تقدمها المحافظة للمواطن، مع إلغاء الحسابات المفتوحة من قبل المحافظة والمتعلقة بالشأن ذاته في المصارف، وتدوير أموالها لحساب الواردات المحلية، مع منح المحافظ صلاحية المصادقة على الموازنة التخطيطية للحساب المذكور، لغياب مجلس المحافظة في الوقت الحالي.

يذكر أن السوداني أكد في البرنامج الحكومي ومن ثم في مؤتمر صحفي عقده مؤخرا، أن انتخابات مجالس المحافظات ستجري في تشرين الأول أكتوبر من عام 2023.

من جهته، يوضح سكرتير محافظ واسط لشؤون الخدمات صباح البديري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قرار الحساب الموحد لا يصب في مصلحة المحافظة لأنه سيقيدنا”، لافتا إلى أن “إيرادات المحافظة تعود للمركز وفق هذا القرار، بينما لدينا مشاريع تتطلب الدخول في دوامة إذا أريد سحب الأموال لها من المركز”.

ويشير البديري، إلى أن “بعض القرارات فيها إيجابية للمحافظات، منها الاستثمار الذي يؤدي إلى نهوض الدولة وتشغيل العاطلين، بالإضافة إلى مردوداته”.

ويردف أن “السنين الفائتة لم تشهد وجود موازنات، وقد قدمنا موازنة المحافظة من دون جدوى، كما أن مجالس المحافظات تقيد إدارة المحافظة ولا تدعها تتحرك بأريحية”.

وكان مجلس النواب، قد صوت في 26 تشرين الثاني نوفمبر 2019، على إنهاء عمل مجالس المحافظات غير المنتظمة في إقليم ومجالس الأقضية والنواحي الحالية التابعة لها، على أن يكلف أعضاء البرلمان بمهمة مراقبة عمل المحافظ ونائبيه في كل محافظة على حدة، وذلك استجابة للتظاهرات التي كانت قائمة في وقتها، وجوبهت من قبل القوات الأمنية بالعنف، ما أدى الى سقوط نحو 600 قتيل ونحو 25 ألف جريح.

يشار إلى أن تخصيصات المحافظات في موازنة عام 2021، كانت عبارة عن مشاريع ولم تخصص لها أموال بشكل مباشر، وهذه المشاريع أيضا تعطل أغلبها بسبب الطعون بالموازنة وعدم تنفيذ بعض بنودها.

إلى ذلك، يرى المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “رئيس مجلس الوزراء يريد أن يعالج بعض الأخطاء التي تتعلق بالإدارة المركزية للدولة من قبل الحكومات السابقة، والتي كبلت الإدارات المحلية، على الرغم من أن قانون إدارة المحافظات لعام 2008 أعطى صلاحية واسعة للإدارات المحلية في الأقاليم والمحافظات، وبذلك يحاول أن يعزز هذا القانون بإجراءات واقعية ممكن أن تساهم في فسح المجال أمام الإدارات المحلية وتجاوز الإجراءات البيروقراطية المكثفة التي كانت تتخذ”.

ويتابع البيدر أنه “مهما كانت أوجه الفساد أو الابتزاز أو الضغط السياسي المعمول به طوال المراحل السابقة، تحاول هذه الخطوة اليوم إفساح المجال لخلق واقع جديد لتعزيز إمكانيات الإدارات المحلية، وبالتالي قطع الطريق أمام أي محاولات لتبرير الفشل والإخفاق السابق”.

ويلفت إلى أن “هذا القرار ممكن أن ينعكس سلبا على إدارة المحافظات إذا ما أسيء استخدامه، وممكن أن يخلق دكتاتوريات في الإدارات المحلية، خصوصا في ظل غياب مجالس المحافظات، وبالتالي تصبح المحافظة ملكا لحزب أو عشيرة أو منطقة بحد ذاتها، لكن يفترض أن يوجه مجلس النواب بنفس المسار لكي يكون أعضاء مجلس النواب هم البدلاء عن مجالس المحافظات في مراقبة ومتابعة مهام المحافظ والدوائر في المحافظة”.

ويضيف المحلل السياسي “إذا ما أحسن استخدام هذا القرار، فمن الممكن أن نخرج بواقع إيجابي لزيادة المشاريع أو زيادة التنمية وتجاوز الكثير من القرارات البيروقراطية أو احتكار السلطة من قبل الوزارات الاتحادية في ما يتعلق بحصص وإمكانيات المحافظات”.

وجرت آخر انتخابات لمجالس المحافظات في العراق (الانتخابات المحلية) في 30 نيسان أبريل عام 2013، في 12 محافظة من أصل 18، حيث تم استثناء محافظات إقليم كردستان وكركوك المتنازع عليها بين بغداد والإقليم، فضلا عن استثناء نينوى والأنبار، إذ كانتا تشهدان تظاهرات معارضة للنظام السياسي في العراق، وذلك قبل عام من سيطرة تنظيم داعش على ثلاث محافظات عراقية.

إقرأ أيضا