انخفاض الدولار.. مؤقت أم مستمر؟

ليس مؤقتا، بهذه الكلمات اختصر مستشار حكومي وخبراء بالاقتصاد انخفاض سعر الدولار في السوق المحلية،…

أكد مستشار حكومي وخبراء بالاقتصاد استمرار الانخفاض بسعر الدولار في السوق المحلية، حتى يقترب من السعر الرسمي، وذلك بسبب امتثال العراق للضوابط الدولية من جهة، ورفع مبيعات البنك المركزي من الدولار من جهة أخرى، متوقعين أن يستقر أعلى بـ6 نقاط من السعر الرسمي. 

ويقول المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الانخفاض المتواصل لأسعار صرف الدولار في السوق المحلي بشكل تدريجي يعود لامتثال العراق لضوابط الامتثال الدولي في تمويل التجارة الخارجية للقطاع الأهلي”.

ويبين صالح، أن “هناك ارتفاعا ملحوظا بمبيعات البنك المركزي العراقي اليومية، وهذا الارتفاع سوف يغطي فائض الطلب المتراكم على العملة الأجنبية خلال الأشهر الماضية، ولهذا فإن استمرار هذه المبيعات وفق المعدل اليومي الطبيعي سوف يؤدي إلى الانخفاض في فائض الطلب المتراكم سابقا على العملة الأجنبية وهذا ما سيدفع إلى خفض سعر الصرف في السوق المحلي”.

ويؤكد المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء، أن “الأيام المقبلة ستشهد انخفاضا جديدا لسعر صرف الدولار، لحين الوصول إلى السعر الرسمي المقر من قبل البنك المركزي العراقي، كما أن إجراءات الحكومة والبنك للحفاظ على استقرار السوق مستمرة ومتواصلة”.

وشهد سعر الدولار في السوق المحلية، يوم أمس، انخفاضا مفاجئا، حيث بلغ سعر صرف الـ100 دولار، 151 ألف دينار، بعد أن كان أكثر من 156 ألف دينار.

وكان البنك المركزي العراقي، أصدر منتصف الشهر الحالي، الحزمة الثالثة لتسهيل إجراءات الحصول على الدولار، وفيها قرر: احتساب سعر الصرف الرسمي البالغ 1320 دينارا لكل دولار عن طريق بطاقة الدفع الإلكتروني المصدّرة من الجهات المرخّصة عند استخدامها في الخارج، وعلى النحو الآتي: البطاقات مسبقة الدفع (المعبأة) Prepaid Cards، وهي غير مرتبطة بحساب مصرفي، ما يجعلها في متناول اليد، وبسقف قدره (10,000) دولار قابلة لإعادة التعبئة، والبطاقات الدائنة (Credit Cards)، وبالسقف الذي يحدده المصرف بحسب تصنيفه للزبون (Gold, Silver, Platinum)، مع إمكانية تعزيز ما تمّ استخدامه منه لاحقًا، بطاقات الدفع المدينة (Debit Card)، وهي مرتبطة بحساب الزبون لدى المصرف (بضمنها الرواتب الموطّنة) والتي يمكن استخدامها للدفع بالدولار بحسب رصيد الزبون لدى المصرف، وعلى أساس سعر الصرف الرسمي للدولار.

كما تضمنت: ستكون حصة المسافر من الدولار النقدي بواقع 2000 دولار ابتداءً من يوم الأحد المقبل، مع إمكانية استخدام البطاقات المذكورة بما يتيح للمواطنين تغطية طلباتهم من الدولار، وستستمر مبيعات البنك المركزي العراقي اليومية من الدولار النقدي على مستوياتها دون تخفيض، إلى المصارف وشركات الصرافة وشركات التوسط ببيع وشراء العملة الأجنبية المجازة، لغرض تأمين طلبات المواطنين للأغراض المبلّغ بها.

ومنذ أشهر، تدخلت واشنطن للحد من تهريب الدولار من العراق، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق المحلية لمستوى قياسي بلغ 170 ألف دينار لكل مائة دولار، بسبب تراجع مبيعات البنك المركزي من الدولار، نظرا لخضوعه لنظام “سويفت” المالي الدولي.

إلى ذلك، يتوقع المختص في الشأن المالي عبد الرحمن المشهداني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “سعر صرف الدولار في السوق المحلي سوف يواصل الانخفاض، والنزول الحالي ليس مؤقتا، بل سوف يستمر خلال الأيام المقبلة”.

