تضليل وخفايا.. الغاز الإيراني يكشف الدعم السياسي و”الفقر” الاقتصادي للعراق  

محاولات تضليل وخفايا عدة كشفها متخصصون بالطاقة في ما يخص استيراد العراق للغاز الإيراني لتشغيل…

محاولات تضليل وخفايا عدة كشف عنها متخصصون بالطاقة حول استيراد العراق للغاز الإيراني من أجل تشغيل محطات الكهرباء، حيث أشاروا إلى أن الحديث عن مضاعفة الاستيراد إلى 40 مليون متر مكعب، يعد أقل من الكمية التي نص عليها العقد المبرم مع طهران، والبالغ 50 مليونا، وفيما أكدوا أن العراق غير قادر على خزن الغاز لموسم الصيف المقبل، بينوا أن إيران ربما لن توقف ضخ الغاز هذه المرة في الأشهر المقبلة، لعدم إحراج الحكومة المشكلة من قبل حليفها الإطار التنسيقي.

ويقول الخبير في الشأن النفطي حمزة الجواهري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “العقد بين العراق وإيران ينص على إرسال 50 مليون متر مكعب بشكل يومي، وما ذكر عن إرسال إيران بين 30-40 مليون متر مكعب هو أقل مما متفق عليه، ووصل الأمر بأن تعطي لنا إيران فقط 10 ملايين متر مكعب فقط، مع أن المفترض وفق الاتفاق الرسمي هو إرسال 50 مليونا”.

ويبين الجواهري أن “الكمية المرسلة من الغاز، يستخدمها العراق بشكل مباشر ويومي، بل هو يحتاج أكثر من تلك الكمية لتأمين تشغيل كافة المحطات الكهربائية، فالغاز لا يمكن خزنه إطلاقاً إلا عبر طريقتين، والعراق لا يملكها كحال الكثير من الدول، والطريقة الأولى عبر تبريده في خزانات بدرجة حرارة ناقص 168 مئوية، والطريقة الثانية، عبر تذويب طبقات ملحية في الأرض من خلال حفر آبار على طبقات ملحية، وخزن الغاز بهذا التجويف، لكن الطريقتين غير متوفرتين”.

ويضيف الخبير في الشأن النفطي: “خلال فصل الصيف ممكن أن تعود إيران لتقليل كمية الغاز المرسل للعراق، وهذا بسبب زيادة حاجة إيران للغاز، ولهذا هي تقلل من إرساله من أجل استخدامه محلياً”، لافتا إلى أن “حل هذه المشكلة التي يعاني منها العراق يكمن في استثمار الغاز في الحقول العراقية، لأن هذا الأمر سوف يجعل العراق مكتفيا بشكل كامل”.

وكانت وكالة “مهر” الإيرانية، ذكرت قبل أيام أن الصادرات الإيرانية من الغاز الطبيعي إلى العراق، ارتفعت بشكل كبير في شهر نيسان أبريل الماضي، لتصل إلى 30- 40 مليون متر مكعب، وذلك نقلا عن شركة “MEES” المتخصصة بتحليلات النفط والغاز الإقليمية.

وبحسب تقرير الشركة، فإن إمدادات الغاز الإيراني إلى العراق ارتفعت ثلاث أو أربع مرات خلال الشهر الماضي، مقارنة بالأشهر الأولى من العام الحالي.

يشار إلى أن وزارة الكهرباء أكدت في تشرين الأول أكتوبر الماضي، عبر مسؤول فيها لـ”العالم الجديد”، أن العراق يستورد (آنذاك) من إيران 20 مليون متر مكعب من الغاز يوميا من أجل تشغيل محطات الكهرباء، وبينت أن هذه الكمية غير كافية، ولهذا تكون هناك ساعات قطع للتيار الكهربائي في أغلب المدن.

وشهدت الطاقة الكهربائية في العراق، انطفاء تاما في ذروة فصل الصيف من العام الماضي، بعد أن بدأ تذبذبها في حزيران يونيو من ذلك العام وصولا إلى أيلول سبتمبر، على خلفية إيقاف إيران لتوريد الغاز وإيقاف خط تصدير الكهرباء، نظرا لحاجتها الداخلية.

وكان الرئيس التنفيذي لشركة الكهرباء الإيرانية، مصطفى رجبي مشهدي، أعلن منتصف العام الماضي، عن إيقاف تصدير الكهرباء إلى العراق، بسبب الحاجة الإيرانية لها، وذلك عقب تحذيره من عودة انقطاع الكهرباء في إيران، بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة استهلاك الكهرباء.

ومنذ العام 2003 ولغاية اليوم، لم تشهد الطاقة الكهربائية في العراق أي تحسن ملحوظ، وفي كل صيف تتجدد التظاهرات في مدن الوسط والجنوب، احتجاجا على تردي تجهيز الطاقة.

