كارثة وشيكة.. هل انخفضت أسعار النفط العراقي لأقل من قيمته في الموازنة؟

يواجه البلد أزمة اقتصادية خطيرة، قد تدفع الحكومة إلى الاقتراض مجددا أو السحب من الفائض…

يواجه البلد أزمة اقتصادية خطيرة، قد تدفع الحكومة إلى الاقتراض مجددا أو السحب من الفائض المالي المتحقق سابقاً أو العودة لرفع قيمة الدولار مرة أخرى، بعد أن أعدّت الموازنة بأعلى من السعر الفعلي للنفط العراقي، في ظل انخفاض مستمر بالأسعار العالمية، وفقا لخبراء بالاقتصاد والنفط، وفيما أشاروا إلى أن قضية دفع الرواتب ستكون أوّل ضرر يصيب الحكومة بسبب ذهاب 75 بالمئة من الإنفاق إلى الموارد التشغيلية ومن بينها الرواتب، حذروا من تخطي العجز ما هو معلن ليصل إلى 100 تريليون دينار (نحو 80 مليار دولار).

ويقول الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك خشية من تعرض أسعار النفط إلى انخفاض مستمر، لاسيما أن اعتماد العراق الكلي على النفط، وذهاب النسبة الأكبر من موازنته إلى دفع الرواتب والأجور، وأي انخفاض بأسعار النفط يزيد المخاوف من عدم إمكانية توفير تلك الأموال”.

ويبين المشهداني، أن “أي إخفاق بقضية توفير الأموال بسبب انخفاض أو انهيار أسعار النفط، سيدفع العراق نحو الاقتراض أو العودة من جديد لرفع السعر الرسمي لصرف الدولار”، مؤكدا أن “خيار القرض أو رفع سعر الصرف سيؤدي إلى أضرار اقتصادية كبيرة“.

ويضيف أن “انخفاض أسعار النفط، سيكون له أثر كبير في زيادة حجم العجز في الموازنة، بمعنى أن هبوط سعر النفط بمقدار دولار واحد سيكلف الإيرادات بمقدار 1.5 تريليون دينار، ولذا فهناك مخاوف اقتصادية حقيقية من استمرار هبوط النفط عالمياً“.

وكان مجلس الوزراء صوت قبل أيام، بجلسة خاصة، على قانون موازنة العام الحالي بقيمة 200 تريليون دينار (151 مليار دولار) للعام الحالي والعامين المقبلين، وأرسلها لمجلس النواب بغرض إقرارها.

وكشف المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي، أن العجز في موازنة العام الحالي بلغ 63 تريليون دينار، سيغطى من مجموعة مصادر منها المبلغ المدور في وزارة المالية، من حصة حوالات الخزينة في البنك المركزي، كما جرى اعتماد سعر برميل النفط الخام المصدر بـ70 دولارا، فيما بين أن الإيرادات النفطية تبلغ 117.252 تريليون دينار فيما تبلغ الإيرادات غير النفطيـة 17.301 تريلیون دینار، كما أن إجمالـي النفقات المقترحـة 197.828 تريلیون دينار والمشاريـع الاستثماريـة 47.555 تريليون دينار.

يشار إلى أن وزير التخطيط محمد تميم، صرح يوم أمس، بأن العجز في الموازنة هو “ورقي” فقطع، فيما أشار إلى أن التعيينات التي وردت فيها، هي نتاج البرلمان والحكومات السابقة، ولا تتحملها الحكومة الحالية.

وبلغت أسعار النفط خلال اليومين الماضيين، نحو 74 دولارا للبرميل، وسط مؤشرات دولية لخفض الأسعار بضغط أوروبي، من أجل سد النقص الحاصل في القارة العجوز بفعل الحرب الروسية الأوكرانية

من جهته، يشير الخبير في الشأن النفطي حمزة الجواهري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “العراق يبيع نفطه بأقل من سعر نفط برنت، بـ6 أو 7 دولارات، ولهذا فإن احتساب سعر النفط في الموازنة بـ70 دولارا يعتبر كارثة، أي أكثر من السعر الرسمي، وهذا مؤشر خطير سيترك أضرارا اقتصادية كبيرة“.

يشار إلى أن الموازنة احتسبت سعر البرميل في بـ 70 بالمئة، وهو ذات السعر العالمي بقيمة اليوم، في حين يبلغ السعر الحقيقي للنفط العراقي أقل من ذلك بنحو 7 دولارات (أي أنه يبلغ بسعر اليوم بين 69 و68 دولارا.

