زيادة تركيا لإطلاقاتها المائية.. اتفاق ترقيعي أم يلبي الطموح؟

أثار اتفاق رئيس الحكومة محمد شياع السوداني مع الرئيس التركي حول الإطلاقات المائية وزيادتها للضعفين،…

اتفاق رئيس الحكومة محمد شياع السوداني مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على زيادة إطلاقات مياه نهر دجلة إلى الضعفين، أثار تساؤلات عدة حول كمية تلك المياه، وإيفائها بحاجة البلاد، وفيما كشفت وزارة الموارد المائية، أن الواردات ستبلغ نحو 1500 متر مكعب بالثانية، ما ستنعكس إيجابا على الخطة الزراعية ومستوى الأهوار، قلل خبير مائي من أهمية الاتفاق ووصفه بـ”الترقيعي”، مشددا على ضرورة حصول بغداد على حصتها المائية الكاملة وبشكل مستمر.

ويقول المتحدث الرسمي لوزارة الموارد المائية، خالد شمال، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الاتفاق مع الجانب التركي على مضاعفة الإطلاقات المائية، سيكون لمدة شهر واحد فقط، لكن هذه المدة ربما تمدد لفترات أخرى، فالمفاوضات مع الجانب التركي مستمرة ومتواصلة وهناك تفاهم كبير بهذا الملف بين الجانبين”.

ويبين شمال، أن “الإطلاقات المائية من قبل الجانب التركي للعراق كانت سابقاً تصل في اليوم الواحد، إلى ما يقارب (400- 500) متر مكعب بالثانية، وبعد الاتفاق الأخير ستكون الإطلاقات مضاعفة لمرتين، ونأمل زيادة الحصة بشكل أكبر خلال المرحلة المقبلة مع استمرار المفاوضات وعمل اللجان المشتركة بين الطرفين”.

ويضيف أن “الإطلاقات المائية الجديدة من قبل تركيا، تمت المباشرة بها، وسيكون لها اثر كبير في نجاح الخطة الزراعية وكذلك إنعاش الأهوار ورفع مناسيب المياه في نهر دجلة، وربما يتم تخزين بعض من كميات المياه التي تصل إلينا من الجانب التركي”.

ودعت وزارة الموارد المائية اليوم الجمعة، تركيا إلى ضخ مزيد من المياه تجاه نهر الفرات، وتفعيل مذكرة التفاهم التي تمت المصادقة عليها عام 2021، التي تضمنت بنودا تتعلق بتطوير أطر التعاون، والاستمرار بالتباحث على المستوى الوزاري والفني لمتابعة الإطلاقات المائية تجاه العراق، ووضع أسس ثابته تضمن حصة العراق من الجانب التركي لنهري دجلة والفرات.

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، زار تركيا على رأس وفد حكومي الثلاثاء الماضي، وخلال مؤتمر صحفي جمعه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أعلن الأخير عن توجيهه بزيادة إطلاقات مياه نهر دجلة نحو العراق.

وكشف المكتب الإعلامي للسوداني، خلال بيان حول المباحثات التي جمعته مع أردوغان، عن موافقة تركيا على زيادة الإطلاقات المائية لمجرى نهر دجلة إلى الضعفين ولمدّة شهر واحد.

وأعلن السوداني أمس الأول، عن مباشرة لجنة مشتركة عراقية – تركية، لمتابعة الإطلاقات المائية وضمان استمرارها حسب الاتفاق المبرم بين البلدين.

وكانت الموارد المائية، كشفت سابقا لـ”العالم الجديد”، أن السنوات الثلاث الجافة التي مرت على العراق دفعت الوزارة للاستعانة بالخزين الاستراتيجي مما أدى إلى انخفاضه من 60 مليار متر مكعب في عام 2019 إلى اقل من 10 مليارات متر مكعب حاليا وقد وصل تقريبا إلى 8 مليارات متر مكعب.

وخلال الأيام الماضية، سُجِل تراجع غير مسبوق في منسوب نهري دجلة والفرات، وخاصة في المناطق الجنوبية، وقد أظهرت مشاهد صادمة تعرض نهر دجلة لحالة جفاف لم يشهدها سابقاً، إلى حد قيام مواطنين بعبوره سيراً على الأقدام، لاسيما في محافظات ذي قار وميسان.