وكانت وزارة الكهرباء، كشفت مؤخرا، أن الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وقعت مع شركتي سيمنز وجنرال إلكتريك، ضمنت في مشروع موازنة عام 2023، ورصدت لها التخصيصات المالية اللازمة، وبمجرد إقرار الموازنة ستتحول الاتفاقيات ومذكرات التفاهم إلى عقود وعمل على الأرض.

وحاولت “العالم الجديد” الحصول على رد من وزارة الكهرباء، حول معلومات ارتفاع واردات الغاز الإيراني للعراق، وكيفية استخدامها وتناقضها مع العقد المبرم، لكن لم يجب المتحدث باسمها على اتصالات مراسل الصحيفة. 

من جهته، يؤكد الخبير في شؤون الطاقة كوفند شيرواني، خلال حديث لـ “العالم الجديد”، أن “الحكومة العراقية تسعى حالياً إلى تفعيل مشاريع استثمار الغاز المصاحب، وحتى في جولات التراخيص الأخيرة، كانت هناك عقود لها علاقة باستثمار الغاز، وهذا الأمر إذا ما تحقق فالعراق خلال الفترات المقبلة لا يحتاج إلى استيراد الغاز من قبل إيران، ولا حتى استيراد الكهرباء، فهذا الغاز ممكن أن يشغل جميع محطات الكهرباء”.

ويبين شيرواني أن “الهدف من زيادة إيران لإطلاقات الغاز للعراق، حتى ترفع مستحقاتها المالية قبل وصول العراق إلى مرحلة الاكتفاء بالغاز الطبيعي، فالهدف من هذه الزيادة تجاري، كما في الوقت نفسه له جنبة سياسية، كون الحكومة العراقية الحالية مشكلة من قبل بعض الأطراف القريبة من إيران وحتى لا تقع في الإحراج في ما يخص ملف الكهرباء خلال فصل الصيف المقبل، خصوصاً أن هذا الملف سيكون اختبارا أوليا لحكومة السوداني”.

ويضيف أن “هناك جهات في الحكومة العراقية الحالية والعملية السياسية في العراق، تعمل على مراعاة المصلحة الإيرانية، أكثر من مصلحة العراق، ولهذا ممكن لهذه الجهات العمل على إيقاف إو عرقلة مشاريع استثمار الغاز المصاحب من أجل عدم الوصول إلى مرحلة الاكتفاء، وهذا يدفع العراق إلى الاستمرار في استيراد الغاز من إيران، من أجل تحقيق أرباح مالية عالية لإيران على حساب العراق، خصوصاً أن طهران تبيع النفط لبغداد بأسعار أكثر مما تباع في السوق العالمية”

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، رعى في 16 من شباط فبراير الماضي، توقيع مذكّرة تفاهم مع شركة جنرال إلكتريك الأمريكية، لتطوير قطاع الكهرباء في العراق.

وتضمّنت المذكرة: أعمال صيانة طويلة الأمد ولمدّة خمس سنوات، لإدامة عمل وحدات إنتاج الطاقة التي تم تجهيزها من الشركة، إلى جانب زيادة كفاءة عمل وحدات إنتاج الطاقة العاملة حالياً من خلال تحديث المنظومات الملحقة بها، وإنشاء محطات جديدة لإنتاج الطاقة الكهربائية على مراحل تتناسب مع الوقود المتوفر والتمويل، فضلا عن إجراء الدراسات لاستغلال الغاز المصاحب وتنفيذ عدد من المحطات الثانوية سعة (400 و 133 كي في) مع ارتباطاتها في مختلف محافظات العراق.

ويعد العراق ثاني دولة بعد روسيا في حرق الغاز المصاحب، وذلك وفق تصنيف عالمي، وقد قدرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن العراق أشعل 629 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي، بسبب عدم كفاية خطوط الأنابيب والبنية التحتية لغاية الآن، مبينة أن هذه الكمية المحترقة من الغاز تكفي لإمداد 3 ملايين منزل بالطاقة.

يذكر أنه في شباط فبراير الماضي، جرى توقيع جولات التراخيص النهائية مع الشركات الفائزة بعقود جولة التراخيص الحدودية الخامسة، والمتضمنة تطوير 6 حقول ورقع استكشافية وهي: استكشاف وتطوير وإنتاج الرقعة الاستكشافية نفط خانة في محافظة ديالى وتمت إحالته إلى شركة (جيو جيد) الصينية، وتطوير وإنتاج حقل الحويزة النفطي في محافظة ميسان وتمت إحالته على الشركة ذاتها، وحقل السندباد النفطي في محافظة البصرة وأحيل لشركة (يو أي جي) الصينية.

إقرأ أيضا