جدل أملاك البعثيين.. صفقة “تجارية” أم شرط لتشكيل الحكومة؟ 

ربط مراقبون للشأن السياسي، صفقة تشكيل الحكومة الحالية بإلغاء لجنة الحجز على أملاك وأموال أركان…

أرجع مراقبون للشأن السياسي، قرار إلغاء لجنة الحجز على أملاك وأموال أركان النظام السابق من المنتمين لحزب البعث ومسؤولي النظام السابق، إلى صفقة تشكيل الحكومة الحالية، لاسيما وأن القرار جاء عقب قرار مماثل بشمول “فدائيي صدام” بالرواتب التقاعدية ومستحقات الشهداء، وفيما توقعوا تسوية قريبة لجميع أملاك البعثيين وذويهم، رجحوا من جهة أخرى، أن يكون الغرض من تلك الخطوة تجاريا لغرض شراء هذه العقارات بعد رفع الحجز عنها واستثمارها من قبل شاغليها من السياسيين.

ويقول المحلل السياسي، علي البيدر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هذه القضية بقيت معلقة طيلة العشرين سنة الماضية، فهنالك اغتصاب غير شرعي لأملاك البعثيين وعقاراتهم، ولا يوجد تكييف قانوني بالاستيلاء عليها ومنحها لأشخاص نافذين، فأي مسوغ قانوني يسمح بذلك”.

وكان مجلس الوزراء، قرر في جلسته أمس الأول، إلغاء اللجنة المذكورة في البند (ثالثا) من المادة (1)، والبند (ثانياً) من المادة (3)، المبينة في قانون حجز ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة الى أركان النظام السابق، والتوصية الى مجلس النواب بسحب مشروع قانون التعديل الأول لقانون حجز ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة الى أركان النظام السابق (رقم 72 لسنة 2017)، كما تضمن القرار أن المتضرر يتولى رفع دعاوى بشأن قرار الحجز أو المصادرة أمام المحاكم المختصة. 

ويضيف البيدر، أن “الحكومة أرادت أن تثبت حسن نواياها بإصدار هذا القرار”، مستدركا “لكن التعامل مع هذه الأملاك، لن يفضي إلى استثمارها من قبل أصحابها الأصليين، وإنما من خلال رفع الحجز عنها ومن ثم بيعها”.

ويتساءل المحلل السياسي عمّن “سيقوم بشرائها، هل هي الجهات الشاغلة لها نفسها، وما هو المبلغ المقدر لها، لأن قسما منها تصل أسعارها إلى مليارات الدنانير”، مرجحا أن “يكون القرار بمثابة صفقة في إطار تجاري، حيث تريد بعض الأطراف رفع الحجز عن تلك العقارات ومن ثم شراؤها وبيعها واستثمارها أو استغلالها”.

يذكر أن المحكمة الاتحادية، قررت مطلع آذار مارس الحالي، بناء على دعوى رفعت أمامها، منح الحقوق التقاعدية لمنتسبي “فدائيي صدام” عن خدمتهم العسكرية أو المدنية خارج الفدائيين، وأصدرت توضيحا، يتمثل برد على كتاب هيئة المساءلة والعدالة المتضمن “يمنع فدائيو صدام المتطـوعون مـن أية حقـوق تقاعدية”، وقالت المحكمة في توضيحها “أن مـن تم نقلهـم قسـرا سـواء كـانوا مـن المدنيين أو العسكريين إلى الجهاز المذكور آنفـا وتـمت إعـادتهم إلـى دوائرهم فـإنهم يستحقون راتبهم التقاعدي عـن خدمتهم خارج فدائيي صـدام ولا تحتسـب خدمتهم ضـمن الجهاز المذكور خدمة تقاعدية”.

وأكدت المحكمة أيضا آنذاك، أنها “توصلت مـن خـلال تحقيقاتهـا أن قسـما منهم (أي فدائيي صدام) استشهد أثنـاء تحرير العراق من عصـابات داعش الإرهابية اسـتجابة لنداء المرجعية، مما يقتضي مراعاة ذلك عند نظر حقوق الشهداء المذكورين”.

