غزل نفطي.. هل حاول السوداني التقرب من الولايات المتحدة؟

عُد حديث رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بشأن سعيه لزيادة تصدير العراق للنفط وتثبيت سعره…

عُد حديث رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بشأن سعيه لزيادة تصدير العراق للنفط وتثبيت سعره بحدود 100 دولار للبرميل، بأنه “رسالة إعلامية” و”غزل نفطي” للغرب فقط، كون منظمة أوبك سترفض أي طلب عراقي بزيادة التصدير.

ويقول الخبير في الشأن النفطي حمزة الجواهري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “كل القرارات التي تتخذها أوبك تأتي بناء على دراسات واجتماعات دورية شهرية ونصف شهرية، وهذه الدراسات مستمرة من دون أي توقف، ولهذا فإن طلب العراق من المنظمة زيادة صادراته النفطية لن يؤثر على قرارات أوبك السابقة إطلاقا وهي محاولة فاشلة”.

ويلفت الجواهري إلى أن “العراق لا يستطيع اتخاذ أي قرار نفطي خارج الاتفاقات داخل منظمة أوبك، والعراق لا يستطيع تصدير أي نفط خارج المنظمة، وأي تصرف من دون علم وموافقة أوبك قد يدفع إلى إخراج العراق من المنظمة، وهذا ستكون له تبعات خطيرة على الاقتصاد العراقي والسوق النفطية العالمية”.

ويوضح أن “كلام السوداني بشأن مطالبة أوبك بزيادة صادرات العراق النفطية بعيد عن الاقتصاد، ومن غير المستبعد أن يحمل رسائل سياسية إعلامية فقط، لكن في الواقع العراق ليس له القدرة على أي تصرف نفطي عالمي خارج قرارات منظمة أوبك”.

يشار إلى أن السوداني، صرح يوم أمس الأحد للصحفيين، بأن العراق سيجري نقاشات مع أعضاء منظمة أوبك الآخرين لإعادة النظر في حصته الإنتاجية وزيادتها، معللا ذلك بالحاجة “إلى الأموال لإعادة إعمار العراق”، فيما بين أن العراق حريص على استقرار أسعار الطاقة، ولا يريد للأسعار أن ترتفع فوق 100 دولار ولا تنخفض بالشكل الذي يؤثر على مستوى العرض والطلب.

وكانت منظمة أوبك، قررت في تشرين الأول أكتوبر الماضي، خفض إنتاج النفط، وقد حظي القرار بدعم أغلب الأعضاء بما فيهم العراق، حيث أكدت شركة تسويق النفط “سومو” آنذاك، أن قرارات أوبك + “تستند إلى مؤشرات اقتصادية وتتخذ بمهنية وموضوعية وإجماع”.

وقفزت أسعار النفط مطلع العام الحالي، إلى أكثر من 130 دولارا للبرميل، بفعل تأثير الحرب الروسية-الأوكرانية، ومن ثم عادت للانخفاض إلى ما دون الـ100 دولار بقليل.

وتعاني الدول الأوروبية من أزمة بإمدادات الطاقة، بعد الحرب الروسية-الأوكرانية، وبدأت تبحث بشكل دؤوب عن مصادر بديلة للغاز الروسي، في وقت بدأت فيه موسكو بالفعل ما يسمى “حرب الغاز” ضد القارة العجوز، وأعلنت تقليص إمدادات الغاز لألمانيا بنسبة 40 بالمئة، لتضخ 100 مليون متر مكعب يوميا بدلا من 160 مليون متر مكعب عب خط أنابيب نورد ستريم.

وفي هذا الصدد، يبين مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “من الناحية الاقتصادية يمكن أن يوفر رفع العراق معدلات تصدير النفط أموالا كبيرة له، وهذا الأمر في نفس الوقت يرضي الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك الدول الأوروبية، فهو سوف يساهم بخفض أسعار النفط، خصوصا أن النفط بدأ يرتفع مع حلول فصل الشتاء”.

ويتابع فيصل أن “تصريحات السوداني لا تخلو بنفس الوقت من الرسائل السياسية والمغازلة لواشنطن والدول الأوروبية، ولهذا يمكن أن يزيد العراق من تصدير نفطه لكن بعد موافقة منظمة أوبك بذلك، لتحقيق هدفين هما توفير الأموال له وكذلك التقرب من أمريكا وأوروبا أكثر بهكذا قرارات تصب في صالحهما أيضا”.

ويضيف أن “العراق بحاجة فعلا إلى زيادة تصدير النفط من أجل زيادة الموارد المالية، فالعراق بحاجة إلى أكثر من 400 مليار دولار من أجل إعادة إعمار المدن والمحافظات وتطوير البنى التحتية، إضافة إلى مواجهة أزمة الطاقة وتوفير التغييرات المناخية والجفاف وغيرها من الأزمات التي يعاني منها العراق ويحتاج إلى أموال كبيرة من أجل مواجهتها”.

يشار إلى أن مذكرة تفاهم وقعت سابقا، بشأن التعاون في مجال “تجارة ونقل وتصدير الغاز بين مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي”، تحت مظلة منتدى غاز شرق المتوسط.

وتعتمد أوروبا على الغاز الروسي بشكل شبه أساسي، ومؤخرا نشرت صحيفة “إندبندنت” البريطانية، تقريرا حول تزايد المخاوف من إقدام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قطع إمدادات الغاز بشكل تام عن أوروبا في فصل الشتاء، “انتقاما” من العقوبات المفروضة على موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا.

وكانت وكالة “بلومبرغ”، أفادت في تموز يوليو الماضي، بأن العراق والسعودية زودا أوروبا بالنفط الخام، ما يساعد مصافي النفط في القارة على التغلب على النقص الذي تعاني منه، وقد بلغت الكمية أكثر من مليون برميل من النفط الخام وصل بشكل يومي في الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر تموز يوليو الماضي، عبر خط أنابيب يعبر مصر.

يذكر أن قمة جدة في السعودية، التي عقدت قبل أشهر بمشاركة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ودول عديدة من بينها العراق، شهدت مناقشة أمن الطاقة، بهدف توفير ما يحتاجه الغرب من النفط والغاز، بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وتوقف إمداد الغاز الروسي لأوروبا.

إقرأ أيضا