هل تنجح الصناعة بإعادة الحياة لمعامل الأسمدة المتوقفة عبر الاستثمار؟

عبّر متخصصون بالاقتصاد، عن آمالهم بأن تنجح خطوة وزارة الصناعة بإعادة إنتاج الأسمدة محليا، رغم…

عبّر متخصصون بالاقتصاد، عن آمالهم بأن تنجح خطوة وزارة الصناعة في إعادة إنتاج الأسمدة محليا، رغم إشارتهم إلى فقدان البلاد للمعامل الخاصة وتوقف إنتاجها، لكنهم أبدوا تفاؤلا باتجاه الشركات الاستثمارية لإعادة بناء المعامل وخطوط الإنتاج، فيما عدوا هذه الصناعة بـ”البسيطة” نظرا لتوفر الخبرات والمواد الأولية الخام.

ويقول الخبير الاقتصادي باسم انطوان، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الاستثمار يتم عبر شروط وضوابط محددة وفق عقود مبرمة، وكل مستثمر يضع ضوابط العمل الخاصة به، فلا يمكن ترك هذه العملية من دون مراقبة، خاصة أن الأسمدة الكيماوية تصنع من الغاز المتسرب السائل”.

وعن إمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذه الصناعات، يعتقد أن “الطريق مازال طويلا أمامنا للتوسع وتحقيق هذا الأمر أو التحول نحو التصدير، فالعراق يمتلك أكثر من 132 تريليون قدم مكعب احتياطي من الغاز وهو رقم جبار جدا يمكن الاستفادة منه”.

وعن التعاقدات السابقة بهذا المجال، يضيف انطوان، أن “قسما منها تم تنفيذه لكنه دون المستوى المطلوب والآن وفقا للمنهاج الوزاري هناك التزام مبدئي بالتركيز على القطاع الصناعي”، لافتا إلى أن “العراق بدأ منذ بداية الثمانينات في الصناعات البتروكيماوية في البصرة وبيجي، والآن ينوي إعادتها في المنهاج الوزاري، وستكون هناك جدية ومتابعة أكبر”.

وكانت وزارة الصناعة والمعادن، أعلنت يوم أمس، أن المشاريع الإستراتيجية مثل مشاريع الأسمدة الهيدروجينية والفوسفاتية والكبريت متاحة حاليا، وقد تقدمت العديد من الشركات العربية والأجنبية للاستثمار في هذه المشاريع، وجلب خطوط إنتاجية جديدة للمصانع، فيما بينت أن الخطوط الإنتاجية القديمة تجاوزت العمر التصميمي لها، وهي غير مجدية اقتصادياً وفنياً، وكذلك الحال بالنسبة للمصانع المتوقفة.

يشار إلى أن معامل الفوسفات والأسمدة والطابوق والمعجون والأدوية، كلها متوقفة أو شبه متوقفة، رغم أنها متداخلة بالقطاع الزراعي والصناعي.

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي، عبد الرحمن المشهداني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المعامل تعرضت لأضرار كبيرة جدا بتوقف عملها ويصعب إصلاحها إذ تحتاج إلى أموال كبيرة لشراء المكائن والمعدات لكي تدخل من جديد في الإنتاج”.

ويعتقد المشهداني، أن “إعادة مثل هذه الصناعات أمر مهم جدا، والعراق سوق كبيرة يحتاج لمثل هكذا مشاريع”، لافتا إلى أن “تحقيق هذه التعاقدات يعتمد على مدى جدية البرامج التي تتبعها الحكومة، خاصة في الجانب الاقتصادي، وسيبقى أمر نجاحها محل أخذ وعطاء لحين انتهاء الشركة من عملها، كي نرى لمن ستؤول الملكية، والمهم الآن هو أن هذه المعامل تعود لعجلة الإنتاج، وليس ملكيتها، سواء كانت للقطاع العام أو الخاص”.

وسبق لـ”العالم الجديد”، أن فتحت ملف معامل الفوسفات في الأنبار، وكيف تحولت إلى حطام منذ عام 2003، رغم اعتماد الكثير من الصناعات على هذه المادة، وهذا إلى جانب رفدها سابقا خزينة الدولة بـ22 بالمئة من إيراداتها إبان النظام السابق.

ويحتل العراق المرتبة الخامسة بالإنتاج العالمي للفوسفات، وتضم 7 معامل رئيسية، لم يتبق منها سوى هياكل مدمرة الآن، وخلال السنوات السابقة، اتجه العراق إلى استيراد الأسمدة بكافة أنواعها ومن كافة المناشئ، وأثير لغط حول بعض أنواعها بسبب احتوائه على مواد مسرطنة.

بدورها، تؤكد الباحثة في الشأن الاقتصادي، سلام سميسم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “توجه وزارة الصناعة لهذه التعاقدات وفتح الأبواب للمستثمرين يأتي من كونه مجالا واعدا في العراق ومواده الأولية متوفرة، وهذه الصناعات تعد من أبسط الصناعات التحويلية لاسيما الأسمدة، والعراق سابقا كان ينتج أيضا الفوسفات وغيرها لكن هذه الصناعات توقفت فيما بعد”.

وعدت سميسم “هذا التوجه بادرة جيدة، نتأمل أن تنجح في حال دخول مستثمرين جدد كما نأمل تسهيل الإجراءات لهم من أجل تحقيق نتيجة إيجابية منها، فهذه الصناعات يسيرة لأن موادها متوفرة والخبرات أيضاً موجودة على اعتبار أننا نمتلك متخصصين يعملون بهذا المجال سابقا ولا تحتاج لتقنيات عالية، كما أنها تجذب الكثير من الأيدي العاملة”.

ويواجه قطاع الصناعة في العراق بشكل عام، تدهورا كبيرا منذ العام 2003 ولغاية الآن، في ظل توقف أغلب المعامل والتوجه للاستيراد، وقد قدر اتحاد الصناعات العراقية قبل سنوات، نسبة المشاريع المتوقفة بـ40 ألف مشروع، ودائما ما تتضمن البرامج الحكومية المتعاقبة موضوعة تنشيط الاقتصاد والصناعة المحلية، لكن دون تحقيق أي وعد، بل تستمر عجلة التبادل التجاري مع دول المنطقة مع إهمال الصناعة المحلية.

يشار إلى أن العراق يتصدر بصورة مستمرة، قائمة المستوردين لأغلب السلع التركية والإيرانية، وكان رئيس مصلحة الكمارك الإيرانية علي رضا مقدسي، أعلن مطلع العام الحالي، أن الصادرات السلعية للعراق سجلت 38 مليار دولار في الشهور العشرة الأخيرة، وذلك بنمو 38 بالمائة عن الفترة ذاتها من العام الماضي.

إقرأ أيضا