بسبب العراق والصين وكوريا.. خبير إيراني يدعو لإعادة النظر بعلاقات طهران الخارجية

لا زالت الصحافة الإيرانية منشغلة بما تراه تصعيدا خارجيا ضدها من دول حليفة كالعراق والصين…

لا زالت الصحافة الإيرانية منشغلة بما تراه تصعيدا خارجيا ضدها من دول حليفة كالعراق والصين وكوريا الجنوبية، حيث لا زالت ترى في الخطاب الأخير لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بمناسبة استضافة البصرة لبطولة الخليج العربي، استفزازا وجرحا لكبريائها القومي بسبب إصراره على التسمية العربية للخليج، وفي هذا المضمار، أجرت صحيفة “ستاره صبح” الإيرانية مع الخبير في شؤون الشرق الأوسط، حسن بهشتي بور، حوارا دعا فيه إلى ضرورة النظر في العلاقات الخارجية الإيرانية، نظرا للتغير الحاصل في بعض المواقف الدولية والإقليمية تجاه بلاده.

وتشير الصحيفة الناطقة بالفارسية، في الحوار الذي تترجمه “العالم الجديد”، إلى الامتعاض من اعتراف الرئيس الصيني “شی جین بینغ”، خلال تواجده في السعودية، بأحقية الإمارات بالجزر الثلاث المتنازع عليها مع إيران (طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى)، إضافة إلى تطرقها لإصرار “محمد شياع السوداني”، وزعماء عراقيين من تسمية الخليج بـ”العربي”، فضلا عن موقف الرئيس الكوري الجنوبي “یون سوك یول”، الذي سُئل خلال زيارته لدولة الإمارات، عن إيران، فقال إنها “تشكل أكبر تهديد للإمارات”، وشبهها بكوريا الشمالية من حيث تهديد جيرانها، لافتة إلى أن “المواقف المشتركة للصين وكوريا الجنوبية والعراق، نحو العرب على حساب إيران، ينبغي التأمل والوقوف عندها كثيرا، لأنها قد تنذر بسيناريو خفي ظاهر ضد طهران”.

وشنت وسائل إعلام إيرانية، هجوما حادا على الحكومة العراقية ورئيسها محمد شياع السوداني، إثر إصراره على تسمية الخليج العربي، كاشفة عن امتعاضها من “جرأة العراق” على “ضرب وحدة الأراضي الإيرانية”، وفيما ذكّرت بمواقف طهران تجاه بغداد في حربها ضد داعش ودعم سيادتها، دعت لاتباع أسلوب “الردع” وانتهاج الطرق الدبلوماسية لتثبيت حق إيران بتسمية الخليج “الفارسي”، في ظل تجديد الاتهامات لرئيس الحكومة السابقة، مصطفى الكاظمي، بالتورط في قضية اغتيال الجنرال قاسم سليماني.

ويقول الخبير الإيراني في شؤون الشرق الأوسط، حسن بهشتي بور، للصحيفة الإيرانية المعروفة، إن “من السهل الإدانة وقطع العلاقات الاقتصادية والسياسية مؤقتا مع كوريا الجنوبية، لكن السؤال هو: لماذا أدان الرئيس الكوري إيران في دولة ثالثة، ولماذا قارنها بكوريا الشمالية”. 

ويوضح “بدلا من القول إن الرئيس الكوري قالها مجاملة للإماراتيين، علينا أولا إعادة النظر بسياستنا الخارجية في الشرق الأوسط”، لافتا إلى أن “سيؤول أنشأت أربع محطات طاقة مهمة في الإمارات، وجنت منها ارباحا خيالية”.

ويلفت بالقول “حينما تمر دولة معينة بظرف استثنائي صعب أو تتصور بقية بلدان العالم أنها تمر بحالة ضعف، بسبب حالة اقتصادية أو ما شاكلها (في إشارة إلى إيران)، فستتعامل معها تلك الدول بمنطق الضعيف، حتى وإن كان البلد لا يعتبر نفسه كذلك، لذا يجب البحث عن إجابة واضحة للسؤال التالي، وهو: لماذا تتعامل باقي الدول مع إيران بتلك الصورة الشاحبة”، متطرقا إلى أن “استخدام رئيس الوزراء العراقي للكلمة المزيفة للخليج الفارسي أكثر من مرة مدعاة للتأمل”.

ويتابع أن “السياسات الثنائية ليست بمعزل عن السياسات الإقليمية، والأخيرة ليست منفكة عن العلاقات الدولية، وعليه فإدانة كوريا الجنوبية قد تكون خطوة جيدة، لكنها لن تكون كافية، بل ينبغي إعادة النظر في ملف العلاقات الخارجية الإيرانية، فكوريا ليست أول ولا آخر دولة تتموضع بالضد من طهران”.

وبشأن مقارنة إيران بكوريا الشمالية، والخطر الذي تشكله طهران لأبو ظبي، ينوه إلى أن “الوجه السيئ الذي رسم عن إيران على المستوى الدولي ألقى بظلاله على الرأي الكوري العام، فالصورة التي رسمها الإعلام الغربي عن طهران، جعلت من رئيس جمهورية كوريا يعتقد أن إيران دولة تتدخل بشؤون باقي دول المنطقة، وطبقا لهذا الأساس فكوريا لن تلتفت إلى حجم التبادل التجاري بين إيران والإمارات”، مبينا أن “تشبيه طهران بكوريا الشمالية من ناحية تشكيلها تهديدا لدول الجوار أمر عار عن الصحة، لكن لأسباب مختلفة تشكلت الصورة الخاطئة في مخيلة الرئيس الكوري حول إيران”.

ويردف أن “الرئيس الصيني خلال زيارته للسعودية، وقع على عدة مشاريع دون الحديث باللهجة التي تحدث بها العراق وكوريا الجنوبية، إلا أن السوداني والرئيس الكوري تحدثا جهارا، وقد تحذو باقي الدول حذوهم، وعلى إيران أن تتعامل بمنطق جاد مع الملف وتنطلق من منطلق القوة، بعيدا عن الحساسية، التي تتمثل بقطع العلاقات الاقتصادية والادانة و…”.

ويستبعد بهشتي بور، وجود أيادٍ أمريكية وغربية، وراء الموضوع، إذ يقول “لا أؤمن بهذا الطرح، فكوريا الجنوبية لم تتخذ مثل هذا الموقف من باب التقرب أو التملق لأمريكا أو أوروبا اللتين سلكتا طريق العداء مع طهران، بل تريد إيصال رسالة لأبو ظبي بأنها آهم لديها من طهران”. 

ويختتم الخبير السياسي الإيراني بالقول “وعليه فلا يمكن أن تلقى تداعيات القضية على الرئيس الكوري والصيني والعراقي، وإنما يجب بحث جذور القضية الممتدة إلى نوع ومحتوى العلاقات الخارجية”.

إقرأ أيضا