وكانت وزارة الموارد المائية، أعلنت مطلع الشهر الحالي، أن العراق فقد 70 بالمئة من حصصه المائية بسبب سياسة دول الجوار، وأن الانخفاض الحاصل بالحصص المائية في بعض المحافظات الجنوبية عائد إلى قلة الإيرادات المائية الواردة إلى سد الموصل على دجلة وسد حديثة على الفرات من تركيا.

جدير بالذكر، أن تركيا تحاول منذ سنوات، استخدام مياه نهري دجلة والفرات، لتوليد الطاقة الكهربائية، فأعلنت عن تشييد عدد من السدود، بدءا من العام 2006، منها سد إليسو الذي دخل حيز التشغيل عام 2018، ما حد من تدفق المياه إلى العراق، وأدى ذلك إلى تفاقم الخوف من النقص الحاد وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية للزراعة والسكان.

إلى ذلك، يرى عضو لجنة المياه البرلمانية ثائر مخيف، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الأتراك يستخدمون مع العراق الحلول المرحلة والترقيعية لا الحلول الحقيقة، وقضية مضاعفة الإطلاقات المائية، ستعالج جزءا من الأزمة، لكن لا تعالجها بشكل حقيقي”.

ويضيف مخيف: “نسعى أن يكون هناك حوار جاد ما بين بغداد وأنقرة بعيداً عن المجاملات، فالعراق له حقوق مائية، وهذه الحقوق يجب أن تؤخذ، اعتمادا على المعاهدات والمواثيق والقوانين الدولية، التي يجب أن تكون الحكم الفصل بقضية إطلاق حصة المياه العادلة للعراق من قبل تركيا، بعد أن ضربت الأخيرة كل تلك المعاهدات والقوانين”.

ويتابع أن “تركيا تمارس مع العراق لعبة خطيرة بقطع المياه عنه وتدخله بأزمة جفاف قاسية، خصوصاً مع استمرارها بإنشاء السدود الإروائية، وهذا يعني أنها تريد قطع المياه عن العراق بشكل تام، في حال استمرارها بقطع المياه عن العراق دون إيجاد أي حلول حقيقية”، لافتا إلى أن “العراق سيكون له تحرك حقيقي نحو المجتمع الدولي لتثبيت حصته المائية وكيف يأخذها بقرار دولي ومع تحديد كمياتها وفق المواثيق الدولية”. 

وعن حصص العراق من الجانب الإيراني، يشير عضو لجنة المياه البرلمانية إلى أن “ملف المياه من أبرز الملفات التي ما يتم مناقشتها بين الجانب الإيراني والعراقي خلال أي اجتماع بين الطرفين، وهناك مؤشرات إيجابية من الجانب الإيراني بشأن ملف المياه، وحلول قريبة جداً”

ولا توجد اتفاقية مياه بين العراق وتركيا، وإنما هناك بروتوكولات تم توقيعها بين الجانبين على مر العقود الماضية تتعلق بحصص المياه العابرة إلى الأراضي العراقية، منها ما توقيع العراق وتركيا وسوريا بروتوكولا أول في العام 1920 وقد فرض هذا البروتوكول قيودا على إقامة السدود بما لا يلحق ضررا بالأطراف الأخرى الموقعة، وفي العام 1946، ادخل العراق وتركيا قضية المياه في “معاهدة الصداقة وحسن الجوار” التي وقعها البلدان.

وفي العام 1978، وقعت بغداد وأنقرة بروتوكول تعاون اقتصادي وتقني، بعدما استكملت تركيا سد كيبان على مجرى نهر الفرات، ما الحق ضررا بمصالح بحصة العراق المائية.

وكان مؤشر الإجهاد المائي توقع أن يكون العراق أرضاً بلا أنهار مع حلول 2040، وأنه في العام 2025، ستظهر ملامح الجفاف الشديد واضحة جداً في عموم العراق مع جفاف كُلي لنهر الفرات باتجاه الجنوب، وتحول دجلة إلى مجرد مجرى مائي صغير محدود الموارد.

إقرأ أيضا