مقترح تعديل سعر الصرف.. هل يحل أزمة الدولار؟

قلّل متخصصون، من تأثير مقترح البنك المركزي بتعديل سعر صرف الدينار أمام الدولار، على الأزمة الحالية،…

قلّل متخصصون، من تأثير مقترح البنك المركزي بتعديل سعر صرف الدينار أمام الدولار، على الأزمة الحالية، مؤكدين أن المعضلة هي بالتهريب و”الحوالات السود” غير الشرعية، التي يهرب من خلالها الدولار إلى خارج البلد، داعين إلى إجراءات قوية ووقت طويل.

ويقول الخبير الاقتصادي نبيل جبار، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المقترح الذي تقدم به البنك المركزي للحكومة، وتمت تسميته بالدراسة، يتضمن خطة لخفض سعر صرف الدينار في موازنة عام 2023، وعلى الرغم من إمكانية أن يسهم ذلك بتخفيض سعر الصرف الرسمي للدينار مقابل الدولار، لكنه ليس نهاية للمشكلة”.

وكان البنك المركزي، أعلن يوم أمس الإثنين، عن تقديمه دراسة لتعديل سعر صرف الدولار أمام الدينار، إلى مجلس الوزراء، ما تسبب بتراجع في سعر صرف الدولار يوم أمس، لنحو 160 ألف لكل 100 دولار، بعد وصوله إلى 165 ألفا.

ويضيف جبار، أن “المشكلة تكمن في قضية الحوالات غير الشرعية، أو الحوالات السود التي انتشرت بعد أن وضع البنك الفدرالي مجموعة من الاشتراطات الرسمية، التي كان من المفترض أن يعمل بها التجار والمصارف، على الرغم من إعطاء البنك المركزي العراقي مدة عامين لتهيئة الشركات والتجار، وتثقيفهم على النظام الجديد قبل تطبيقه، لكن البنك المركزي لم يتقدم بأي خطوة في هذا الاتجاه لمدة عامين كاملين”.

ويبين أن “الحوالات السود يتم عبرها أخذ الدولار من السوق العراقية، من دون الرجوع للبنك المركزي أو المصارف الرسمية، إذ تعقد اتفاقات شفوية بين أشخاص، ربما يكونون تجاراً أو متنفذين، مع مكاتب للحوالات، يقومون بتحويل الأموال بطرق تقليدية، وغير شرعية في الوقت الراهن، عبر النقل البري لخارج حدود المدن والدولة”.

وكانت “العالم الجديد”، من أوائل الصحف التي كشفت أن تهريب العملة مستمر، على الرغم من الضوابط على المصارف، ويتم عبر حقائب تنقل برا إلى تركيا وإيران، بعد سحب الدولار من السوق المحلية وليس عبر نافذة بيع الدولار الرسمية، وأطلق عليها متخصصون آنذاك بـ”الحوالات السود”.

وعن ماهية خطوات البنك المركزي، يؤكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “البنك المركزي العراقي لا يفصح عن إجراءاته إطلاقاً، وان ما يظهر من تسريبات أو تصريحات هنا وهناك هي لجذب التجار، منها التحول نحو استخدام الآليات الجديدة، التي تتمثل بمجموعة قرارات أعلنها البنك المركزي العراقي بعد الاجتماع مع الخزانة الأمريكية في إسطنبول”.

ويضيف المشهداني أن “من جملة القرارات التي أعلنها البنك المركزي هو اشتراط امتلاك التاجر لهوية غرفة التجارة، وهوية التنمية، فضلاً عن بعض المستمسكات الثبوتية، مع أتمتة كاملة لكل الحوالات، التي لن تتم وفقاً للنهج القديم، حينما كانت الحوالات تمر عبر مكاتب الصيرفة، بل سوف تتم الحوالات عبر القطاع المصرفي، لتكون الأموال المحولة معلومة الوجهة والمصدر، يتم عرضها عبر المنصة الالكترونية، المراقبة من قبل البنك المركزي العراقي والبنك الاحتياطي الفدرالي”.

ويبين أن “حل أزمة الدينار العراقي غير ممكن بمجرد خفض سعر صرفه أمام الدولار، فالأزمة الحقيقية تكمن بوجود الحوالات غير الشرعية، إذ يحتاج العراق لوقت أطول في سبيل القضاء عليها، ثم تثقيف التجار والشركات والمصارف على آلية العمل الجديدة”.