من جانبه، يرى المحلل السياسي، غالب الدعمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “إرجاع أملاك البعثيين أمر مستحيل، لان البيوت العائدة للنظام السابق استلمتها الكتل السياسية الحالية، وكل زعيم أخذ منزلين أو أكثر، أو قد يكون تحقيق هذا الأمر بشروط، مثلا لدى البعض أملاك قبل أن ينتموا للبعث، فهذه الأملاك لا يفترض أن تصادر، أو أن يكون أبناؤهم قد اشتروا أملاكا”.

ويلمح الدعمي، إلى أن “قضية إرجاع أملاك البعث تحمل جنبة سياسية فهي جزء من اتفاقية عقدت خلف الكواليس لتشكيل الحكومة الجديدة”.

جدير بالذكر، أن ائتلاف إدارة الدولة، وعند تشكيله في أيلول سبتمبر من العام الماضي، فإنه شهد توقيع وثيقة بين الإطار التنسيقي والاتحاد الوطني الكردستاني من جهة، والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة من جهة أخرى، وفيها مطالب الطرفين الأخيرين، لغرض تنفيذها من قبل الحكومة التي يشكلها الإطار، وذلك لغرض تمريرها، وهو ما جرى في تشرين الأول أكتوبر الماضي، حيث مررت حكومة محمد شياع السوداني بناء على هذه الوثيقة.

ووفقا لتسريب بنود الوثيقة، التي لم تعلن بشكل رسمي، فإنها تضمنت من ضمن بنودها الكثيرة التالي: إلغاء هيئة المساءلة والعدالة وتحويل ملفاتها إلى القضاء والدوائر ذات الشأن، إصدار قانون العفو العام ويستثنى من عمل مع التنظيمات الإرهابية أو ساعد الإرهاب أو ورد اسمه بقوائم الجهات الأمنية، فضلا عن استثناء أي شخص مشمول بالمساءلة والعدالة لكنه شارك بالقتال ضد الإرهاب واستشهد، وشموله بالحقوق التقاعدية.

بدوره، يؤكد الخبير القانوني علي التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “القانون رقم 72 لسنة 2017 وهو حجز ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة إلى أركان النظام السابق، يبين في إحدى المواد انه إذا كان هذا الحجز مثلا على شخص لديه منزل بصورة مشروعة فيمكنه الاعتراض أمام لجنة تحدث عنها القانون، ولكن القرار الذي صدر الآن من مجلس الوزراء ألغى هذه اللجنة التي يتم اللجوء إليها والتي تتكون من ممثلين عن وزارة العدل ووزارة المالية، وبين القرار الجديد أن المتضرر يلجأ إلى القضاء بدل اللجنة الملغاة”.

ويضيف التميمي: “كان هناك مشروع قانون لتعديل قانون حجز الأموال المنقولة وغير المنقولة، وهذا التعديل عمل على سحب هذا المشروع حيث انه من صلاحية مجلس الوزراء الدستورية والقانونية أن يسحب المشروع كما يقول النظام الداخلي للبرلمان أن الجهة التي تقدم مشروع القانون من حقها أن تسحبه وهنا الحديث عن هذا السحب للقانون”.

وكانت هيئة المساءلة والعدالة، أعلنت في آذار مارس 2018، عن صدور قرار تضمن مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة لصدام حسين وأولاده وأحفاده وأقاربه حتى الدرجة الثانية، كما شمل أيضا 52 قياديا بارزا في النظام السابق بينهم عبد حمود السكرتير الشخصي لصدام، وعلي حسن المجيد ابن عمه، ونائب الرئيس طه ياسين رمضان ووزير الخارجية المتوفى طارق عزيز، إضافة إلى حجز الأموال المنقولة وغير المنقولة للمحافظين في زمن النظام السابق وأعضاء الفروع فما فوق في حزب البعث المنحل، ومن كان يشغل رتبة عميد في أجهزة المخابرات والأمن الخاص والأمن العسكري والأمن العام وفدائيي صدام.

وأعطى القرار آنذاك، الحق للمشمولين بإجراءات الحجز فقط والبالغ عددهم 4257، تقديم طلبات إلى لجنة خاصة في أمانة مجلس الوزراء للبت بمصير الأموال المحجوزة.

إقرأ أيضا