في “البرونايا”.. الصابئة: لم نحصل على استحقاقنا بهذه الحكومة والهجرة اتجهت نحو أربيل

يحتفل الصابئة المندائيون بعيد الخليقة “البرونايا”، وسط آمال ودعوات بالحصول على استحقاقهم السياسي، بعد تأكيدات…

يحتفل الصابئة المندائيون بعيد الخليقة “البرونايا”، وسط آمال ودعوات بالحصول على استحقاقهم السياسي، بعد تأكيدات رئيس الطائفة ومسؤولين فيها بعدم الحصول على أي درجة في الحكومة الحالية بما فيها وكيل وزارة أو مدير عام، لكنهم أشاروا بالمقابل إلى تراجع مستوى الهجرة لأسباب عدة، من بينها توقف أغلب الدول عن استقبال المهاجرين، وهو ما دفع أبناء المكون إلى الاستقرار في إقليم كردستان، لما يوفره من بيئة آمنة، حسب قولهم.

ويقول رئيس الطائفة الشيخ ستار جبار الحلو، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المكون الصابئي لم يحصل حتى الآن على حقوقه السياسية، وفي هذه المناسبة نجدد آمالنا بحكومة السوداني، أن تمنح الصابئة حقوقهم وتزيل التهميش عنهم، وتحقيق العدالة لكل مكونات الشعب العراقي“.

ويضيف الحلو، أن “الطائفة لم تحصل على أي منصب في تشكيلة الحكومة الحالية سوى مناصب الأوقاف، من دون أن يكون لها حتى منصب بدرجة مدير عام في المحافظات والوزارات”، مضيفا “أننا نمارس طقوسنا وحريتنا بشكل يسير ولا توجد علينا أية مضايقات“.

ويعد عيد الخلفية “البرونايا” من أهم أعياد الصابئة المندائيين، لكونه مختصا بعوالم النور العليا، ووفقا لتفسيره الديني، فأن هناك ثلاثة عوالم، أولها عالم النور العلوي المختص بالحي الأزلي (الخالق)، والعالم الوسطي، الخاص بالمختارين والصالحين، والعالم الأرضي المادي، وعيد الخليقة، هو عيد خلق عوالم النور العليا والجنات والمساكن الخاصة بالناصورائيين والأنبياء.

وفي هذا العيد، وفقا لتصريح سابق للشيخ ستار جبار الحلو لـ”العالم الجديد” فإن الخالق أفصح عن ذاته العظيمة بخلقه الملائكة، ويتكون العيد من خمسة أيام، لا يداخلها ليل ونهار، هي نور في نور، نقيم فيها الصلوات بكل الأوقات وإجراء الطقوس الدينية من تعميد وطقس (القماشي)، وهو مختص بالمتوفين الذين رحلوا عن عالمنا دون الملابس الدينية الخاصة، سواء الرجال والنساء، إضافة إلى طقس طعام الغفران للمتوفين ومنح الصدقات للفقراء وتوزيع الثواب.

وتعد الصابئة من الديانات التوحيدية القديمة، ونبيهم يحيى بن زكريا، ولغتهم هي الآرامية، لغة تعود للقرن العاشر قبل الميلاد، وهي ذات اللغة المستخدمة في كتابهم المقدس “الكنزا ربا“.

ويعد جنوب العراق، موطنا لأبناء الطائفة منذ آلاف السنين، إذ تمركزوا قرب الأنهار والأهوار، لارتباط طقوسهم الدينية بالماء، لكنه اليوم يندر تواجدهم هناك بعد هجرة أغلبهم لموطنهم الأصلي، والاستقرار في بلدان اللجوء أو مناطق أكثر أمنا في إقليم كردستان.

ومن أعياد الصابئة أيضا، عيد التعميد الذهبي، في ذكرى الولادة الروحية لنبيهم يحيى بن زكريا، بالإضافة إلى العيد الكبير الذي يصادف في شهر تموز ويستمر 7 أيام، وهو بداية الخلق، وفيه بدأت الدقائق والساعات والأيام، والأخير عيد الازدهار، وهو العيد الصغير، ففيه قام الحي العظيم بخلق الأزهار والأثمار والطيور والحيوانات، وبالإضافة إلى هذا خلق آدم وحواء، وهذا العيد يعتبر بداية نشوء الخلق.

ويعد التعميد، من أهم ركائز الديانة، ويشتمل هذا الطقس على نزول الشخص للماء الجاري، برفقة رجل دين، الذي يتلو آياتٍ من كتابهم المقدس “الكنزا ربا”، ويتم ذلك بملابس بيضاء خاصة تسمى “الرسته”، وهذا الزي الخاص بالتعميد يرتديه النساء والرجال والأطفال.

من جانبه، يبين رئيس مجلس شؤون الصابئة المندائيين في أربيل ناظم حافظ، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “طائفة الصابئة المندائيين وما تبقى منهم استقروا في أربيل لأن الوضع العام أصبح صعبا بالنسبة لجميع الطوائف والأقليات ومن ضمنهم الصابئة المندائيين“.