ويبين الجواهري، أن “العجز في الموازنة سيكون بشكل حقيقي بما يقارب 100 تريليون وليس 60 تريليون كما أعلنت الحكومة العراقية، فهناك نفط يباع بأقل من السعر المذكور في الموازنة، خصوصاً أن كل المؤشرات والمعطيات والدراسات، تشير إلى أن النفط يسير نحو الانخفاض في قادم الأيام“.

ويضيف أن “الحكومة في حال انخفاض النفط سوف تواجه صعوبة حقيقية في توفير الأموال لدفع الرواتب والأجور، خصوصاً أن الموازنة تعتبر فقط لدفع هذه الأموال، واستمرار انخفاض النفط، سيكون له اثر على قضية الرواتب“.

يشار إلى أن أعلى موازنة في تاريخ البلد، كانت في عام 2012، خلال تولي نوري المالكي لدورته الحكومية الثانية، بواقع 118 مليار دولار، وعدت في حينها بـ”الموازنة الانفجارية“.

يذكر أن موازنة العام 2021، أقرت بتقدير سعر برميل النفط الواحد 45 دولارا، في حين كان سعر النفط العالمي بحدود 80 دولارا، وقيمته 129 تريليون دينار (نحو 88 مليار دولار)، مسجلة عجزا قدره 28 تريليونا (نحو 19 مليار دولار)، وفي حينها كان متوسط سعر برميل النفط عالميا نحو 64 دولارا

جدير بالإشارة أن الحكومة السابقة، توجهت إلى الاقتراض مرتين لدفع رواتب الموظفين خلال العام 2020، بسبب الأزمة المالية وانهيار أسعار النفط، قبل أن يتحقق فائض مالي نتيجة لارتفاع أسعار النفط من جهة، وتغيّر سعر صرف الدينار مقابل الدولار من جهة أخرى.

وأعلن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، في وقت سابق، أن فقرة الرواتب في الموازنة، ارتفعت من 41 تريليون دينار إلى 62 تريليوناً.

إلى ذلك، ترى الباحثة في الشأن الاقتصادي، سلام سميسم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “انخفاض أسعار النفط في السوق العالمي سيكون له أثر كبير على موازنة العراق، خصوصاً أن اعتماد الموازنة الكلي هو على النفط، وليس لنا أي مورد مالي آخر، كما أن 75 بالمئة من الموازنة هي فقط تشغيلية لدفع الرواتب وباقي النفقات“.

وتبيّن سميسم، أن “انخفاض النفط ربما يؤثر على إمكانية توفير الموازنة التشغيلية الخاصة بدفع الرواتب، فهناك ارتفاع كبير بعدد الموظفين، حيث تمت إضافة أكثر من 20 تريليون دينار فقط كرواتب خلال هذه الموازنة، خصوصاً أن النفط لا يمكن التنبؤ بسوقه فربما يكون هناك انخفاض مستمر له، وهذا ما سيؤثر بشكل كبير على تخصيصات الموازنة مع وجود العجز الكبير في الموازنة“.

وتتساءل الباحثة في الشأن الاقتصادي، عن “خطط الحكومة العراقية لمواجهة انخفاض أسعار النفط في ظل موازنة انفجارية تشغيلية، فهذا الأمر يعتبر تحديا كبيرا، فهناك خطورة حقيقية على مسألة توفير الرواتب في ظل انخفاض أسعار النفط”، معتقدة أن “الحلول التي تنتهجها الحكومة لتوفير الرواتب في ظل انخفاض النفط ستكون من خلال زيادة الديون الخارجية والداخلية، ولا نعتقد أن للحكومة أي حلول غيرها، لكن هذا الأمر له تبعات سلبية على الاقتصاد العراقي بشكل كبير“.

يشار إلى أن السوداني، صرّح بعد تسمنه منصبه بفترة بسيطة، بأن العراق سيجري نقاشات مع أعضاء منظمة أوبك الآخرين لإعادة النظر في حصته الإنتاجية وزيادتها، معللا ذلك بالحاجة “إلى الأموال لإعادة إعمار العراق”، فيما بين أن العراق حريص على استقرار أسعار الطاقة، ولا يريد للأسعار أن ترتفع فوق 100 دولار ولا تنخفض بالشكل الذي يؤثر على مستوى العرض والطلب

وكانت منظمة أوبك، قررت في تشرين الأول أكتوبر 2022، خفض إنتاج النفط، وقد حظي القرار بدعم أغلب الأعضاء بما فيهم العراق، حيث أكدت شركة تسويق النفط “سومو” آنذاك، أن قرارات أوبك + “تستند إلى مؤشرات اقتصادية وتتخذ بمهنية وموضوعية وإجماع”.

أقرأ أيضا