بقاء الضباط بمناصبهم لسنوات.. “فساد” وهيمنة سياسية (وثيقة وأسماء)

تشهد المؤسسة الأمنية والعسكرية، خروقا كبيرة، في ما يخص بقاء الضباط بمناصبهم العليا لسنوات طويلة،…

تشهد المؤسسة الأمنية والعسكرية، خروقا كبيرة، فيما يخص بقاء الضباط بمناصبهم العليا لسنوات طويلة، متجاوزين السقف الزمني المحدد لكل منصب، فيما كشفت وثيقة عن توجه رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة إلى معالجة المسألة، لكن جميع التوجيهات التي أصدرها وزير الدفاع استجابة لهذا التوجه لم تنفذ لغاية الآن، حيث يتطرق مصدر عسكري مطلع لأسماء القادة وتواريخ شغلهم للمناصب، وهو أمر أرجعه متخصصون أمنيون إلى “الفساد” وهيمنة القوى السياسية على وزارتي الداخلية والدفاع، محذرين من خطورة استمراره، في حين، أكدت لجنة الأمن النيابية أنها ستراقب تنفيذ توجيه القائد العام بهذا الشأن.

وحصلت “العالم الجديد” على وثيقة صادرة من وزير الدفاع ثابت العباسي، بتاريخ 23 نيسان أبريل الماضي، تحمل عنوان توجيهات، وتفيد بأنه تنفيذاً لتوجيهات رئيس مجلس الوزراء – القائد العام للقوات المسلحة، تقرر تبديل القادة والآمرين بكافة المستويات والمدراء العامين ومدراء المديريات الذين أكملوا السقف الزمني المقرر لكل منصب، وتعطى فترة 3 أشهر لكل مرشح لإشغال منصب جديد، ويجري تقييم أدائه خلال هذه الفترة من أجل تثبيته بالمنصب من عدمه.

وتشهد المناصب العليا في الوزارات، بما فيها الأمنية، تقاسما على أساس المكونات الرئيسة (الشيعة والسنة والكرد)، تحت مسمى “التوازن”، وهو ما تضمنه الدستور العراقي، وغالبا ما توزع الحصص حسب الثقل السياسي للكتل السياسية الممثلة لكل مكون، ومدى نفوذها وقوتها في كل دورة نيابية.

ويقول مصدر أمني رفيع المستوى، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك الكثير من الضباط في وزارتي الداخلية والدفاع، مضى على وجودهم بمناصبهم سنوات طويلة، وتجاوزوا السقف الزمني المحدد لهم في المنصب، لكن بالمقابل فأن توجيه وزير الدفاع الذي صدر استنادا لتوجيه القائد العام للقوات المسلحة، لم ينفذ لغاية الآن”.

ويكشف المصدر، عن القادة الذين تجاوزا المدة الزمنية في مناصبهم، وهم: “المستشار الأمني لوزارة الدفاع الفريق مهند وتوت، تسنم منصبه قبل نحو 10 سنوات، الفريق محمد سعيد مدير عام استخبارات وأمن وزارة الدفاع منذ 12 عاما، الفريق حاتم المكصوصي، مدير دائرة الإسناد الهندسي والعسكري منذ 9 سنوات، اللواء الركن فياض العامري، رئيس هيئة استخبارات قيادة القوات البرية، موجود في منصبه منذ 14 عاما، اللواء الركن قاسم الجبوري مدير التخطيط في القوات البرية، ومضى على وجوده 12 عاما”.

ويكمل، أن “الفريق علي الاعرجي معاون رئيس أركان الجيش للميرة، ومضى على وجوده بالمنصب 5 سنوات، الفريق عبد المحسن العباسي قائد عمليات صلاح الدين، ومضى على وجوده 5 سنوات أيضا، بالإضافة إلى مدير إدارة المراتب في وزارة الدفاع، الذي مضى على وجوده بالمنصب 8 سنوات”.

أما بالنسبة لوزارة الداخلية، يؤكد المصدر، أن “قائد شرطة الأنبار مضى على وجوده بالمنصب 9 سنوات، ومدير عام دائرة العلاقات والإعلام تسنم منصبه منذ 6 سنوات، وقائد شرطة كربلاء، ومدير عام شؤون وزارة الداخلية تجاوزا السقف الزمني أيضا”.

وكانت “العالم الجديد”، قد سلطت الضوء في تقرير، تم نشره في 7 كانون الأول يناير الماضي، على زيادة التدخل السياسي في المؤسسة العسكرية والأمنية، وكيف تسبّبت بتعطيل بعض القرارات على مستوى القيادات العليا.