وشهدت مدينة إسطنبول التركية، الجمعة الماضية، اختتام اجتماعات البنك المركزي العراقي مع الخزانة الأمريكية، وحسب بيان البنك المركزي فأن وزارة الخزانة الامريكية أكدت دعمها لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في العراق، وأبدت استعدادها للمرونة اللازمة لتحقيق الأهداف المشتركة.

كما أشارت وزارة الخزانة الأمريكية، في بيان لها، عقب اختتام اجتماع إسطنبول، إلى التعاون والشراكة الطويلة الأمد بين وزارة الخزانة والبنك المركزي العراقي، لاسيما بشأن تقييد الجهات الفاعلة غير المشروعة والفاسدة، من استغلال النظام المالي الدولي، وبينت أن العراق متفان في تحسين معايير الامتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وعرض التعاون المستمر في تحديث القطاع المصرفي.

يشار إلى أن مكالمة هاتفية أجريت بين رئيس الحكومة محمد شياع السوداني والرئيس الأمريكي جو بايدن، وأعلن عنها يوم الجمعة الماضي من قبل البيت الأبيض، وتضمنت مناقشة جدول الأعمال الاقتصادي لرئيس الوزراء وخططه لضمان تلبية الاقتصاد العراقي لاحتياجات العراقيين، واستعداد الولايات المتحدة لتأييد سياسته بالكامل، حسب البيان.

وفي سياق متصل، يوضح عضو اللجنة المالية النيابية حسين السعبري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الدراسة المقدمة من البنك المركزي تشير إلى مجموعة من المقترحات المقدمة من عدد من الخبراء والنواب، من ضمنها تخفيض سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار، وحل مشكلة تهريب العملة، وتطبيق نظام المنصة الإلكترونية وأتمتة المعلومات”.

ويضيف السعبري أن “محافظ البنك المركزي له خبرة طويلة في الأعمال المالية، إذ قدم مجموعة من المقترحات، وأجرى اجتماعات عديدة مع الخبراء والمختصين، ونتأمل خيراً في قادم الأيام، على الرغم من أن الحلول تحتاج لمزيد من الوقت”، مشيرا إلى أن “الأموال التي كانت تباع في البنك المركزي بحدود 250 إلى 300 مليون دولار، تراجعت إلى حوالي 30 مليون دولار، لكن بوادر الأزمة بدأت بالانفراج، حينما بلغت مبيعات البنك المركزي يوم أمس حوالي 80 مليون دولار، بمعنى أن التجار والمصارف بدأوا يعتادون على الإجراءات الجديدة”.

وكان البنك المركزي، أصدر الأسبوع الماضي، بيانا تضمن نفيا وتأكيدا لمعلومات امتناعه عن بيع الدولار بشكل مباشر للمواطنين، حيث ورد في بيانه “ينفي البنك المركزي العراقي منع أو تقييد البيع النقدي للمواطنين، وأن التسجيل الإلكتروني يضمن تلبية حاجة المواطن للدولار ويمنع تكرار البيع للشخص ذاته، ويعتبر هذا الإجراء فرصة لحصول المواطنين على الدولار للأغراض المشروعة دون قيود”.

جدير بالذكر، أن مبيعات البنك المركزي اليومية من الدولار، انخفضت خلال الفترة الماضية من 300 مليون دولار يوميا إلى نحو 50 مليون دولار كمعدل، بعد تشديد الرقابة على الدولار وفرض ضوابط لشراء الدولار، لكنها شهدت تحسنا قبل أيام قليلة لتبلغ نحو 100 مليون دولار.

وخلال الفترة الماضية، خضعت المصارف العراقية، إلى ضوابط صارمة للحد من تهريب العملة خارج البلد، وذلك بإشراف أمريكي، لاسيما وأن وزارة الخزانة الأمريكية هددت بفرض عقوبات على المصارف، وذلك بعد فرض عقوبات على 4 مصارف مملوكة لرجل الأعمال علي غلام، ومنها مصرف الشرق الأوسط، ما تسبب برفع سعر صرف الدولار في السوق المحلية.

إقرأ أيضا