ويبين المشهداني أن “سعر الصرف لن يصل السعر الرسمي في السوق المحلي بـ132 ألف دينار مقابل المائة دولار، لكن ربما يقترب من 136 ألفا في السوق، وهذا ممكن جداً”، مرجعا “هذا الانخفاض إلى زيادة الحوالات الخارجية، ولهذا نرى أن هناك زيادة وارتفاعا مستمرا في مبيعات البنك المركزي العراقي اليومية”.

ويضيف المختص في الشأن المالي أن “انتظام عمل الحوالات الخارجية لا يعود لعمل البنك المركزي العراقي، بل هذا الانتظام جاء بعد الاستعانة بشركة أمريكية عالمية متخصصة بهذا الموضوع، وهذه الشركة هي من تنفذ الحوالة وفق السياقات المطلوبة، ولهذا عملية التدقيق أصبحت اخف من ذي قبل على البنك المركزي والبنك الفدرالي، وهذه الشركة الأمريكية، نفسها، تمتلك عقدا مع دولة الإمارات لتنظيم عمل الحوالات، فالإمارات قبل سنوات كانت تعاني مشاكل في قضية الحوالات مع الجانب الأمريكي”. 

جدير بالذكر، أن البنك المركزي أعلن الشهر الماضي، عن اتفاقه مع المصرف الأمريكي الشهير، جي بي مورغان، على أن يكون وسيطا، لإيصال مبالغ التجار العراقيين إلى الصين وتغطية استيراداتهم، بعد أن كان البنك يتعامل مع مصارف في الإمارات والأردن، وبحسب تقرير “العالم الجديد” فأن الاتفاق الجديد سيحدّ من الفواتير المزورة التي كانت منفذا لتهريب العملة لخارج البلد.

يذكر أن مبيعات البنك المركزي من الدولار، ونتيجة للضوابط الدولية الجديدة، انخفضت خلال الأشهر المالية بشكل كبير، حيث كانت بنحو 300 مليون دولار يوميا، لكنها بلغت خلال الأزمة 50 مليون دولار، قبل أن تعاود الارتفاع قبل أيام لتصل أكثر من 200 مليون يوميا.

من جهته، يوضح الباحث في الشأن الاقتصادي همام الشماع، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “السوق المحلي يشهد تذبذبا في أسعار الدولار، لكن التوجه العام للسوق نحو انخفاض أسعار الصرف خلال الفترة المقبلة، لكن قد يكون وصول السعر إلى الرسمي أمرا صعباً، فممكن أن يبقى السعر في السوق المحلي أكثر بـست نقاط من السعر الرسمي”.

ويبين الشماع أن “السبب الرئيسي لانخفاض سعر الصرف في السوق المحلي، هو قلة الطلب على الدولار من قبل المضاربين، بسبب وجود توجه عام لخفض سعر الصرف، إضافة إلى زيادة الحوالات الخارجية، فهناك تراجع في الطلب على الدولار، ولهذا فإن السعر بدأ بالانخفاض بشكل تدريجي”.

ويؤكد الخبير في الشأن الاقتصادي أن “البنك المركزي اتخذ الكثير من القرارات والإجراءات ساهمت بخفض سعر الصرف، لكن هناك إمكانية في إيقاف الانخفاض في سعر الصرف، إذا ما عاد المضاربون إلى زيادة الطلب على الدولار في السوق فهذا يسبب شحة في العملة، ما يرفع سعر الصرف كما حصل خلال الفترة الماضية”.

يشار إلى أن وزارة الداخلية، أعلنت يوم أمس، عن ضبط مئات البطاقات المصرفية “ماستر كارد” وفيها رصيد بالدولار، ومعدة للتهريب خارج العراق لغرض سحب الدولار في بلدان أخرى.

يذكر أن مزاد العملة في البنك المركزي، كان يعد من أبرز منافذ تهريب العملة، نظرا لتقديم فواتير استيراد مزورة وبمبالغ عالية، فيما تصل البضائع دون ما قدم في الفاتورة بنسبة كبيرة جدا، وذلك بتأكيد من نواب وجهات رسمية أخرى، فضلا عن مقاطعة بيانات وزارة التخطيط بشأن البضائع المستوردة في القطاع الخاص مع مبيعات البنك المركزي، واتضح أن الفرق كبير جدا، ما يعني أن الدولار الفائض يذهب للتهريب.

وكانت “العالم الجديد”، من أوائل الصحف التي كشفت أن تهريب العملة مستمر، على الرغم من الضوابط على المصارف، ويتم عبر حقائب تنقل برا إلى تركيا وإيران، بعد سحب الدولار من السوق المحلية وليس عبر نافذة بيع الدولار الرسمية، وأطلق عليها متخصصون آنذاك بـ”الحوالات السود”.

إقرأ أيضا