يذكر أن تغييرات كبيرة جرت في وزارة الدفاع مطلع العام الحالي، وتم تنفيذ معظمها على أساس تقاسم الحصص بين الكتل السياسية، حيث تم تغيير مناصب القادة وليس إحالتهم للإمرة أو التقاعد، حسب ما كشفت “العالم الجديد”، وقد طالت التغييرات في حينها مناصب نائب قائد الدفاع الجوي، قائد الفرقة 15، معاون مدير الاستخبارات العسكرية، نائب قائد الفرقة السادسة،  قائد عمليات غرب نينوى.

إلى ذلك، يبين الخبير الأمني العميد المتقاعد عدنان الكناني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “بقاء القيادات الأمنية في المناصب لسنوات طويلة، هو جزء من عمليات الفساد والتجارة ببيع وشراء تلك المناصب، وهذا أحد أسباب فشل العمل العسكري والأمني داخل الأجهزة الأمنية”.

ويرى الكناني أن “عملية الإبقاء على قائد عسكري أو أمني لسنوات طويلة ببعض المناصب المهمة، يأتي بسبب أن هذا القائد أو ذاك له دعم وحماية من قبل الكتل والأحزاب المتنفذة، ولهذا هي تعمل على بقائه بهذا المنصب من أجل تمرير وتمشية مصالحها السياسية والحزبية”.

ويضيف أن “إجراء تغييرات دورية في المناصب الأمنية والعسكرية أمر ضروري جداً، فهو من شأنه أن يقلل من الفساد في تلك المؤسسات الأمنية والعسكرية، إذ أن هناك قيادات بنت إمبراطوريات مالية بسبب الهيمنة على المؤسسات الحساسة لسنوات طويلة”.

يذكر أن المؤسسة العسكرية في البلد، تعاني من “ترهل الرتب”، بحسب وصف متخصصون بالأمن، نتيجة للترقيات والقدم الذي يحصل عليه الضباط بشكل مستمر ودوري، فضلا عن الاستثناءات بمنح القدم والترقيات، وهذا إلى جانب أن هذه الترقيات تتطلب إسناد مناصب جديدة للضباط المرفعين.

من جهته، يرجع الخبير العسكري أحمد الشريفي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، “بقاء بعض القيادات في المناصب الأمنية والعسكرية لسنوات طويلة، يؤدي إلى إدخال المؤسسة الأمنية والعسكرية، ضمن المحاصصة السياسية والطائفية، كحال باقي المناصب، التي تتقاسمها الكتل والأحزاب”.

ويضيف الشريفي أن “بقاء هذه القيادات دون تغيير تأتي بسبب الضغوطات السياسية أو عمليات الفساد، وكان هذا الأمر سببا رئيسيا في حدوث عدد من الخروق الأمنية والعمليات الإرهابية خلال الفترات الماضية، ولهذا كانت الجهات العليا تجبر على التغيير بعد حدوث كل حدث وخرق أمني”.

ويتوقع أن “أي توجيه يصدر بشأن ضرورة إجراء تغييرات في المناصب الأمنية والعسكرية العليا، لم يطبق على الجميع، فالضغوطات والتدخلات السياسية، ستكون واردة وبقوة، خصوصاً أن هناك قيادات لهم حماية سياسية، ولهذا لا يمكن تغييرهم، بسهولة”.

وغالبا ما تثار ملفات فساد في الوزارات الأمنية، سواء الدفاع أو الداخلية، ويجري اتهام ضباط كبار بها، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء بحقهم، باستثناء النقل، وفي حالات نادرة.

من جهته، يفيد عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية كريم عليوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “إجراء عمليات تغيير بشكل دوري في المناصب الأمنية والعسكرية أمر ضروري جداً، وهناك توجيهات صارمة بهذا الخصوص من قبل القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني، وهذا التوجيه يأتي ضمن عملية الإصلاح والتغيير في المنظومة الأمنية”.

ويبين عليوي: “أننا في لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، سنراقب ونتابع تطبيق توجيهات القائد العام للقوات المسلحة بضرورة إجراء تغييرات دورية في المناصب الأمنية والعسكرية، وسنعمل على الدفع نحو اختيار شخصيات مهنية وكفوءة، بعيدا عن أي مجاملات سياسية أو غيرها”.

ويشدد عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية على “ضرورة إبعاد المؤسسة الأمنية والعسكرية عن أي تدخلات سياسية، وهذا الأمر أكد عليه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ويحظى بدعم كبير من قبل الكتل والأحزاب المنضوية في ائتلاف إدارة الدولة”.

وكشفت “العالم الجديد” عن تقرير نيابي “خطير” قبل أيام، حول شبهات فساد بقبولات الكلية العسكرية، ومزوَّد بتفاصيل دقيقة عن أماكن اجتماع الضباط الذين اتهمهم التقرير بأخذ الرشى لقبول الطلبة، ما دفع خبراء بالأمن إلى التأكيد أن هذا الفساد بالقبول سينتج ضباطا فاسدين أيضا، وهو ما أدى لظهور قوات غير قادرة على القيام بمهامها بشكل صحيح.

إقرأ أيضا