ويعلل حافظ استقرارهم في عاصمة إقليم كردستان، بـ”أنهم وجدوا التفاتة من حكومة الإقليم وفي الوقت نفسه أن الوضع الأمني مستقر، ما شجعهم على الاستقرار هناك، وهذا ما شجع أيضا حتى بعض العوائل من خارج العراق للقدوم والاستقرار في أربيل“.

لكنه يؤشر أن “هناك بعض المضايقات التي يواجهها أبناء المكون في باقي المحافظات عند ممارسة طقوسهم وحرياتهم، ولكن يتم تجاوزها من خلال العلاقات والتواصل”، لافتا إلى أن “الهجرة قلت بشكل كبير، لاستقرار البلد وتحسن الوضع الأمني، فليس من السهولة مغادرة البلد والتغرب عنه، وكلما كانت الأمور مستقرة كانت قضية الهجرة في تراجع“.

وواجه أبناء الطائفة المندائية في العراق بعد 2003، الكثير من التحديات التي هددت بقاءهم كأحد أبرز الأقليات الدينية في بلاد الرافدين، أبرزها القتل والسلب، لكونهم يعملون في صياغة الذهب، ما عرضهم إلى السرقة والاختطاف بشكل مستمر، وهذا الأمر أدى إلى هجرة جماعية باتجاه الغرب.

وفي تسعينيات القرن الماضي، تمت ترجمة الكتاب المقدس للديانة من قبل رجال دين، وتحت إشراف الشاعر العراقي الراحل عبد الرزاق عبد الواحد، الذي أشرف على لغة الكتاب العربية بعد ترجمته.

وكان النائب السابق عن الصابئة المندائيين نوفل الناشي، دعا قبل عامين، أبناء الطائفة الصابئية الى الاستقرار في إقليم كردستان، بدلاً من الهجرة خارج العراق، وأشار إلى أن أسباب الاستقرار في الإقليم متوفرة، من ناحية الأمن والخدمات وسيادة القانون، فضلاً عن أن إقليم كردستان يحتضن الأقليات ويوفر لهم مستلزمات الاستقرار، فيما طالب حكومة الإقليم بتوفير مستلزمات إنشاء مجمع حديث للصابئة المندائية، مع تخصيص قطعة الأرض التي سيبنى عليها المجمع قرب النهر أو منابعه.

إلى ذلك، تؤكد الناشطة الصابئية فائزة سرحان، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المندائيين، بكل حرية ودعم وحماية من أي مكان في العراق، يمارسون طقوسهم الدينية وفعالياتهم واحتفالاتهم في الأعياد مع مشاركة الأهل والإخوان من جميع الأديان والطوائف مشاركة كبيرة“.

وتضيف سرحان أن “جميع الأقليات لم تأخذ حقوقها السياسية بشكل كامل وخاصة الصابئة المندائيين في التمثيل السياسي فليس لدينا سوى نائب واحد فقط في البرلمان العراقي، وكذلك الدرجات العليا الوظيفية فأن أعلى درجة هي مدير عام، وليس لدينا وزير مندائي أو وكيل رغم أن الصابئة يمتلكون الكثير من الدرجات العلمية والخبرات التي نتمنى أن تشارك في صنع القرار الذي يمس كل فرد من أبناء العراق والصابئة جزء منه.

وفي ما يخص قضية الهجرة المندائية تبين سرحان “أنها قلت في ظل الوضع العالمي للمهاجر، خاصة وان دول العالم جميعها لم تعد تستقبل المهاجرين من الدول التي تحصل فيها نزاعات في الآونة الأخيرة مثل أوكرانيا فالتفكير في الهجرة بات صعبا ولكن لو كانت الأبواب مفتوحة قد يهاجرون لاسيما وان الفرد العراقي مازال يقبع تحت مستوى معيشي لا يتناسب مع ما يمتلكه العراق من ثروات بما فيهم الموظف والمتعاقد ممن مستواهم المعيشي في تدن إضافة إلى قلة الرعاية الاجتماعية”، مرجعة سبب قلة الهجرة هو إلى أن “البلدان ما عادت تفتح أبوابها للمهاجرين مما يضطر الناس للبقاء ولكن هناك أعدادا كبيرة من المهاجرين في الأردن وسوريا وتركيا مازالوا ينتظرون ملفات الهجرة إلى بلدان أخرى“.

 يشار إلى أن للصابئة المندائيين، معبدا في مدينة أربيل، تجرى فيه الطقوس الدينية والاجتماعات والندوات، فضلا عن وجود مجلس شؤون للطائفة وهيئة إدارية، وذلك منذ أكثر من 15 عاما.

ولا توجد إحصائية رسمية لأعدادهم حاليا في العراق، لكن مدنهم الأصلية (ميسان وذي قار والبصرة) أضحت لا تضم سوى عشرات العائلات فقط بعد أن كانت تعد بالآلاف، فيما تشهد العاصمة بغداد تناقصا في الأعداد بشكل مستمر نتيجة الهجرة.

إقرأ أيضا