مؤتمر بغداد 3.. إعلان مدفوع الثمن للعراق

سلط إعلان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، عزمه عقد “قمة بغداد 3″، الضوء على ما…

إعلان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، عن عزمه عقد “قمة بغداد 3″، سلط الضوء على ما قدمته القمم السابقة حتى يتم التوجه لعقد قمة ثالثة، وفيما وصفت هذه القمم من قبل مراقبين سياسيين واقتصاديين، بأنها “إعلامية” وساهمت بصنع دعاية إيجابية لبغداد، أكدوا أنها لم تقدم أي نتائج ملموسة على الأرض، لكن توقعوا بأمل ضعيف أن تنتج هذه القمم تحالفا عربيا قويا على المدى الطويل.

ويقول المحلل السياسي راجي نصير، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “العراق لم يجن شيئا ملموسا من المؤتمرات السابقة، لكن يمكن القول إنها فتحت آفاقا للتعاون وللتواصل كما كسرت جزءا من الحواجز مع العالم، فالدعاية الإعلامية التي شنت على العراق من قبل الإعلام العربي ومن قبل بعض الأطراف في العملية السياسية شوهت صورة العراق كثيرا”.

ويتابع نصير، أن “الأمم المتحدة والجامعة العربية عندما تراجع قراراتها فربما تجد أن بعض الدورات ليست ذات فائدة عملية، لكن فائدتها هي التواصل بين الشعوب والحكومات والدول وبالتالي المجلس البرلماني العربي ومن ثم المجلس العربي الثالث الذي يضم رؤساء الحكومات هو شيء جديد يعيد العراق إلى واجهة الأحداث ولا ننسى لأن العراق في الاتحاد البرلماني العربي كان مؤثرا في عودة سوريا للحضن العربي”.

ويلفت إلى أن “المكسب من هذه المؤتمرات هو مكسب سياسي وإعلامي بالدرجة الأساس، فربما كثيرا من الوعود الخاصة بالدعم والمساعدات لم تطبق”، مشيرا إلى أن “العراق لن يسمح له في وضعه الحالي بتصدر المشهد فالمنطقة مستقطبة دوليا وعالميا والقوة الأساسية فيها للقطب الأمريكي”.

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وخلال المؤتمر الصحفي المشترك مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي وصل العاصمة بغداد يوم أمس، قال “نعمل على الإعداد لمؤتمر بغداد بنسخته الثالثة وفق رؤية الحكومة الجديد.. الجميع يجب أن يلتقي في بغداد وفق رؤية الاقتصاد والشراكة”. 

وعقد مؤتمر “بغداد 2” في 20 من كانون الأول ديسمبر 2022، في مركز الملك حسين بن طلال للمؤتمرات على ساحل البحر الميت في الأردن، بعد دورة أولى أقيمت في بغداد في آب أغسطس 2021 بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والعراق، وبمشاركة البحرين وعمان ومصر والسعودية والإمارات وقطر وتركيا وإيران.

يذكر أن ماكرون، قال خلال الحوار عقب مؤتمر بغداد 2، “جاء رئيس الحكومة السوداني المدعوم من غالبية معروفة بأنها اقرب إلى الإيرانيين، وعندما زارني العاهل الأردني في باريس أقنعته بضرورة عقد هذا المؤتمر لأنه لمصلحتنا جميعا، وعبد الله جازف بذلك، وقد تبادلنا الاتصالات الهاتفية العديدة مع السوداني، وقبول السوداني لهذا المؤتمر هو انتصار، وقد عقدنا اجتماعا في إطار مصغر دون الأتراك والإيرانيين وبدأنا نضع خطوطا للعمل”.

إلى ذلك، يبين المحلل السياسي علي البيدر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق يحاول استرجاع دوره المحوري والرئيسي في المنطقة من خلال هذه المؤتمرات والقمم، متسلحا بحضوره التاريخي في المشهد الإقليمي، فالحضور العراقي كان مؤثرا وذو تأثير على الأحداث التي تعيشها المنطقة”.

ويضيف البيدر، أن “شيئا لم يتغير حتى الآن على ارض الواقع في ما يتعلق بالمؤتمرين السابقين، لكن بتكرار هكذا تجمعات ممكن أن يعود العراق إلى مكانته المحورية وتأثيره المباشر ونفوذه الواضح من أجل تغيير الخريطة السياسية بما يتلاءم مع المعطيات الأخيرة التي حدثت في المنطقة وعلى المستوى العالمي مثل الحرب الأوكرانية الروسية والصراع الأمريكي الإيراني والتجاذبات التي عاشتها المنطقة بشكل من الأشكال”.

وعن ثمار هذه النشاطات، يتابع أن “الفائدة ذات بعد استراتيجي وليست بالضرورة أن تكون آنية، فمن الممكن أن تقود قمة بغداد إلى أن تصبح عاصمة العراق نواة للتجمعات الدينية والدولية خصوصا أننا شهدنا حضورا واضحا للجانب الفرنسي إضافة إلى عودة الخليج”.

يشار إلى أن قمة بغداد الأولى، شدد بيانها الختامي على دعم جهود الحكومة العراقية في تعزيز مؤسسات الدولة وفقا للآليات الدستورية، وأقر المشاركون بأن المنطقة تواجه تحديات مشتركة تقتضي تعامل دول الإقليم معها على أساس التعاون المشترك والمصالح المتبادلة ووفقا لمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام السيادة الوطنية.

جدير بالذكر، أن بغداد شهدت قبل أيام، عقد مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي، بمشاركة أغلب رؤساء البرلمانات العربية، وفيه جرى التأكيد على أهمية عودة سوريا لمحيطها العربي، وهو ما تمثل بزيارة وفد برئاسة رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي ورؤساء الوفود العربية إلى دمشق ولقاء الرئيس السوري بشار الأسد.

من جانبه، يشير الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “معالم القمم السابقة لم تتضح حتى الآن فالجوانب السياسية طغت على الجوانب الأخرى من خلال جلوس قادة الدول على طاولة واحدة”.

ويضيف المشهداني، أن “مجموعة من الاتفاقيات وقعت أثناء القمم السابقة لكنها لم تدخل حتى الآن حيز التنفيذ بسبب الاعتراضات الموجودة من الكتل السياسية داخل العراق على بعض الاتفاقيات منها الربط السككي مع الأردن وخط أنبوب بصرة عقبة وعليه هي في طور النقاشات وممكن أن تتطور لاحقا”.

ويتابع أن “الفترة التي عقدت فيها هذه القمم والمؤتمرات شابتها أزمات اقتصادية متلاحقة بداية من كورونا ومن ثم الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار الوقود فعسى أن يكون الظرف مناسبا الآن”.

يذكر أن العراق احتضن جولات حوار بين إيران والسعودية، وذلك بإشراف الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي، لكن بعض المصادر أشارت إلى أن المفاوضات ستتوقف خلال المرحلة الحالية، لأسباب عدة منها عدم توصل طهران والرياض لنقاط التقاء.

يشار إلى أن العراق، عقد أيضا 3 جولات من القمة الثلاثية مع الأردن ومصر، والتي تمخضت عن ربط كهربائي مع الأردن وهو لم ينفذ لغاية الآن، فضلا عن مد خط أنبوب نفط البصرة – العقبة، وما زال قيد البحث والجدل.

إقرأ أيضا